كتب اثرت فى حياتى بتوش الحلوة عزيز نيسين



مارينا سوريال
2017 / 12 / 10

انها المدينة بتقلباتها فى كتابات عزيز نيسين الذى عانى حتى تعلم ثم كتب واستطاع الحصول على مكانته فى الادب التركى الحديث
نُشرت رواية “بتوش الحلوة” للمرة الأولى على شكل حلقات في جريدة “الصحيفة الجديدة”، بعنوان “مدام عملة صعبة”، عام 1958، وأعيد نشرها ثانية في مجلتين تحت عنوان “البحث عن وريثة”، ليطلق عليها الاسم النهائي “بتوش الحلوة”، عام 1973، بعد إجراء تعديلات عليها ونشرها في جريدة باريس.

تبدأ الرواية بنص إعلان منشور في جريدة، عن مفقودة انقطعت أخبارها منذ أربعين عامًا، وهو إعلان نشره الشاب محمود يبحث فيه عن عمته، بعد أن أصبحت الوريثة الوحيدة لثروة ضخمة.

انها رواية ساخرة من السسياسين واصحاب التوجهات التى تهتم بالمصالح الشخصية وليس مصلحة البلاد..والشباب الى يعانى من دون امل والتحزبات التى عليه الانضمام اليها
وامراة استطاعت اغواء الكل انها الشهوة ولامال والتمرد اسقطعت اقنعة وباتت تعلم الكثير وماتت زاهدة لاتبالى باى شىء سوى اطعام قططها
بطلة الرواية بتوش، بتول، وردة، وأسماء وكنيات أخرى، ذات المهن المتعددة تعدد أسمائها، فهي أميرة، مهربة بضائع، بائعة هوى، وراقصة، وأشياء أخرى.يفاجئ ذلك كله محمود في رحلة بحث يلتقي فيها بعشرات الأشخاص من أصدقاء وأزواج عمته، ليتكشّف لنا جزء من معالم شخصيتها مع كل لقاء جديد.

بعد طفولة معذبة لطفلة يتيمة متبناة تعرضت للاغتصاب والضرب، تعيش بتوش حياتها العابثة والماجنة كانتقام من المجتمع، بمحاولة منها ألا تكون وحدها من يسقط، وإنما أن تسقط معها قيم المجتمع المخملي الذي تجتهد في إذلال أفراده والسخرية منهم بشتى الطرق.


“أن تعيش الشعر أجمل بكثير من كتابته”

“لم تبتكر العطور لإخفاء الروائح الكريهة، وإنما ابتكرت لترش على الأجساد النظيفة”

“إنه لا معنى من هروبنا من المحيط الذي نحن فيه، لأننا على كل حال لن نتمكن من الهروب من أنفسنا ما دمنا نأخذ أنفسنا وذكرياتنا إلى كل مكان نذهب إليه”.
بتوش او بتول او وردة و اسماء وكنيات اخرى لسيدة واحدة هى أميرة و مهربة

بضائع وبائعة هوى و راقصة تعرى


هى وريثة

لعشرين مليون ليرة او ربما دولارا

كثيرا هى اللقائات التى جمعت هذا القريب باصدقاء قدامى او ازواج سابقين للعمة بتوش

حياة صاخبة مليئة بالاحداث


من فتاة يتيمة فقيرة ومعدمة الى

سيدة مجتمع استثنائية تتحكم بالجميع وتلهو بهم كيفما تشاء

وتعيش حياة عابثة وماجنة وتسقط الى قاع الوحل وهى فى هذا السقوط لا تسقط وحدها وانما تسقط معها قيم المجتمع المخملى والطبقة الراقية التى تفننت فى اذلال افرادها والسخرية منهم بكل الطرق


فاستطاعت بجمالها ترويض واستئناس أكثر الرجال سطوة وقوة

فركعوا باسم الحب تحت أقدام هذه المرأة الفاتنة
و
تستغل سحرها وجاذبيتها لتحقق طموحاتها

