هروب من الوَجَع



وليد كريم الناصري
2017 / 10 / 14

عندما يسألونك عن حالك.... فتقول رغم توجعك: إنني بخير!!
هل هي إجابة مبهمة؟ أم أنك تكذب؟؟!
هل أنك ترى الوجع خير.؟! أم أنك لازلت بخير رغم الوجع.؟!!
أم إنها كلمة تكابر بها على جراحك وما بداخلك..؟!!
أم إنك ترى الله:هو سبب لما أنت عليه! فتخاف سطوته فتقول: بخير!!
أم أنك تتوقع يوماً أسوأ مما أنت فيه! فيكون خيراً من مما سيأتي..؟!!
كلمة نتفنن بمخارج حروفها، رغم تفنن الألم والوجع بمخارج أرواحنا!
للقلب عاطفة أوسع من محيطه، وللفكر طموح أكبر من خلاياه!
ولكل نفس هوى ولذة ..! ولكل إحساس فراغ وشعور..!
ولطالما يحاول الأحساس بالنفس أن يملأ فراغه بالهوى!!
للحصول على الشعور باللذة ..
ولا ندري .. نعم لا ندري
ذنوب نطمح بالزمن أن يرجعنا إليها ..!
وتوبة نتوق بالدهر أن يوصلنا بها..!
ولازلنا لا نعرف ما نريد!
سوى إننا نتوجع, ونتوجع, ونتوجع
ولم نصل الى فهم ماهية جراحنا! أو نشخص ما سنكون بعد إن نفهمها!
فنقول دائما رغم الوجع ( إننا بخير )..!
هل بخير لأنه لم يعد هنالك من نثق به؟
هل بخير لأن هنالك من ترك طعنة خيانة بين جوارحنا؟ ليرحل من خلف سحاب اللامبالاة.!
هل بخير لأننا بدأنا نعيش بعيداً عن الأخرين! ونقلص فرص معرفتنا في المجتمع؟؟!
هل بخير لأننا بدأنا نفقد الثقة حتى مع أنفسنا .؟!
هل بخير لأن حياتنا باتت تُكثر من الأيمان المغلظة والمقدسة؟ في سبيل الأطمئنان في تعاملنا فيما بيننا!
هل بخير لأنه لم يعد هنالك مكان لدفن أسرارنا؟!
هل بخير لأن أخاك يطمع بما تملك! وصديقك يطمع بما فيك، وحبيبك يطمع بالاثنان ؟!
هل بخير لأن الطفل صار يتمنى بأن لا يولد! والشاب بان يموت! والكبير بأن يرحل..؟!
هل بخير لأن الليل صار سلطان يقلب أوجاعنا بمخصرة العيش والمشقة في طلب القوت..؟!
هل بخير لأننا بدأنا نفقد الصدق قبالة التمويه والرجولة قبالة الذكورة والأنوثة قبالة التعري والتسامح قبالة التباغض، والحياة قبالة الموت!
هل بخير لأننا فقدنا مواسم هطول الدمع! نبكي لنحزن ونبكي لنفرح ونبكي لنبكي ونبكي لنضحك!
هل بخير لأننا نسير بخطوات مبعثرة بالكاد نستجمع فيها أطرافنا من شدة الهموم!
إذا ما كان الخير هكذا مأكول عصفه، مسجول بحجارة الوجع ..
ورحنا نبحث فينا فلم نجد في رياض أنفسنا إلا أثار أقدام فيل أبرهة الوديع!
فلماذا ما زلنا وإلى اللحظة متمسكين بدنيا؟ قصورها زاهية متوجعة وأنقاضها متشظية باكية..!
نلهث وراء خمارها ونطلب تعريها! نشرب نخبها ونصلي في نواديها!
تناقض بحجم الأفق الذي أمام أعيننا وبعدد ذرات الهواء التي تُطرينا وبغزراة الدمع الذي تنزفه أوجاعنا..!
هل خُلقنا من أجل التسلي بعذاباتنا.؟! أم أن الله يحب أن ينشغل أمره بنا؟!
لبواطن حكاياتنا جنود تبحث عن ثورة، ولكننا الى اليوم لم نؤمن بفكرة أن يبعث الله نبي من أنفسنا..!
فما يميزه عنا ..؟ وما الذي يقويه فينا..؟ أوليس فلان أو فلان أولى بنبؤتنا وقيادة ضمائرنا!
تركنا موسى وحده يقاتل وسرقنا خيزران عصاه ورحنا نبحث عن عصا بهيئة الأفعى!
لأننا قوما لا نؤمن بأنفسنا بقدر ما نؤمن بالمعجزة أو الخرافة!
لانختلف كثيراً ..
هم هجموا على الحسين بالسيوف ونحن هجمنا عليه باللحى .!
هم قطعوا رأسه ونحن قطعنا أسمه ..!
هم سلبوه ثيابه ونحن سلبنا وقاره..!
هم صلبوا جسده ونحن صلبنا ثورته..!
أما كفانا نفاق ووجع وكذب..؟ وضحك على أنفسنا!!
أما كفانا بكاء وتحامل ..؟ وتملق لدموعنا وأمانينا !!
أما حان الوقت لنسترجع من عنق السامري أموالنا؟؟
أما حان الوقت لنُرجع تفاحة أدم للشجرة..؟!
أما حان الوقت لنضع الواح نجاتنا بيد نوح.؟!
أما حان الوقت للننفخ في نار إبراهيم فنطفأها..؟!
أما حان الوقت نبحث لنعرف لعيسى رب لا أب ؟
أما حان الوقت لنعرف من كسر رباعية محمد ؟؟
ألم يبقى شيء من فاكهة مريم ؟
ألم يبقى شيء من جريش طعام فاطمة ؟
هل سنبحث عن هذا ..؟
أم سنستسلم ونجلس مع ألامنا نندب حضنا العاثر بين خلجات أنفسنا؟
نقرأ في كل عام: (( ويل لكل أفاك أثيم ))
وعندما يأتي من يسألنا عن حالنا نقول أفكا: نحن بخير...!!!