كتب اثرت فى حياتى الاقالة من الحياة



مارينا سوريال
2018 / 1 / 6

“أينما يخط الإنسان يميل إلى ترك آثار لا تخطئها العين لتكشف عن مشاعره، واضطرابه، عن أخطائه، وذنوبه.”
في تلك الأيام نشرت إحدى الجرائد إحصائيات، واستبيانات كانت تبرهن على أن الجيل الجديد في الحي كان يرغب في الرحيل للحياة في مكان آخر. كان يُنظر بضيق نفسي إلى «بانيولي» على أنها مكان تعمّه المشاكل، والأزمات، وعلى رأسها أزمة البطالة والجريمة.
أما بالنسبة إلى رجل مثلي قادم من قلب «نابولي» القديمة فـ«بانيولي» كانت أقرب إلى أن تكون قرية. لم تبد لي أبداً من قبل مختلفة، وبعيدة عن أن تكون مدينة مثل تلك اللحظة. بل إنها كانت بعيدة كل البعد عن أن تكون أي شيء، إنها شطر منعزل من الإنسانية، جزيرة دون راية. من ناحية أخرى، لم يكن ثمة داع للتعجب من هذا. كانت «بانيولي» قد توحّدت مع المصنع، فما لبث أن اختفى المصنع حتى تلاشت هي أيضاً، باتت عدماً. باتت بلا مستقبل. أيوجد شيء أكثر قدرة على التبخر من الأمل؟ لفترة طويلة كان الأمل يقطن بيت «بانيولي» بفضل المصنع ثم هجر فجأة المكان دون أن نعرف عنه شيئاً.
بعد رباعية نابولى اتعرف على ملامح تلك المدينة اكثر فى تاريخ شكلها القديم قبل تحولها مثل مدينتنا الاسكندرية الى ما هو عليه حاليا انه الحنين لمدينة كانت ذات يوم لها روح وقد سلبت منها لاادرى ربما ذلك المغناطيس الذى يجمعنا هو من اثار تلك المشاعر لديه
انا من ذلك الجيل البائس الذى يراقب اخر فتيل شمعة لمدينة قبل ان يتحول بها القبح الى السيد
تمثل رواية "الإقالة من الحياة" مدينة نابولى بتاريخها، وشوارعها، وأزقتها، وعمالها، وعصاباتها، وتتناول أحداثاً واقعية جرت خلال العقد الأخير من القرن الفائت استقاها الكاتب من أحد العمال الذين كانوا يعملون فى مجمع إيلفا للحديد والصلب، الذى كان مقاماً فى حى بانيولى فى مدينة نابولى. فيستعرض إيرمانّو الأحداث التى سبقت وواكبت تصفية المجمع، الذى أُنشئ فى بداية القرن العشرين، وازدهر فى أعقاب الحرب العالمية الثانية
" الإقالة من الحياة " تنتمي هذه الرواية إلى الأدب الواقعي أو ما يطلق عليه " الواقعية الجديدة ، ومن الممكن أن نصف هذه الرواية أيضاً على أنها " رواية عمالية " فالعامل والآلة هما بطلا الرواية دون منازع ، بل إن العلاقة بين العامل وآلته هي المحور الذي تدور حوله الرواية ، وتتناول هذه الرواية " الإقالة من الحياة " مشكلة تتعلق بتصفية مصنع للصلب يسمى " إيلفا " يقع في منطقة " نانيولي " وهو المصنع الذي ظل شاهداً على قرن من الزمان من تاريخ مدينة " نابولي " ،إن تلك الصفحات هي إفضاء بما في صدر المؤلف وهي قصة لواقعة ترتبط بمشاعره ، وبإحساسه بالندم ، تتناول الصفحات التالية أحداث العلاقة بين حب رجل وآلة " ويقصد بالآلة هنا المصنع وما يحتويه من معدات " إنها مجرد حكاية لا أكثر .