يرسم نسين شخصية اقرب للاسطورة منها الى الحقيقة فى بطلة الرواية بتوش

فهى امراة لا تقهر ولا تضعف لا تحب او تعشق احدا

فيقضى عليها هذا الحب

اشبه بجميلات القصص والاساطير

فى سطوتها وجمالها

استلهم نسين سالومي ورقصة الاغلال السبعة فى رسم ملامح البطلة وشحصيتها


هل هى ضحية ام جانية


يترك لك الكاتب ان تحدد ذلك بنفسك


هى اقرب لطفلة دمرها اليتم والفقر والعوز والاغتصاب والضرب المبرح المستمر

الذى ادمنت ان تتلقاه

من جميع ازواجها فى تلذذ واستمتاع

فاصبحت كائن مريض لا يشبع من الانتقام

ويدمر كل من حوله الى يدمر نفسه فى اخر الامر


"

اذا عدت ووجدت بيتى وقد احترق تماما واستحال الى رماد لن اشعر باى اسف فذلك لا يهمنى فى شىء ليس لاعتقادى اننى ساعيد بناءه عدة مرات ولكن
ليس هذا هو السبب
السبب هو اننى لا ارغب بالتمسك بشىء لا ارغب ان اتمسك بالاقمشة و الخرق و الذهب و المعادن و الاخشاب ما اشد ياس المرء و هو يتهدج فى الفراغ السديمى الذى يحتوينى واتدحرج ساقطة فى اغواره
لا قيمة لاى شىء فى نظرى

"

الرواية هى نقد لاذع وساخر لمجتمع الطبقة المخملية فى تركيا فى ذلك الوقت

من رشاوى وفساد وتدنى وانحلال اخلاقى

نشرت الرواية لاول مرة عام
1958

"
كيف اشرح لك الامر؟
فى لندن مثلا من الصعوبة بمكان اكتساب عضوية نادى من النوادى الاجتماعية ان عضوية المجتمع عندهم يتم توارثها ابا عن جد اما عندنا فمهزلة كل من امتلك شيئا من مال او شهرة كل من هب ودب يتسلل الى ذبدة المجتمع وكانه يدخل مقهى ثم يمر بعض الوقت تسوء احوال محدث النعمة فيطردونه كالكلاب
خلاصة القول يا سيدى ان مجتمعنا الراقى مثله مثل كل شىء عندنا

"


"صحيح ان وجهاء هذه الايام يبنون بنايات اشبه بالقصور الا انهم يدفعون اموالهم فى مقابل ذلك اما كبار تلك الايام فلم يكونوا يدفعون قرشا من اجيوبهم ولا من اموال العامة بلعبة سياسية صغيرة كانوا ينالون القصور من الاجانب فليناموا فى قبور من نور
"

"من هن البنات اللواتى يسموهن (حسناء الحارة)؟
انهن بنات الاحياء الفقيرة اللواتى يحاولن تقليد منتجات صناعة البنات فى الوسط المخملى"


"لماذا تكون الحشرات التى تعيش بين الاعشاب خضراء اللون فى حين ان الحشرات فى المناطق الصخرية تتميز بلونها الداكن؟

الانسان هكذا ان اكلت القشدة تصبح مثل القشدة
رجال الدين ياخذون شكل طناغر البرغل بسبب كثرة ما ياكلونه منه"


"

الم تسمع ذلك؟
ان تنشئة البنات بالطريقة التى تتيح لهن الزواج من رجال اثرياء اسمها صناعة البنات

ان كل ام هى المدير الفنى لابنتها وهى تسعى للحصول على زبون غنى لابنتها وفى سبيل ذلك تربيها بطريقة ترضى ذوق الزبون الذى يدفع فيها اكثر
راقب طريقتهن فى الوقوف فى الجلوس فى الضحك فى الابتسام فى وضع ساق فوق ساق راقب اشعالهن لسكائرهن من ولاعات الرجال راقب ايدهن واصابعهن حتى اصابعهن تنثنى بطريقة مختلفة انظر الى حنينهن لاعناقهن والتفاتات رؤوسهن واسبالهن لجفونهن انظر كيف كيف يمسكن بالمناديل او اطراف تنوراتهن انظر كيف ينقلن نظراتهن بين عينى وشفتى الرجل الذى يكلمهن
انظر الى دلعهن وغنجهن من المستحيل ان تكون كل هذه التصرفات عفوية"

