كتب اثرت فى حياتى موجز تاريخ الفلسفة عالم صوفى جوستاين غاردر



مارينا سوريال
2017 / 12 / 18

ثمة فارقاً بين أن يكون لنا ضمير و أن نستعمله .و ربما بدا لنا أن بعض الناس يتصرفون دون أية روادع لكن لدى هؤلاء برأيي ضمير حي حتى ولو كان مخبأً .كما أن بعض الناس يبدون محرومين من العقل لكن الواقع أنهم لا يستخدمون عقلهم ان العقل كالضمير يشبهان عضلة اذا لم نستعملها تضعف شيئا فشيئا
ثمة فارقاً بين أن يكون لنا ضمير و أن نستعمله .و ربما بدا لنا أن بعض الناس يتصرفون دون أية روادع لكن لدى هؤلاء برأيي ضمير حي حتى ولو كان مخبأً .كما أن بعض الناس يبدون محرومين من العقل لكن الواقع أنهم لا يستخدمون عقلهم ان العقل كالضمير يشبهان عضلة اذا لم نستعملها تضعف شيئا فشيئا
الطفل الصغير لا يجد أية متعة في رؤية قوانين الطبيعة تتحطم لأنه لم يعرفها بعد, إنه لم يصبح بعد عبداً لذلك الإنتظار الذي تضعنا فيه العادة, الطفل لا يحمل أفكاراً مسبقة, وتلك ميزة أساسية من ميزات الفيلسوف الكبير, إنه يرى العالم كما هو بدون الأفكار المسبقة, التي تشوه رؤيتنا نحن البالغين.
جوستاين غاردر هو كاتب نرويجي ولد في الثامن من شهر أغسطس سنة 1952، ويعمل أستاذاً في الفلسفة وتاريخ الفكر وهو يمارس الأدب والتعليم معاً. أشتهر بكتابته للأطفال بمنظور القصة داخل القصة. روايته سر الصبر هي التي جعلته معروفاً لدى الجمهور النرويجي. وحصل من وراءه على جائزة النقد الكبرى. لكن كتاب عالم صوفي هو الذي أخرجه للعالمية، حيث ترجم إلى أكثر من ثلاثة وخمسين لغة، وبيع منها أكثر من ثلاثين مليون نسخة ،وفي ألمانيا وحدها تعدت مبيعاتها المليون نسخة.وتم تحويل الرواية لفيلم سينمائي، وأيضا تم تحويلها للعبة فيديو، وحاليا يتم تقديم جائزة سنوية للأعمال المختصة بتطوير ودعم البيئة باسم (جائزة صوفي) مقدمة من غاردر وزوجته.
انه عن تعلم الفلسفة درس تتعلمه الصغيرة صوفى يوما بعد اخر برغم ان بطلات الكاتب هن دوما اطفال وفتيات لانه يرى ان الطفل الذى يتسأل عن ماهية الكون هو الفيلسوف الحقيقى فى هذا الزمان الذى لم يعد فيه الكبار يتسأئلون حول جدوى اى شىء فى الكون من اين بدأ؟ كل هذا
واين المنتهى لايقفون مع انفسهم بل يقيمون حروبا دون تفكير ليطمئن الخوف الذى بداخلهم الطفل هو العالم الحقيقى ومن يمكنه تحصيل المعرفة لانه على فطرته الابداع ومتخطى لحواجز الخوف التى لايعيها فيستأل بشجاعة حول كل شىء لذا اختارهم دوما الكاتب ليتحدث بسلاسة حول جدوى كل شىء دون خوف .
تخيل طفلاً صغيراً يبنى قصراً فى حوض من الرمل . إنه لا يتوقف عن بناء شىء يعجب به للحظة قصيرة قبل أن يدمره بعدها مباشرة ليبدأ من جديد . إن الزمن يلعب بالكوكب برمته مثلما يلعب ذلك الطفل بالرمل . حسناً ، هنا يكتب تاريخ العالم : أحداث مهمة كانت منقوشة فى الصخر ثم مُحيت من جديد . إن الحياة تغلى على هذه الأرض كما لو كانت فى قدر الساحرة فى يوم ما تكوّنا نحن أيضاً على غرار أسلافنا . عندما هبت ريح التاريخ تجسدنّا ، بعد ذلك تتوقف الريح و سنتوقف نحن معها . إنها تجعلنا نظهر و نختفى كما السحر . و هناك دائماً شىء ما فى حالة كمون ينتظر أن يأخذ مكاننا إذ ليس لدينا أرض صلبة تحت أقدامنا ولا حتى رمال فنحن هى الرمال .

إن مصطلح “فلسفة” يُطلق على أسلوب في التفكير، رأى النور في اليونان نحو 600 ق.م. وكان جديدًا بشكل جذري. قبل ذلك، كانت عدة ديانات قد أخذت على عاتقها الإجابة عن كل الأسئلة الميثولوجية، تنتقل من جيل إلى آخر بصورة أساطير.

