الحجاب حرية شخصية



فؤاده العراقيه
2017 / 12 / 12

إحدى النساء تستفسر عن حقيقة الحجاب واصوله وتقول كان عندي فضول في فترة من الفترات بعد أن انتابتني شكوك في صحّة الحجاب وفحواه فحاولت أن ابحث عن كل التفاسير التي تخص الحجاب ومن وجهات نظر مختلفة ولكن الامور اختلطت عندي فسرعان ما توقفت عن البحث وتراجعت عن شكوكي تلك والسبب لكون العالم الإسلامي باجمعه متفق عليه, ولكن أحيانا اسأل نفسي يا ترى ما سبب كل هذا الجدل على الحجاب وهل يمكن أن تكون الأسس التي مشينا عليها خاطئة ولهذا نجدها متزعزعة وغير راسخة ؟وكذلك ما سبب رغبة البعض في نقد الحجاب ,اليس كل واحد حر في إختيار لبسه ؟
وأخيرا تقول أنا محجبة ولي قناعة بحجابي ومرتاحة به
(انتهى)
كثيرا ما نسمع هذه العبارة والتي تتعلق في حرية اللباس ومن ضمن هذه الحرية هي إختيار المرأة لتحجيب رأسها وأحيانا وجهها , ولكن في الحقيقة هو ليس هناك حرية مطلقا في إرتداء الحجاب وهذا القول (حرية الإختيار) يكرره المدافعين عن الحجاب كحجة لهم وهو خطأ جسيم أو مبرر واهي لكون من ارتدت الحجاب لم تكن ممتلكة لحريتها بالمطلق وذلك بعد نشأت في بيئة لا حرية لها بها بل هي وجدت مفاهيم جاهزة ومفروضة عليها أو لنقل أوامر وما عليها سوى تطبيقها حرفيا دون اي استفهام وفي حالة مخالفتها لتلك الأوامر فستكون نار جهنم بانتظارها (تخويف) وإن طبّقتها فستحصل على المكافئة وهي الجنة (تطميع) , هذا في أحسن الحالات وفيما لو تُرِك الخيار لها, وما بين التطميع والتخويف يعيش الغالبية في حالة صراع دائم يقتل لديه حرية التفكير ويجعله يتنكّر لذاته ولرغباته وبالتالي ستكون الحصيلة إنسان مشوه يرتدي قناعا سميكا يحجب به حقيقته , ولكن لو تصالحت هذه المحجبة والتي ارتدت حجابها طمعا بالجنة ,فلو تصالحت مع نفسها وتجرّدت من تلك المفاهيم ونفضت عنها غبار التلقين والقيود التي فرضوها على فكرها ,لعرفت حينها حقيقة الحجاب واسبابه والمعاناة المتأتية منه من خلال القيد الذي فُرض عليها بلا مبررسوى من حجج واهية وغبية ومنها شعرها الذي من شأنه ان يثير شهوة الرجل , ومن خلال النظرة الدونية لها والتي تتجسد بذلك الحجاب الذي يُثبت الفكرة القائلة بكونها مجرد جسد هو ليس ملكاً لها بل مخلوقا للرجل وعليها تغطيته ليبقى هذا الفحل يحلم بذلك الجسد فتنتابه اوقاتا شبقية هو بحاجة لها لكون حياته وغرائزه انحصرت بجسده دون عقله , وكذلك التعويد على هذا القيد يجعل المسالة طبيعية ومن ثم ستنقلب إلى عدة أو مجرد حمل ثقيل فوق كاهلها تتعود على حمله لكونه التصق بها دون أن تدري به.
البعض ومنهم هذه السيدة الحائرة ,عاشوا ولا يزالون ,في قمقم منغلق متوهمين بإن العالم كله يكمن في هذا المكان الذي وجدوا انفسهم به وهو المكان الوحيد الصحيح الذي يصلح للعيش فيه في هذا الكون الواسع , غافلين بضيق مكان عيشهم الذي ضيّق عقولهم وتفكيرهم وجعلهم يستسلمون لما موجود به فقط والسبب يكمن في الغالبية الساحقة التي سلكت هذا الطريق الذي وجدوه امامهم وتلك القيم التي لُقِنّوا بها فاقتنعوا بأنه من غير المعقول ان تكون الغالبية على خطأ وما يفكرون به هو الصحيح فيضطروا للإستسلام والرجوع لإدراجهم الآمنة حيث هالة من السكون تخيم على تلك الأدراج متوهمين السكينة وبصحة ممارسات الأغلبية الساحقة ووجوب السير من ضمن القطيع ,فليس بالضرورة أن يكون الحجاب صحيحا لكون العالم الإسلامي متفق عليه فقط لكون ليس من الضرورة ان تكون الغالبية على صح وخصوصا اثبتت التجارب فشل الحجاب وفشل مبرراته الواهية والغير مقنعة للعقول السليمة وما علينا سوى أن نبحث عن اصوله وجذوره والحديث يطول عن اسباب فشله .
علينا بالبداية أن نبحث ونقارن لنمتلك عقولا صحيحة قادرة على الاختيار لا ان نقتدي بالجموع ونمارس ذات الطريق التي سلكتها تلك الجموع التي سارت عليها من قبلنا , ولو كانت تلك الأسس التي مشينا عليها صحيحة لما كانت هناك مشكلة ولما صار هذا الجدل حول الحجاب, ولا زلنا نتجادل به ونتجادل وتتفاوت الآراء ما بين مؤيد ورافض ,في الوقت الذي به تجاوزته البلدان المتقدمة منذ زمن بعيد والتفتوا لتعمير بلدانهم , ولكون الصحيح يفرض نفسه دوما فعلينا ان نستخدم فطرتنا وما تمليه علينا تلك الفطرة , وفطرتنا تقول بمساواة الجنسين معا في جميع الحقوق وليس هناك فوارق سوى تلك التي وضعوها ,ومن ضمن تلك الفوارق هو تغطية النساء من خلال فرض الحجاب عليهنّ بالتخويف تارة وبالتطميع تارة أخرى .
الوصول للحقيقة يتطلّب منّا المزيد والمزيد من البحث فلا حقيقة تأتي بطبق من ذهب أو نتصور بإننا قد امتلكناها فقط عن طريق التوريث لكون الحقائق متغيرة دوما وما علينا سوى أن نبحث عنها لنستطيع ان نكون احرار ومن ثم نصل لهذه الحرية التي تُمكننا من الاختيار , حينها سوف لن يكون هناك اختيارا للحجاب عندما يكون العقل حر خالي من تلك التأثيرات الممارسة ضده من تخويف تارة وتطميع تارة أخرة وغالبا ما يكون إكراها .
علينا ان نمارس ما يتلائم مع عقولنا الحرة دون قيود ولا تخويف ولا طمع في مكافئة , ولو أعطينا مساحة من الحرية الحقيقية للنساء تركناهنّ دون تلقينهن منذ الصغر ودون تخويفهن لما ارتدت واحدة منهنّ تلك الخرقة البائسة لكونها تشويه لطبيعتهن ولحقيقتهنّ وهي عملية تمييز بينهنّ وبين الرجال واعتراف صريح بكونهن مجرد جسد .