عزيز نيسين (1915- 1995) اسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين من مواليد تركيا عام 1915 في جزيرة قرب استانبول واستخدم اسم عزيز نيسن الذي عرف به فيما بعد كأسم مستعار كنوع من الحماية ضد مطاردات الأمن السياسي في تركيا ورغم ذلك فقد دخل السجون مرات عديدة يعتبر عزيز نيسن واحد من أفضل كتاب ما يعرف بالكوميديا السوداء في العالم أو ما تسمى بالقصص المضحكة المبكية و المضحك المبكي في حياته انه وبرغم شهرته الواسعة في كل ارجاء العالم كمبدع فذ إلا أن بلده الأم تركيا لم تعطه من حقه سوى القليل توفي عزيز نيسن في تموز عام 1995

قالت عنه الاديبة و الاعلامية الجزائرية "هدى درويش" في حوار اذاعي أنه : "موليير الأدب التركي".


العلاقة بين عزيز نيسين وأمه تشوبها الدراماتيكية ، حيث تركت أثرها في مخيلته منذ كان طفلاً و سطرت منهجه الفكري بخطوط حزينة أخذت شكل السخرية السوداء الناقمة على التخلف البغيض و النفاق المستشري في المجتمع التركي آنذاك .. لقد جاءت كتابات “عزيز نيسين” عن أمه بقدر عظيم من التبجيل و الحب الذي وصل إلى درجة عالية من القدسية يتجلى ذلك من خلال منحها هالة ملائكية جميلة, فقد كانت هذه الهالة الملائكية المحفز القوي له في معترك كفاحه الطويل ضد قوى الظلام و الجهل و التخلف. ما بين المساحة الملائكية المقدسة التي أحاطها بها و ما بين قلة الحيلة و جلد الذات لتقصيره بحقها حيث الوقت الذي لم يسعفه كما ينبغي لكي يمنحها حقها كما يجب في زمن كانت المرأة فيه لا شيء سوى وعاء إنجاب.. يبدو جلياً حجم جلد الذات و الشعور بأن والدته ضحية مجتمع أهان كينونتها و إنسانيتها عندما قال نيسين “اعتدت تخيل أمي البالغة من العمر الثامنة عشر عاماً فقط وهي تطرز و لكن ليس بالخيوط الملونة، بل كانت تطرز بدموعها والنور المشع من عينيها. لكم تمنيت لو أعطي مقابل كل قطعة واحدة من تلك القطع التي طرزتها يدا أمي, كل كتبي وكل ما سأكتبه”.

لقد تجلى وضع “عزيز نيسين” أمه في الإطار الملائكي في سرده عن حادثة الزهور ، حيث يقول: “لم تكن أمي تستطيع القراءة ولا الكتابة. إلا أنها كانت سيدة غاية في رقة المشاعر والإحساس. إن كل الأمهات هن أفضل نساء العالم . وأمي، لأنها أمي، كانت أفضل امرأة في العالم.في إحدى المرات ، قطفت زهوراً من الحديقة وأحضرتهم لها . كانت سعيدة بتلك الزهور . قالت لي:” تعال ، دعنا نقطف المزيد” . ذهبنا إلى الحديقة التي بها أشرت إلى بعض الزهور. قالت لي:” أنظر، لجمال الزهور، إن تلك الزهور تعيش كما نعيش نحن أيضاً. إذا قطفناها تموت. إنها ستكون أجمل وهي هكذا واقفة على ساقها. ولن يبدو عليها الجمال وهي في كوبٍ زجاجي . كلما مررنا بكل زهرة كانت تخبرني:” أقتلها ، أقطفها لو أردت ذلك “. مهما تعلمت وما من شيء جيدٍ أعرفه، فأعزوه إلى أمي.

