كتب اثرت فى حياتى الكون فى راحة اليد جيوكاندة بيللى



مارينا سوريال
2018 / 1 / 10

“- ماذا وراء الجنة؟ لماذا نحن هنا؟
- من أجل ماذا تودين معرفة ذلك؟ لديكِ كل ماتحتاجينه.
- ولماذا لا يجب أن أود معرفته؟ ما المانع من أن أعرفه؟
- الأفضل أن تبقيا هادئين. المعرفة تولّد القلق والتمرد. تجعل المرء يرفض قبول الأشياء كما هي ويسعى لتغييرها.”
من يمكنه الكتابة بالوضوح هذا فى عالمنا العربى الحزين فسيتعرض الكاتب للسجن والتجريح والنبذ من المحيطين انه قدر العالقين فى عالم لايحب المختلفين انه لايحب سوى نفسه لكنه يخاف اكتشاف الحقيقة
“- يجب أن أستخدم حريتي. أن آكل الثمرة.
- ستموتين.
- لن أموت. إنه يتمنى أن آكل الثمرة. لهذا جعلني حرّة.
- بإمكانك أن تقرري عدم الأكل.
- لا. سيكون ذلك أسهل. وليس ممكناً الآن. فأنا أحتاج إلى المعرفة.
- ألا تخافين؟
- لا أخاف. لقد شاهدت أشياء كثيرة. لماذا شاهدتها إن لم يكن لإدراكها والمجازفة من أجل وجودها؟
- ربما لتقبلي بعدم قدرتك على إدراك كل شيء.”
“يبدو الرجال -بلاشك- أكثر قابلية للإثارة. فالجمال في حد ذاته يخاطب أجسادهم.
كيف نفهم آن الجمال يقلقهم بهذه الطريقة بدلاً من أن يرسخ لديهم الرغبة في الإحتفاء به؟”

لترَ العالم في حبة رمل
والسماء في زهرة برية
اجمع اللامتناهي في راحة اليد
والأبدية في ساعة واحدة

فأنت سترى المجرة والكون بكامله
في حجم حبة رمل ترتاح على كفيك
ومن هنا تأتي الحكاية

::::

براءة الاستكشاف، ولذته هي الباعث الأول على المتعة هنا
فأنت تقرأ حكاية أناس يتعاملون مع الكون بعيون طفلٍ مندهش
يتلمّس ما حوله بفضول شهي

هنا البدايات
بدايات كلِّ شيء
التعرف على نفسك ، وعلى من حولك
الولوج إلى أعماقككان
فجأة من اللاكينونة صار كائناً يعي ما كانه
فتح عينيه، تلمّس نفسه وعرف أنه رجل

وأحس في رأسه بالتقلب المضطرب للصور الباحثة عن تسمياتها‏
فانبثقت الكلمات والأفعال من أعماقه نقية وواضحة لتحط على كل ما يحيط به
سمّى ، ورأى أن ما يسمّيه يتعرف على نفسه‏

::::
بدأت تنادي ، واستغرب أن تكون لديها أنّة بهذا العمق
نواح هواء الذي في جسدها الذي بلا أجنحة

::::
أنتِ كنتِ مخبّأة داخل الرجل
إلوكيم خبأكِ في أحد أضلاعه وليس في رأسه كيلا تكتشفي الغطرسة
ولا في قلبه كيلا تراودكِ الرغبة في التملك

الإتحاد الأول بين قطبي الطبيعة
معنى البرد ، الجوع ، العطش ، الدفء و الشبع
أحساسيس الإنسان الأوليّة
الدمعة الأولى ،والبكاء الأول
لم تكن تدري ما الذي يتحرك في داخلها
لا إذا ما كانت تلك الحالة عابرة أم نهائية ودائمة

‏كان خوفها الأكبر
أن تتقيأ ذات يوم من الأيام مسخاً بحرياً
جنس كائناتِ جديد
يأكلها هي وآدم
‏كي يسكن تلك الأرض

::::

رأت حواء عقدة بطنها تنفك
وتخرج منها حلقة ، فحلقة أناس أجلاف
يشقون طريقهم متغلبين ‏على عقبة بعد أخرى
وحاملين منها مشهداً محفوراً في ذاكرتهم
ويحاولون العودة إلى ضياء ‏الجنة الناعم

::::

