افعلها ثانية، وبشكل سليم



نادية خلوف
2017 / 11 / 29

في بعض الأحيان كنت أشك بنفسي عندما أحضر جلسة ما، ويتمّ فيها تبادل النكات الجنسية، فهي ضمن الثقافة السورية، وكنت أشعر بالإهانة، فيأتيني الجواب مما أرى أن المجتمع قد تغير، وأنا أصبحت خلفه. كما أن الكثير من الأصدقاء على الفيس يعلقون بشتائم جنسية على النظام أو المعارضة، وأستثنيها، وبعض الرجال من خفيفي الدم ينشرون صوراً فاضحة يعقبون عليها بتعليقات جنسية، وهو تحرش جنسي جماعي، وبعض النساء تضع إعجاباً وتعليقاً لهم. نحن والغرب قد نكون على طرفي نقيض، فالقيم لديهم لم تتبدّل، ويبدو أن قيم أمهاتنا كانت بنفس المستوى فطالما عملن على تنبيهنا من المنظومة الذكورية. الحريّة في الغرب تعني الموافقة من الطرفين على أيّ عمل يقومان به.
نحن كسوريات حتى لو ساندنا حملة مي تو فهي بعيدة عنا. لدينا أمور أهم من المرأة الغربية التي تتحدّث على الفضاء مباشرة وتدافع عن حقها. نحن نحتاج إلى حملات نسائية تتعلق بحضانة الأطفال، وحرية الزواج، وتغيير القوانين الخاصة بالمرأة والتي تجعلها في مجملها عبداً، أو ربما أقل حيث تذبح كالخراف.
مي تو بدأت بفكرة، ولم تتوقف الحملات بعدها، وكان تأثيرها في أوروباً رائعاً، فرغم التّشهير بالمعتدي يتم البحث عمّن كان يحميه، وقد تبين أن أغلب المعتدين ذوو سلطة في مؤسساتهم ومحميون من المؤسسة .
نحتاج لحملة ليس فيها اسم وطن، ولا قومية، ولا دين تشبه حملة مي تو. محايدة عن السياسة، وسياسية بامتياز، فالحملات النسائية المحايدة أتت بنتائج سياسية باهرة .
نادية خلوف
المقال للكاتبة مود إدواردز
أستاذ في العلوم السياسية
ترجمها عن السويدية: نادية خلوف
المصدر صحيفة أفتون بلادت . الصفحة الثقافية
مي تو هو شيء رائع. إنه عمل سياسي رفيع المستوى، انتفاضة جماعية مستقلّة لم نر مثل حجمها وقوتها من قبل ، وقد اندمجت آلاف النساء فيها، والنساء فقط في مجموعات مختلفة، تماما خارج النظام السياسي القائم على فكرة مبدأ جدول أعمال(الحزب)، وقد قامت تلك النسوة ببساطة بإضفاء الطابع السياسي على العنف الجنسي الذي يمارسه الرجال ضد النساء. ولكن ماذا يعني ذلك؟ وسوف نرى إذا ما كان هناك لعبة سياسية جديدة - ماذا يقولون عن الجنس؟
إن النساء في مجموعة ما يدركن أن التّهديد ليس بجديد. كما أن الكثير من التغيرات المتصلة بالسياسة في مجال الجنس هي أيضا نتيجة لمطالب المرأة المنظمة، ومن الغريب أنها ستكون كذلك، ولكن أريد أن أضع مي تو في مجال فهم السياسة على نطاق أوسع، وليس التفكير في المقام الأول حول الإجراءات والإصلاحات التي سوف تخرج من ميتو. لم تبحث ميتو عن شيء يتعين القيام به، ولم تنجح مي تو فما نجح ليس هو مي تو. بل الحملات التي تبعتها مثل:
#tystnadtagning, #visjungerut, #med vilken rätt, #imaktenskorridorer, #teknisktfel
والمناشدات التي تمت من خلال تلك الحملات كانت هي السياسة بعينها،وسوف أوضّح ذلك:
أولا، من خلال العمل الجماعي، تحصل المرأة على الترجمة الأولية لعملها، وتذهب للعمل السياسي في كلمة "نحن". النساء ومن خلال مناشدتهم يفعلون شيئا من ضمن مسؤوليتهن نفسها، ويخلقن مساحة للعمل لأنفسهن، ولغيرهن من النساء. وهم يشهدن بأنهن حتى لو كنّ ضحايا، فإنّهن يعملن كفاعلات .رسالة النساء هي:
"كرر وصحح". لا نريد أن نكون ضمن النظام الجنسي السائد. ولا تطالب النساء بامتيازات الرجال. بل على العكس من ذلك، فإنهن بالتأكيد يقلن لا لنظام يستغل بلا خجل إذعان المرأة. لم تكن الأحداث بعيدة عن قوة عملهن. هنا يُمارس التضامن كسلطة سياسية.