أما الغضب و قلة الحيلة و الثورة على التخلف و الجهل الذي عامل المجتمع التركي النساء فإنه تجلى في إحدى قصائده “نيسين” النادرة...

أنت الأجمل من بين كل الأمهات.. أنت الأجمل من بين أجمل الأمهات.. في الثالثة عشر كان زواجك في الخامسة عشر كانت أمومتك.. في السادسة والعشرين جاءت منيتك.. هكذا قبل أن تعيشي كم أدين إليك بهذا القلب المليء بالحب فأنا لا أملك حتى صورتك كانت خطيئة أن تكون لكِ صورةً فوتوغرافية لم تشاهدي الأفلام ولا المسرحيات ولم تشهدي الكهرباء ولا الغاز ولا الموقد الكهربائي ولم توجد أغراض البيت ومستلزماته لديك لم تسبحي في البحر يوماً لم تستطيعي القراءة ولا الكتابة ولكن من وراء حجابٍ أسود كانت عيناك الجميلتان تنظران إلى العالم. أتتك المنية وأنتي في السادسة والعشرين، قبل أن تعيشي من هنا أقول: لن تموت الأمهات قبل أن يعشن هذا ما كان عليه الأمر أما الآن فهذا ما يصير إليه الأمر. ” لكم تمنيت لو أعطي مقابل كل قطعة واحدة من تلك القطع التي طرزتها يدا أمي, كل كتبي وكل ما سأكتبه”.

ترجمة: أوزجان يشار



(كنت عسكرياً في قارص وكنت أكتب الشعر والقصص القصيرة، ولما كانت كانت كتابة العسكريين غير مستحبة استعملت منذ ذلك الوقت اسم " عزيز نيسين " المستعار، وصرت أنشر قصصي القصيرة بهذا الاسم في مجلة ( الأمة ) اليمينية ، التي كانت تصدر في أنقرة ، ثم صدرت هذه القصص فيما بعد عن دار ( الرجل الجديد )، أما أشعاري فقد كنت أنشرها منذ عام 1937 باسم وديعة نيسين في مجلة ( الأيام السبعة ) ، وبسبب سجني عام 1944 سُرحت من الجيش،فجئت إلى استانبول وعملت في مجلة ( Yedigün ) وكانت بداياتي الصحفية )

كتب في العديد من الصحف التركية ومنها ( الأراجوز والفجر) كما عمد إل إصدار مجلة أسبوعية خاصة به باسم ( السبت) لم تستمر أكثر من ثمانية أسابيع.
كانون الثاني/ 1946: تمكن بالتعاون مع الأديب التركي صباح الدين علي من إصدار جريدته الشهيرة ( ماركو باشا ) التي وصلت مبيعاتها إلى ( 60000 ) نسخة يومياً .
1946 :اعتقل بسبب مقالاته في الجريدة التي سبق ذكرها.
1947 :حوكم أمام محكمة عسكرية عرفية وحكم عليه بالسجن عشرة أشهر وبالنفي إلى ( بورصة ) ثلاثة أشهر ونصف بعد انقضاء المدة ، وذلك بسبب انتقاده في أحد مقالاته للرئيس الأمريكي هنري ترومان.
وأغلقت على إثر مواقفه هذه جريدة ( ماركو باشا ) مع اعتقال صاحبها عزيز نسين،فعاود إصدارها باسم ( معلوم باشا) وهكذا راح عزيز نسين يعيد إصدار المجلة مع تغيير اسمها في كل مرة يتم فيها اعتقاله و إيقاف الجريدة عن الصدور. :أكثر من فمن معلوم باشا إلى مرحوم باشا، ثم علي بابا، ثم باشاتنا، ثم ماركو باشا الحر ، وأخيراً جريدة مَدَدْ.


ا