رسائل إلى النساء .. الثالثة ..



هيام محمود
2017 / 12 / 16

الثالثة ستكون قصيرة وستُشكّل تمهيدا للرابعة , أرجو ألا تضجري من رسائلي فسأكتبُ لكِ الكثير , وأرجو ألا تستغربي لأنكِ لن تجدي أيّ اِمرأة في هذا المكان ستخاطبكِ كما أفعل ولا حتى الرجال !

كتبتُ آلاف الرسائل منذ طفولتي وإلى الآن , بلغات أخرى أجمل بكثير من العربية لكن لا يهمّ ؛ سأُحاول أن تكون رسائلي "جميلة" بالعربية أيضا , وأرجو أن تُفهم فلا تُسبّب لي ولقارئتها "مشاكل" .. أذكر رسالة كتبتها عندما كنتُ صغيرة سبّبتْ لي "مشاكل" كثيرة وعبرها "إكتشفتُ" وجود عالم المثليات والمثليين , منذ ذلك الوقت وإلى الآن و "شبهة" المثلية "تطاردني" .. طلبتْ معلمة الفرنسية منّا أن نَصف حبّنا وامتناننا لشخص ما نحبه : أب ، أم ، أخت ، أخ ، صديق ، صديقة إلخ .. أيّ شخص . فكان إختياري عليها هي .. كنتُ أكره الفرنسية والعربية وأحبّ اللغات الأخرى أكثر , لكن مع تلك المُعلمة أحببتُ الفرنسية فأردتُ أن أصف إمتناني لها في تلك الرسالة التي كتبتها بطريقة ظننتها "جميلة" وسـ "تفهم" منها قصدي .. مُعلمتي , لكنها وبعد قراءتها طردتني من الفصل وبعد ذلك طلبتْ مقابلة أمّي لتُعلمها أن إبنتها "مثلية" .. في الرسالة تخيّلتُ نُفوري من لغة جميلة كالفرنسية غرقا وضياعا وكانت تلك المعلمة كـ "الفارسة" التي أنقذتني من الهلاك وأهدتني حياة جديدة .

أنتِ , الآن .. تستطيعينَ أن تري رسائلي مثلا .. وكأنكِ تجلسينَ بجانب البحر وحيدةً فجلستُ بجانبكِ وشرعتُ في الكلام , أو أنتِ وحبيبكِ في مكان جميل فقدِمتُ و "خطفتكِ" .. منه .. للحظات / أو حبيبتكِ وسيكون "خطفكِ" منها أجمل عندي : تلك البدوية ! .. أستطيع أن أكتبَ عن المرأة "مباشرة" كما يكتبُ الجميع , لكني في الحقيقة لا أريدُ لأني لن .. أستطيع ! , سأتنازل عن أن أكون "أنا" لأكون "هم" / "هنّ" إذا فعلتُ ذلك .. وهو المستحيل عندي .

لا تغضبي من كل الأشياء التي سأقولها عنكِ فأنا أعرفكِ كما أعرف نفسي , وهي ليستْ أسرارا فالكلّ يعلمها . قد حان الوقت الذي علينا أن نأخذ فيه بزمام الأمور ونتكلم عن أنفسنا بأنفسنا : جداتنا وأمهاتنا لم يستطعنَ لجهلهنّ وخوفهنّ , لكن نحن اليوم بلا عذر خصوصا من تُطالب منّا بالمساواة وترفع شعارات النسوية و .. الكونية وهي في داخلها ليستْ إلا بدوية منافقة تُنزِّه أصل الشرّ إلهها الوهم ودينها الصنم سبب كل مآسينا . لنبدأ بأنفسنا فنحررها بالكلية من كل الأوهام , أكره النفاق والإنتهازية وأكره أن أُعتَبر مع هؤلاء "نسوية" , أُخيِّر أن أُرى "فكرة" و .. "حب" فقط .

كم جميل أن أُخاطِب ( أفرادا ) كما أقول دائما , ربما أكون في ذلك "أنانية" فأنا أنشد حريتي الكاملة دون نفاق ولذلك أكتب على النات وأُطالب بأن أُعتَبَر "فكرة" فقط , يُذكّرني ذلك بالمرأة التي أُحبّ فأنا أراها "حبّا" و "وعيا" و "شخصيّة" لا أَرَى حياةً "كاملةً" دون حضورها فيها , وإن كنتُ أسمّيها "إمرأة" فلأُقرّب القصد ولأُسهِّل فَهْمَ ما أحمل من معانٍ ليستْ معروضةً لتلك المجتمعات التي يكفيها وجودُ النسويات والعلمانيات .. "المنافقات".

"إلى الآن" لم أكتب كتابات "أكاديميّة" تعتمدُ "التّوثيق" لأنّ المنهج الذي أتبعه وأريد إيصاله يقول أنّ الخروج من سجون الأوهام لا يتطلّب لا معارف "كبيرة" ولا علوما ولا دراية بالتواريخ والفلسفات , لكنه يتطلب قليلا من المنطق , وهذا لا يعني التّقليل من قيمة "التوثيق" والإطلاع والإلمام بكلّ جوانب أي موضوع يُطرح للنقاش .