الاكتشاف الأليم بأنك عليك أن تقتل الحيوانات لتأكل
والتأمل في فكرة القسوة‏ ومدلولاتها
واكتشاف النار وبهجة الدفء

لسعة الغيرة الأولى
احتراق الحزن واللوعة والجريمة الأولى
والفقد الأول

إنه ميّت يا لولوا، لقد قتلته
سمعت حواء الجملة
وتلاشت كل كلمات العالم باستثناء هذه الكلمات
كانت تريد ان تفكّر ولا تجد سوى
إنه ميّت يا لولوا، لقد قتلته
وكانت كما لو أنها ترى تلك الكلمات
ترى الصورة التي تصفها لولوا
هابيل على الأرض
وقايين يقول ذلك مرّة بعد أخرى

اقتربت سمكة فضيّة ، وراحت تتحرك بين العشب الأسود ‏
تدخل وتخرج كما لو أن ذلك الشعر نبتة مائية
ولحقت بالسمكة الصغيرة أسماك أخرى
وكانت تريد معرفة كل شيء


:::

تستمد جيوكندا عنوان روايتها من قصيدة ويليام بليك الشهيرة

Auguries of Innocence




لترَ العالم في حبة رمل
والسماء في زهرة برية
اجمع اللامتناهي في راحة اليد
والأبدية في ساعة واحدة

فأنت سترى المجرة والكون بكامله
في حجم حبة رمل ترتاح على كفيك
ومن هنا تأتي الحكاية

::::

براءة الاستكشاف، ولذته هي الباعث الأول على المتعة هنا
فأنت تقرأ حكاية أناس يتعاملون مع الكون بعيون طفلٍ مندهش
يتلمّس ما حوله بفضول شهي

هنا البدايات
بدايات كلِّ شيء
التعرف على نفسك ، وعلى من حولك
الولوج إلى أعماقك

::::



::::



وكان
فجأة من اللاكينونة صار كائناً يعي ما كانه
فتح عينيه، تلمّس نفسه وعرف أنه رجل

وأحس في رأسه بالتقلب المضطرب للصور الباحثة عن تسمياتها‏
فانبثقت الكلمات والأفعال من أعماقه نقية وواضحة لتحط على كل ما يحيط به
سمّى ، ورأى أن ما يسمّيه يتعرف على نفسه‏

::::
بدأت تنادي ، واستغرب أن تكون لديها أنّة بهذا العمق
نواح هواء الذي في جسدها الذي بلا أجنحة

::::
أنتِ كنتِ مخبّأة داخل الرجل
إلوكيم خبأكِ في أحد أضلاعه وليس في رأسه كيلا تكتشفي الغطرسة
ولا في قلبه كيلا تراودكِ الرغبة في التملّك

::::





::::

الإتحاد الأول بين قطبي الطبيعة








::::


اكتشاف الظلام ، و شمس السماء للمرة الأولى
كيف ترى انعدام الضوء موتاًً
و سطوع الشمس احتراقا
وثقوب السماء التي تسمح بمرور ‏الضوء ليلاً (النجوم)‏ ونساً وبهجة

::::



آدم وحواء - فون شفيديس ‏

::::


الحمل الأول ، والولادة الأولى

لم تكن تدري ما الذي يتحرك في داخلها
ولا إذا ما كانت تلك الحالة عابرة أم نهائية ودائمة

‏كان خوفها الأكبر
أن تتقيأ ذات يوم من الأيام مسخاً بحرياً
جنس كائناتِ جديد
يأكلها هي وآدم
‏كي يسكن تلك الأرض

::::

رأت حواء عقدة بطنها تنفك
وتخرج منها حلقة ، فحلقة أناس أجلاف
يشقون طريقهم متغلبين ‏على عقبة بعد أخرى
وحاملين منها مشهداً محفوراً في ذاكرتهم
ويحاولون العودة إلى ضياء ‏الجنة الناعم

::::

الاكتشاف الأليم بأنك عليك أن تقتل الحيوانات لتأكل
والتأمل في فكرة القسوة‏ ومدلولاتها
واكتشاف النار وبهجة الدفء

لسعة الغيرة الأولى
احتراق الحزن واللوعة والجريمة الأولى
والفقد الأول

إنه ميّت يا لولوا، لقد قتلته
سمعت حواء الجملة
وتلاشت كل كلمات العالم باستثناء هذه الكلمات
كانت تريد ان تفكّر ولا تجد سوى
إنه ميّت يا لولوا، لقد قتلته
وكانت كما لو أنها ترى تلك الكلمات
ترى الصورة التي تصفها لولوا
هابيل على الأرض
وقايين يقول ذلك مرّة بعد أخرى








