أصل الكبث!



محمد مسافير
2017 / 9 / 28

الكبث سبب أساسي ومباشر في الهدر المدرسي، إذ أن أغلب مراهقينا ينفقون أكثر من 98 بالمئة من أوقاتهم في التفكير في الجنس، طاقتهم الذهنية يستلبها موضوع الجنس، ولو استطاعوا فعلا التخلص من هذه العادة، لو حققوا بعضا من الإشباع، لانطلقوا إلى شيء أهم بكثير، إلى الإبداع الحقيقي، نحو الإنسان المتفوق على إنسانيته!!
أتذكر وأنا تلميذ في الرابع ابتدائي، قامت إحدى التلميذات أثناء حصة دراسية بتسليم ورقة صغيرة لأستاذ اللغة الفرنسية مكتوب عليها "أحبكِ"، قالت إنها لا تدري من دسها على غفلة منها داخل محفظتها... وبسبب تلك الكلمة، أعلن الأستاذ حالة استنفار داخل القسم، وسكن الذعر التلاميذ جميعهم، مخافة أن تحيق التهمة بأحدهم... كشر الأستاذ عن أنيابه وأعلن عن سخطه ثم طلب من الجاني الاعتراف حتى لا يطاله عذاب أليم... وحين لم يبلغ قصده استدعى أستاذا آخر من قسم مجاور ليعينه على الإيقاع بالفاعل... سمع الأستاذ الضيف بالحادث فهول من الفعلة وتوعد المذنب بشر انتقام، واقترح مقارنة الكتابة المخطوطة على الورقة الحجة بخط تلاميذ القسم على دفاترهم المنزلية، وفعلا استطاعا اصطياد الجاني وحملاه على الاعتراف، وبعد تجريم فعلته تناوبا على ضربه أو بالأحرى على جلده قبل أن يرسلاه إلى سعادة المدير ليدلو بدلوه في الضرب والجلد... ثم أبلغوا أسرته بمضمون الجريمة حتى لا يفوته نصيبهما من العقاب..
عوقب التلميذ أشد عقاب، وأحس بالذنب عميقا، وكان عبرة لتلاميذ قسمه ولتلاميذ المدرسة بعد أن شاع جرمه...
لم يفلح التلميذ في دراسته، فقد غادرها مبكرا واتجه صوب مدينة طنجة ليشتغل في الحلاقة، وبعد أن قضى ما يزيد عن الأربع سنوات في مهنته الجديدة، استطاع بعض الوسطاء إقناعه بضرورة التجنيد مع مقاتلي داعش، فغادر البلاد إلى معسكرات الموت...
لقد مات إبراهيم في المدرسة، لقد قتله الأستاذان والمدير والأسرة مذ أن نفروه من الحياة، مذ أن أبغضوه في الحب... فالقلب الذي يتوجس من الحب، لن يسعى إلا خلف الموت... ثم يتساءلون: من أين جاءت داعش!
وأصل الداء يبدأ من البيت، فأغلبنا يفهم الأدب وحسن الآخلاق كأنهما أمران يستدعيان الحزم والصرامة مع بعض الغضب...
رجاء يا متزوجين، لا تتواروا حين تمارسون الحب، ثم تظهروا حين تمارسون الحقد...
تبادلا القبل وأنتم في حضرة الأبناء، تبادلوا الكلمات الجميلة، تعانقوا، ولم لا، مارسوا الحب في حضرتهم...
وحين تنوون الخصام، أوصدوا الأبواب، وتناقشوا كيفما شئتم..
لا تقلبوا الآيات... ثم تستغربون: لماذا يتعارك الإخوة والأخوات...