أريدُ أن أُوضّح شيئا مهمّا جدّا هنا ( بالنسبة لي ) : طريقتي في الكتابة "صداميّة" كمَا هو واضح وهدفها "رؤوس" كل القداسات ( دُون إستثناء ) , لكنّها ليستْ "فوضويّة" أو "عبثيّة" ولستُ "أناركيّة" بالمناسبة ؛ وعندما أقول مثلا أنّ "الأمرَ لا يتطلّبُ علومًا أو فلسفات" فليس قصدي "التّطاول" أو "الإجحاف" في حقّ "القامات العلمية والفكرية" التي كلّنا اليوم نَبْني على ما وصلتْ إليه . وكما إعتادت من تقرأ لي صراحتي سأقول أن الدّاعي لهذا التوضيح كلام سمعته من صديقة قالتْ لي بالحرف مستهزئة : "أنتِ لا تُقيمينَ وزنًا لأحد" , فحاشا أن أكونَ كما زعمتْ أو كما قد يُفهم خطأً من منهجي في الكتابة , بل سأُضيف أنّي "تلميذة" في الموقع خُصوصًا أن كلّ ما أكتبه وكلّ المواضيع التي تطرّقتُ وسأتطرّق إليها لا علاقة لها بتخصّصي مع التأكيد مُجدّدا وأبدا ! أنّ الكلام عن ترّهات الأديان وفهم لعبة السياسة العالمية وإيديولوجياتها التي بلداننا مرمى نيرانها ليس ( حكرًا ) على تلك "القامات" التي لن يكون ديدنها التكبّر والتسفيه بل التّواضع واحترام الجميع وأنا هنا أُعرّض بـ "الديناصورات" بالطبع . الهدف إذنْ هُو تَبيينُ مدى "تفاهة" و "هشاشة" كل تلك "الصروح العالية" التي تخدع البشر إلى اليوم , والقول أنها "كلّها" تُهدَم بنفخة بسيطة منْ فمِ كلّ من أعملتْ عقلها وواجهتْ الحقيقة للحظة دون خوفٍ أو نفاقٍ أو إنتهازيةٍ ... و .."تلميذة" نعم , لكن ليس أي "تلميذة" .

على ذكر "منهجي" سأذكر مثالا من الثقافة البدويّة المنحطّة عند المُتديّنين لأؤكد أن لا فرق بين المسيحية والإسلام في إحتقار المرأة وليس كما يدّعي المسيحيّون وما أكثر مزاعمهم في هذا الصدد : كانتْ ملاحظة جاءتني من 3 معلّقين : مسلمان ومسيحي وهي أنّي "رجل" حيث قال المسلمان أنّي الأستاذ "سامي لبيب" وقال المسيحي أنّي "مسخ متخفي باسم امرأة" . قد تَمرّ القصّة بسهولة عند الكثيرات لكنّها تعكس ثقافة بدويّة أصيلة يجبُ أنْ تُعْلَمَ ؛ فمنهجي يتعارضُ مع الصّورة النمطيّة التي فرضَتها أديان هؤلاء على المرأة : المرأة الذّليلة التي لا صوتَ لها وإذا تكلّمتْ يكون صوتُها خافِتًا لا يكادُ يُسمع فيُقال لها أنها "مؤدبة" و "رقيقة" و "مُتعقّلة" إلخ , والحمقاء المُغيَّبة تُعجَب بذلك فتلبس ذلك الرّداء القذر الذي خدعوها به فتكون بذلك وبالا ليس على نفسها وعلى النساء فحسب بل على كلّ مجتمعها ! .. أعتذر من هؤلاء : لم أَنْتَمِ إلى هذا "الصنف" من النساء حتّى في أيام "جاهليتي" الدينية . وبمناسبة أنّي "رجل" , قد قلتُ أنّي أحبّ إمرأة وفي نفس الوقتِ لستُ مثليّة , إذن وبثقافتهم البدوية الجنسية لا يمكن إلا أن أكون "رجلا" والإستنتاج تحت البداوة "منطقيّ" .. جدا ! ويزعم المسيحيون أنهم "أرقى" من المسلمين ويسخرون منهم مُدّعينَ أنّهم "بدو أجلاف جاؤوا من الصحراء" .. عجبي ! وكما "قال" إلههم المزعوم ( لماذا تَنْظُرُ القَذَى الذي في عَيْنِ أَخِيكَ , وَأَمَّا الْخَشَبَةُ التي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا ؟ / لو 6: 41 ) . ( ركزي معي عزيزتي ولا تظنّي أن الذي قيل "حشو" أو "لا علاقة له" بأنواع الحبّ التي عندكِ : موضوع كلامي إن نسيتِ . )