أطوار..التي ماتت بأناقة



نادية فارس
2006 / 2 / 27

أنثى ..عاشقة
جميلة .. أنيقة



معفّرة ٌ بالدم ِ والبارود .. ومعمّدة ٌ بدموع ِ جواد الحطاب!



عراقية ٌ .. أثبتت للعالم كله سُخف الرموز السياسية والدينية في صراعهم الدامي .. من نافذتها الصغيرة في معبد إنسانيتها.



قتلوها .. وعفّروا علَم َ العراق .. بدمها



قتلوها .. وأسكتوا لغة َ الأبداع فيها



قتلوها ..



قتلوا انتظار َ اختهاالطفلةِ .. لها



قتلوا الفرح َ في بيت ٍ فيه ثلاث أناث ٍ فقط..تحوّل بسواعد رجالنا الجبناء الى كهف ِ أحزان ٍ.. وإلى آمال َ ينقصها الترقب



إنهم .. يقتلون النساء



ليست أنباء قتل النساء بجديدة..فقد قتلوا الكثيرات قبلها



باسم حفاظهم على الشرف والدين .. يقتلون النساء الأكثر شرفا ً منهم



باسم السياسة يقتلون النساء الأكثر َ وعيا ً منهم



باسم العراق يقتلون النساء الأكثر عراقية منهم



جبناء .. جبناء.. جبناء



عار ٌ على الرجولة والسياسة ..أنتم



عار على الكرة الأرضية أن تحتويكم .. حتى في مزابلها



من يجرؤ على قتل الفراشات الحائمة ِ حول ضوء الحقيقة؟



من فيكم امتدت يدُه ُ الى زناد البندقية ِ .. فأطلق َ الموت سريعا ً.. غبيا ً كغبائكم..عاهرا ً ومدنسا ً كأحزابكم وسياساتكم؟



وطبعا ً.. توضأتم بعد أن قتلتم الحالمة َ أطوار بهجت السامرائي.. وصلّيتم في أقرب جامع .. أو حسينية .. أو تكية ٍ .. أو مزار



هذه البنايات التي تفتح ذراعيها لاستقبال كل ّ السفلة كي يحتموا بنُبل وشرف الاخرين من الأبرياء!



علينا أن لاننسى

الصراع الأسلامي في العراق ..هو من قتل أطوار السامرائي



فمن يرثي؟



من يرثي الوطن َ المغروس َ في قلب ِ امرأة ٍ ؟



من يرثي الأم ّ والأخت المسحوقتين بالألم؟



من يرثي .. نشيج جواد الحطاب؟



من يتفرج؟



من يبكي؟



من يضحك مقهقها ً؟



من يدوسُ على أحزاننا وقلوبنا وعراقنا من أجل حفنة من الدولارات؟



من يرتزق؟ من يقتل؟ من يسرق ؟ من يغتصب؟



قتلوها .. بل قتلناها جميعا



نحن ُ الجبناء المتفرجون على مسرحية الشيعة والسنة



نحن المهرولون نحو جنازة العراق.. بصمت ٍ وترقب



نحن الخائفون من تعرية المحتمين بقدسية الدين ولابسي رداء الله



نحن ..

كشفتنا أطوار السامرائي على حقيقتنا بضوئها الوهاج .. وبعرسها الدامي



قتلوها .. بل قتلناها جميعاً



لأننا لازلنا نبكي بصمت.. ونحزن بصمت .. ونجوع بصمت .. ونخفي أسرار اغتصاباتهم لعراقنا ولنساءنا ولنفطنا ولعراقيينا .. بصمت



لأننا أنانيون .. نتحاشى الدفاع عن أي شخص ٍ آخر أو قيمة ٍ أخرى ماعدا مساحاتنا الضيقة التي تأوينا



لأننا .. ننام مبكرا ً على ضيمنا .. ونصحو متأخرين !



لأننا لانسهر .. إلا ّ في رمضان بانتظار السحور!



نحن الشعب النائم .. المخدّر بأحزانه وجوعه ودينه وتقاليد عشيرته!



قتلناها



لأنها لاتنتمي لنا .. بل لعالم ٍ آخر فيه الكثير من الأبداع والشفافية!



وكيف للفراشات أن تنتمي .. إلا ّ للزهور؟



لأنها ارتكنت الى شيعيتها وسُنيتها .. فأثبتت أن ّ لحاهم وكعوب بساطيلهم وانتمائاتهم الطائفية لاتعني شيئا ً ..سوى الأستخدام المؤقت حين الصلاة والقتل والأنتخابات.



قتلوها .. لأنها امرأة



امرأة خارجة على قوانين الجواري



امرأة تعمل لتطعم امها واختها ..



لم تسرق .. لم تبع جسدها أو فكرها .. لم تخضع لقانون العشيرة



امرأة .. أكثر حكمة من الرجال



قتلوها .. لأنها عاشقة

وهل ينمو العشق في مزابلنا؟



المعشوقة أطوار السامرائي .. التي أسمعت الدنيا نشيج حبيبها ..أغمضت عينيها على انكسارات صيحته في عالم ٍ يغط ّ بشخيره



نامي أيتها الحالمة بوطن وعاشق ٍ .. وسلام



نامي .. أنيقة .. فقد طرّز دمك علَمَ العراق



نامي .. عسى دمك يزرع عقولا ً في رؤوس رجال العراق



أنا أبكيك وأرثيك.. رغم أني لم أقرأك ِ ولم أعرفك .. إلاّ من نشيج جواد الحطاب وصيحته المقهورة بالضياع يوم اغتيالك



لم أرك ِ إلاّ وأنت مدماة ..وغافية .. ورائعة

وأنيقة وجميلة .. وراحلة



ليس في حقيبة سفرك سوى رصاصات ٍ.. وشجاعة.. وعلَم ٍ عراقي.. وقصيدة ٍ ملتاعة كتبها حبيبك ..ساعة موتك



نامي أيتها العزيزة ..فقد أنهكتك ِ رصاصات ُ أخوتك العراقيين الذين دافعتي عنهم وعن عراقهم



نامي.. فموتك ونومك .. هما الجزء المكمّل لستراتجية قتل العقل العراقي.. والروح العراقية



لاتندمي ..

خير لك أن ترحلي عن عوالم مليئة بالجبن والاستهتار