سبحت قليلاً ، وكان شعرها الطويل يطفو حولها
اقتربت سمكة فضيّة ، وراحت تتحرك بين العشب الأسود ‏
تدخل وتخرج كما لو أن ذلك الشعر نبتة مائية
ولحقت بالسمكة الصغيرة أسماك أخرى

وفجأة رأت حواء نفسها محاطة بحشد أسماك لامعة

ووضعتها على ظهر إحدى أكبر الأسماك
سمحت لها السمكة بذلك
وبعد ان سبحت دائرة حولها
رجعت لتتلقى مزيداً من المداعبة

جرّبت حواء إمساك واحدة منها
فظلت السمكة هادئة بين أصابعها
كانت تقدم نفسها إليها
تريدها أن تمسك به


ولكنكِ تفكرين-
وكيف تعرفين أن القرود لا تفكّر؟-
إنها تعيش وحسب ، لا تتكلم-
وهل هذا سيء؟-
لا أدري يا أكليا ، أحيانا لا أعرف ما هو الخير وما هو الشر
تعتبر الكاتبة والشاعرة جيوكوندا بيلي (نيكاراجوا 1948) واحدة من أهم المبدعين في منطقة وسط وجنوب أميركا اللاتينية الناطقة باللغة الإسبانية، بدأت حياتها شاعرة مناضلة في جبهة “الساندينستا” بقيادة “دانييل اورتيجا”، التي كافحت ضد نظام الحكم الدكتاتوري للجنرال “سموزا” المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية طوال عقود إلى أن أسقطته الثورة، ثم واصلت الكاتبة الكفاح خلال فترة الحرب التي تلت سقوط النظام الدكتاتوري ضد قوات “الكونترا” التي كانت تمولها وتدربها المخابرات الأميركية في محاولة لإسقاط الثورة والعودة إلى البلاد، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الفلاحين الأبرياء الذين كانوا يدعمون الثوار ويرفضون الخضوع للمطالب الأميركية بالتخلي عن منجزات الثورة التي أسقطت الإقطاع والامتيازات الأجنبية التي كانت قائمة طوال عقود طويلة تحولت خلالها نيكاراجوا إلى إحدى “جمهوريات الموز” التي كانت تديرها شركة الفاكهة الأميركية.

فازت جيوكوندا بيلي بالعديد من الجوائز الأدبية أبرزها جائزة “ماريانوا فيليس خيل” عام 1972، و”كاسا دي لاس أميركاس” 1978 و”سور خوانا دي لا كروث” عام 2008، وجائزة “الريشة الفضية” عام 2005، و”الجائزة الدولية لجيل 27 للشعر” عام 2000.
ثم مع منتصف الثمانينيات تحولت إلى كتابة الرواية وقدمت ثلاثة من أهم الأعمال الروائية: “المرأة المسكونة” و”صوفيا سيدة النبوءات” و”وسلالا”، وبفضل هذا التوجه الجديد نحو الرواية، حازت العديد من الجوائز أيضاً في هذا المجال، حيث فازت روايتها “المرأة المسكونة” بجوائز عدة، منها “أفضل رواية” عام 1989، وجائزة “اتحاد الناشرين” عام 1992، وتمت ترجمتها إلى العديد من اللغات.

والمتابع لإبداع جيوكوندا بيلي النثري يكتشف أن ما يجمع بين تلك الأعمال الروائية هو البحث المستمر عن العقائد القديمة السابقة على وصول رحلات الاستكشاف بقيادة “كولومبوس” لتلك البلاد، والتي يطلق عليها المؤرخون والنقاد مسمى “Precolombina” باعتبار أن هذه العقائد تمثل نسقاً أسطورياً لإبراز أهمية الشخصية النسائية في كل هذه الروايات، باعتبار أن تلك الشخصيات النسائية مناضلة من أجل الحياة والوطن والمستقبل، حيث نجد في كل رواية شخصية نسائية أسطورية، عادة ما تحاول مساعدة البطلة الشخصية المحورية في كل رواية للوصول إلى هدفها، أو تلعب دوراً مكملاً لدور البطلة الروائية لتشكلا معاً مجموعة من الشخصيات التي تحاول خلق توازن ميثيولوجي لشكل واحد.