ثانياً: إن المناشدة الجماعية المستقلّة للنساء تعني أنّ الطّرف الآخر في العلاقة الجنسيّة يدعى: الرجال الذين يعرضون النساء للتحرش الجنسي والعنف الجنسي، فضلا عن الرجال الذين يسمحون بذلك العنف والتّحرش، ويظهر الرجال كمرتكبين لذلك حيث أنهم يشكلون 97 في المئة من جميع أشكال العنف في المجتمع. يضطر البعض الآن إلى تحمل مسؤولية أفعالهم. قد يخاطر البعض أو قد يشعرون بأن أفضل شيء ينتظرونه هو الطرد من العمل، أو الإستقالة ومن المرجح أن يعاقب على إساءة المعاملة، قانونيا ،اقتصاديا ،واجتماعيا، إن لم يكن هناك أمر آخر. وتبدأ الحماية المؤسسية التي يمكن للرجال الاعتماد عليها تضيق. وكانت المثلية الجنسية قد وصلت إلى حد الألم.
تم كشف النقاب عن هيكل أبوي يتخلل جميع المؤسسات المركزية في المجتمع. كما توضح سارة أحمد أن ما يتم في الحياة النسوية: " عندما يغتصبك رجل فإنّه يعطي ترخيصاً للاغتصاب. لهذا: يكون هناك بنيّة هيكلية، ويصبح للعنف ما يبرره على أنه طبيعي ولا مفر منه: إنه الهيكل العام . وحتى لو كان رجل وبشكل شخصي ليس له علاقة بذلك ، إلا أن مناشدة النساء المستقلة تشير إلى أن مجموع الرجال قد أصبحوا كطرف في علاقة جنسية ممنوعة، أو عمل ممنوع. الآن يوجه الضوء الكاشف الموجه على النظام الاجتماعي الأساسي للجنس – وتعريته.
قبل خمسة عشر عاما، كتبتُ كتابا بعنوان "العمل المحظور"، بعنوان فرعي "تنظيم العمل النسائي ،والنظرية النسوية". وفي ذلك الكتاب ، عبّرت ببساطة أن جوهر القاعدة الذكورية هو عدم الاعتراف بالرجال بوصفهم فئات سياسية. وبغية أن تسود هذه القاعدة، لا يمكن للديمقراطية الليبرالية أن تكون مكانا للاجتماع لمناقشة نوع الجنس والسلطة.
المشكلة، كما يقول الفيلسوف الفرنسي جينفييف فرايس كتب في صحيفة "لا سيكسواتيون" قد تعتقد أن الديمقراطية محايدة. ولكنّها لا يمكنها التعامل مع الفئات الضعيفة وتمييزهم في المجتمع إلا بكونهم أفراداً.
الديمقراطية تنادي فقط بالمساواة ، أي أنه ينبغي أن يكون في هذه الحالة مساواة بين الرجل والمرأة. ولا يمكن التعامل مع العنف الذي يمارسه الرجل ضد المرأة على المستوى البنيوي، وهو أمر واضح في هذه الأيام.
تقول كارول باتمان المتخصصة في العلوم السياسيّة أن مي تو يقوي فكرة الفرضية التي قدمتها في كتابها العقد الجنسي، و أنه بموجب العقد الاجتماعي المبرم بين الأفراد الذين من المفترض أن يكونوا متساويين، ينص عقد الجنس على أن النساء يجب أن تكن متاحات للرجال. تتعلق الحملات حقا بهذا العقد المتعلق بنوع الجنس، وهو عقد لا يكاد يواجه تحديا من جانب الديمقراطية الليبرالية أو سياسة المساواة بين الجنسين الرامية إلى تحقيق التوازن بين الجنسين. حاولت وزيرة المساواة أوسا ريجنير طرح أمر شجاع في صحيفة "سفينسكا داغبلاديت في العشرين من نوفمبر للضغط على خطاب المساواة بين الجنسين، لكن ذلك قد لا يضمن توزيع الجنسين بشكل عادل حتى في البرلمان بعد الانتخابات. أو حتى الاعتقاد بأن التمثيل المتساوي، يمكنه ضمان أن الديمقراطية تعمل.
يتم توجيه الضوء الكاشفعلى النظام الاجتماعي الأساسي للجنس اليوم - في كل عريه، وإن تعرية، جموح الذّكور الجنسي، مثل الدفاع على أن ماقاله رجل كان نكتة وليس فيه " نية سيئة". إن خطاب وزير تكافؤ الفرص يعطي الأولوية "للحقوق السياسية للمرأة والرجل" لا يقف خارج قصص حملات مي تو. و قد جرى وضع الجنس، العنف، والسلطة على جدول العمل..