ملكة جمال العراق لعام 1947



نعيم عبد مهلهل
2006 / 2 / 20

لازالت أتذكر كلمات ( كريس كيلي ) أميرة موناكو المتوفية والقائلة : إن الغاية من أختيار ملكات الجمال لمدن هذا العالم ، القصد منه إظهار مدى صفاء مرايا هذه المدن .
تذكرت كلماتها وأنا اتامل صورة قديمة لملكة جمال بغداد لعام 1947 .
تصوروا روعة الأمر . بغداد كانت في أوائل القرن العشرين تختار لحلمها ملكة لتبرهن على صفاء مراياها التي صنعت من قلوب أهلها والعراق كله من أهل بغداد .
من يتأمل صورة ملكة جمال بغداد وتدعى ( رينيه دينكور ) وربما هي الآن تحتفظ بشيخوخة المنفى أو ذهبت إلى جوار خالقها أو في كرادة مريم بغداد لا تفرق مسامعها الهرمة بين صوت البالونة وصوت المفخخة . يرى حسنا بريئاً لطباع بريئة . يرى زمنا (نحن بعيدون الآن عن السياسة ) نقيا مبتسما متمدنا وجميلا .
فكل الأمر إن منشط كهذا ( أن تختار جميلة سنوية لمدينتك ) يعبر عن ذوق لإستشراق حالة : أن الله خلق المرأة لتجمل فينا الكون ولنجعل من سحرها وطهرها وابتسامتها دافعا للقضاء على كل مظاهر التعصب والخوف ونوازع التكفير والسحت الهائل الذي بات يجتاح عالمنا مثلما اجتاح توسينامي صرائف جنوب شرق آسيا .
من يتامل وجه ( رينيه دينكور ) التي يدل اسمها على إن جمال العراق بوحدة طوائفه أنى كانوا . واقصد كل ساكنيه منذ هجرة أبناء سام إليه ليكونوا وطنا مصنوعا بمجاديف سفينة نوح وصوت قيثارة شبعاد ، وربما كانت ملكة العام الذي بعده من غير طائفة وملة ..وهكذا دواليك . كانت بغداد تختار لها كل عام ملكة لتبرهن للعالم إنها ليست اقل تحضرا من القاهرة وبيروت وباريس وروما .
ولا ادري متى انتهت هذه الظاهرة( الحلوة ) . ولكني منذ طلقت المدفع المتبادل على حدودنا الشرقية في الثمانينات حين صار العراق يصنع شهداءه وضحاياه بالجملة لم اسمع بان بغداد اختارت لها شبعادا جميلة توشحها بلقب أن تكون أميرتها . وأخاف أن نستمر في اللاسماع .
لأن الجمال هو صناعة الله وأكثر بضاعة رائجة في أسواق القلب . نحتاج إليه اليوم بأي مظهر مسالم ليوحد فينا بلدا تعصف به رياح الشرق والغرب . بلد تعب من أزمنته الحربية القديمة وينهض اليوم ليصنع وجوده من رغبة حقيقية أن يكون ملك جمال مدن الشرق الأوسط .
فمتى نختار لمتعة قلوبنا وأرواحنا وأمننا ملكة جمال بسحر ملكة جمال بغداد لعام 1947 ؟


أور السومرية 19 شباط 2006