حكايات الناس

يعتبر النقاد أن الكاتبة النيكاراجوية جيوكوندا بيلي استفادت في إبداعها الروائي من الجانب الشفاهي في ثقافة بلادها التي تروي الأساطير التي تتوارثها أجيال السكان الأصليين في البلاد، الذين يمثلون الجانب الأكبر تعداداً بين السكان، وكل هذه الأعمال الشفاهية تؤكد دور المرأة المهم في مقاومة الغزاة الإسبان الذين غزوا تلك البلاد واستعبدوا أهلها ونهبوا ثرواتها من الذهب والفضة، ودمروا آثار حضارتها التي تؤكد الشواهد المتبقية من التدمير على أنها كانت حضارات متقدمة.

في روايتها الأولى “المرأة المسكونة” الصادرة طبعتها الأولى عام 1988، نجد شخصية “ايتثا” أو “نقطة الندى”، التي تعبر عن النقاء البدائي في الطبيعة وتنتمي إلى حياة شعب نيكاراجوا خلال الغزو الإسباني بعد ما يسمى “عصر الاكتشاف”، تعود إلى الحياة من جديد في القرن العشرين من خلال تجسدها في شجرة برتقال زرعتها شخصية رئيسة في الرواية “اينيس” عمة البطلة “لافينيا” والتي تبنتها وأحسنت تربيتها في ظل غياب الأبوين المشغولين بالحياة المعاصرة، وتتسلل البطلة الأسطورية إلى الشخصية المعاصرة من خلال عصير البرتقالات التي تقطفها “لافينيا” من تلك الشجرة، فتكونان معاً مزيجاً واحداً، فنرى الشخصية الأسطورية تلعب دور الحارس، بل والموجه، للشخصية المعاصرة لتواصل النضال القديم ضد كل أشكال الظلم والطغيان، فإذا كانت الشخصية الأسطورية “ايتثا” قد لعبت دورها في التمرد على تقاليد القبيلة وتبعت حبيبها “يارنثي” في حربه ضد الغزاة الإسبان، فإنها تعود مجدداً لتدفع البطلة المعاصرة “لافينيا” للنضال ضد دكتاتورية “الجنرال الأكبر” الذي لا يقل قسوة وظلما في تعامله مع مواطني بلاده من الغازي الإسباني.

وتعود العناصر الأسطورية إلى التجسيد مجدداً في روايتها الثانية “صوفيا سيدة المعجزات” فتقدم لنا الشخصية النسائية الأسطورية من خلال “الساحرات”، أي تلك الكائنات التي تعرف أسرار الطبيعة وتسخرها من أجل خدمتها، وساحرات هذه الرواية هن: “شنتال” و”السيدة كارمن” اللتان تساعدان البطلة “صوفيا” في التغلب على المواقف الصعبة في حياتها المعاصرة، والوصول إلى هدفها.

أما في الرواية الثالثة “وسلالا” فإننا نعثر على شخصية “ميليساندرا” التي تبحث في المستقبل عن العالم الميثيولوجي المثالي في “وسلالا” التي تلعب النساء فيها دوراً مختلفاً تماماً عن تلك الأدوار التي يفرضها المجتمع عليهن، أي هن نساء متمردات على أدوراهن في هذا المجتمع في محاولة لخلق مجتمع مثالي يؤمن بقدراتهن.

إن البحث في الأعمال الروائية للكاتبة جيوكوندا بيلي يكشف دائماً عن إصرارها على إحاطة شخصيات تلك الروايات بعناصر نسائية أسطورية لها ملامح نابعة عن أصول وتاريخ تلك المجتمعات القديمة لإبراز دور المرأة في المجتمعات المعاصرة القائمة الآن، وأن الشخصية النسائية تسعى دائماً من أجل حياة أكثر عدالة، وتأتي تلك الشخصيات الأسطورية مخترقة التاريخ والواقع لمساعدة بطلات هذه الأعمال من أجل التوصل إلى تحقيق هذا الهدف، وعندما تسير الأحداث بشكل غير منطقي لتحقيق الهدف فإنها تبحث عن طرق أخرى تؤدي أيضاً إلى تحقيق هذه الفكرة روائياً من خلال التفكير في القوى الخارقة للطبيعة التي يوفرها استخدام الشخصيات الأسطورية. د/طلعت شاهين عن الكاتبة