وطوال آلاف السنين، عرف العالم كله ازدهار التفسيرات الأسطورية للمسائل الفلسفية. إلى أن جاء الفلاسفة الإغريق، يحاولون البرهنة أنه على البشر ألا يثقوا بهذه الأساطير.
لذا، علينا أن نمتلك تمثلًا أسطوريًا للعالم، كي نفهم سلوك الفلاسفة الأوائل، ويكفينا لذلك أن نتفحص بعض الأساطير، ولتكن أساطير شمالية (فالأفضل أن أتحدث عما أعرفه جيدًا).
لاشك أنك سمعت شيئًا عن الأسطورة (ثور) ومطرقته. حيث كان أهل النرويج، قبل المسيحية يعتقدون أن (ثور) يعبر السماء في عربة يجرها تَيْسان، وكلما يدق مطرقته، كان يثير العاصفة، والصاعقة، وتعني الكلمة النرويجية “ثوردون” (العاصفة) وتتركب من مقطعي (ثور-دون) أي ضجيج ثور. أما في اللغة السويدية فالكلمة التي تعني العاصفة هي (أوس-آكا) ومعناها الحرفي “رحلة الآلهة” في السماء.
الحديث عن البرق والرعد، يعني الحديث عن المطر، حيث كانت كل هذه الأفعال، ضرورية وحيوية في عصر الفايكينز. لذا كان (ثور) يُعبد كإله للخصب أيضًا.
وتقول الأسطورة أن (ثور) كان يرسل المطر، بطرقة من مطرقته. وإذ ينزل المطر ينمو كل شيء، وتكون المحاصيل جيدة.
لم يكن ممكنًا أن يُفهم فعل نمو كل شيء من الأرض وإثماره، كفعل تلقائي. لكن المزارعين أدركوا أن لذلك علاقة بالمطر. وكغيرهم كانوا يعتقدون أن (ثور) هو إله المطرو لذلك كان واحدًا من آلهة الشمال.
فكان دور الأساطير كما يقول غوستاين:
وهكذا تحاول الأسطورة أن تقدم جوابًا عما لا يستطيع الإنسان فهمه
[…]
إن الناس قد أحسوا دائمًا بالحاجة إلى تفسير الظواهر الطبيعية.
ربما لم يكن باستطاعتهم الاستغناء عن ذلك؟
إذًا. وبما أن العلم لم يكن موجودًا. فقد اخترعوا الأساطير.
يعود بعد ذلك للحديث عن الفلسفة وظهورها فيقول:
أول نظرة ناقدة للأسطورة، نجدها عند الفيلسوف كزينوفان، الذي عاش في نحو 750 ق.م.
[…]
إلى هذه المرحلة بالتحديد يعود تاريخ تأسيس الإغريق للمدن، في اليونان، ولمستعمرات في جنوبي إيطاليا، وآسيا الصغرى.
كان العبيد يقومون بكل الأعمال اليدوية، مما يترك فراغًا كاملًا لدى المواطنين الأحرار للاهتمام بالحياة والثقافة والسياسة.
وهكذا رأينا، أسلوبًا جديدًا في التفكير، يولد في المدن الكبرى. إذ كان للفرد الواحد، الحق في التساؤل حول تنظيم المجتمع. وبالطريقة نفسها كان بإمكان كل واحد أن يطرح على نفسه أسئلة فلسفية، دون العودة إلى تقليد الأساطير.
يكمن سر الفعالية لدى سقراط في أنه لم يكن يحاول تعليم الناس، بل على العكس، كان يعطي الانطباع بأنه يريد أن يتعلم من محدثه. لم يكن يعمل كأستاذ رديء .. على العكس كان يناقش ويجادل.

مؤكد أنه لو اكتفى بمحاورة الناس لما أصبح فيلسوفًا مشهورًا. ولكن لما كان حُكم عليه بالإعدام أيضًا. في الواقع، كان يبدأ بطرح الأسئلة، متظاهرًا بأنه لا يعرف شيئًا، ثم يرتب الحوار بشكل يجعل المحاور يكتشف شيئًا فشيئًا مثالب تفكيره، إلى أن يجد نفسه أخيرًا محصورًا بحيث يضطر إلى التمييز بين الصواب والخطأ.

هكذا تتمثل مهمة سقراط في توليد العقول أفكارًا صحيحة. إذن فالمعرفة الحقيقية لا تأتي إلا من داخل كل منا دون أن يستطيع أحد أن يقذفنا بها.

بإمكان كل الناس التوصل إلى الحقائق الفلسفية، إذا قبلوا أن يستعملوا عقولهم. فعندما يبدأ الإنسان بالتفكير، يجد أجوبته داخل نفسه.

لقد كان سقراط بتظاهره عدم المعرفة يجبر الناس على التفكير. كان يعرف أن لعب دور الجاهل أو على الأقل دور من هو أكثر غباء. وهذا يسمى (سخرية سقراط) وبذا كان في مقدوره أن يكشف مواطن الضعف في تفكير الاثينيين. وكثيرًا ما كان يحصل هذا المشهد في السوق أي بين الناس. حيث كانت مصادفة سقراط في الشارع تعني خطر الوقوع في فخ السخرية، والتحول إلى أضحوكة المدينة.

ولا يمكن أن نعجب من كون الكثيرين باتوا يجدونه مزعجًا ومنفّرًاو خصوصًا أولئك الذين كانوا يمتلكون سلطة ما في المجتمع.

“تشبه أثينا حصانًا كسولًا، وأنا أشبه ذبابة تحاول إيقاظها وابقائها حية”، هكذا كان يقول.
ترجمة احمد بادغيش عن تدوينة للكاتب يجيب فيها عن سؤال سر الفلسفة عند الأطفال ولماذا يجب أن يكونوا أفضل الفلاسفة