اسطوانة الدعارة المشرعنة في العراق (تعدد الزوجات)



فؤاده العراقيه
2018 / 1 / 19


عجلة الحياة تسحق القديم دوما لكون قانونها الثابت هو التغيير فالحركة مطلقة والسكون نسبي,شانا أم أبينا الحياة تتغير من حولنا كل يوم بل كل دقيقة وثانية , وعجلتها تدور ولا ترحم الساكنين,الذين يأبون هذا التغيير يعملون جهدهم على تغيير قوانين الحياة لا تغيير افكارهم ومفاهيمهم ,لكن الحياة ترفضهم لكونها في تطور مستمر وعلينا مسايرة هذا التطور بتغيير الفكر لما يناسب تطور الزمن ليكنس القديم ويُستبدله بالجديد الذي يواكب تطور الزمن .
من ضمن هذا القديم الذي اضمحّل هو تعدد الزوجات , لا أدري كيف أسميه وأحتار في تسميته فهل أسميه قانونا أم شرعا أم مفهوما أم عادة والخ.. من التسميات
فبعد ان أضمحل موضوع تعدد الزوجات الذي هو بمثابة دعارة ولكنها مشرعنة تعطي الحق للرجل في ان يتزوج من اربعة نساء دون قيد ولا شرط , بمعنى بغض النظر عن أخلاقه أو فقره أو كونه عاقراً, فيحق له أن يفتح بيتا للدعارة يجمع به النساء وكل واحدة سيكون لها غرفة خاصة بها ليختار هو أي واحدة منهنّ يقضي ليلته معها .

فبعد أن أضمحلّ هذا الفعل لكون أثبت فشله الذريع بما سبّبه من مشاكل , تحاول قوى الظلام المُتسلِطة على الحكم الرجوع إليه بين حين وآخر لكونها لا تريد الصحوة للشعب وفي محاولة منهم لإلهائه وطمسه بمشاكل عديدة ليستمروا في سلبه ونهبه .

وبين حين وآخر تُثار هذه القضية المخرية فتبدا مناداتهم ومحاولاتهم لتشجيع الرجال من خلال تقديم الإقتراحات والتسهيلات للمتزوجين منهم بالزواج من ثانية وثالثة ورابعة , وبالرغم من كثرة الشباب الغير متزوج يصبّون اهتمامهم على المتزوجين فقط دون التفكير بالاسباب التي جعلت من الشباب عازفا عن الزواج .

فنّدت الناهبة جميلة العبيدي وعلّلت اسباب مطالبتها بتعدد الزوجات بقولها (: صحيح ان الزوجة الاولى ستتضرر اذا تزوج زوجها .. ولكن ضرر الارامل والمطلقات والعوانس اكبر اذا لم يتزوج الرجل من امرأة اخرى!! (
متغافلة عمداً اسباب كثرة الأرامل وهي الحروب , وأسباب كثرة المطلقات وهو التخلف الذي تعمّدوا نشره في اوساط العراقيين , وأسباب العوانس, على حد تعبيرها الناقص,وهو الفقر وإنعدام أبسط وسائل العيش, وجميع هذه الأسباب هي نتاج لفسادهم والنهب والسلب الذي مارسوه طيلة سنوات حكمهم .
فهل هذا هو الحل الذي يتلائم مع كرامة المرأة أيها المنادون لتعدد الزوجات ؟أم إنكم لم تضعوا اعتبارا لكرامتها ,على اعتبار كرامتها من كرامة الرجل لكونها تحت وصايته ؟
أما بخصوص قولها بأن هذا القانون (تعدد الزوجات) هو من ضمن الشريعة الإسلامية فهذا لعب على الوتر الحساس للعقول الغافلة عن مبتغى هؤلاء ومُبتغاهم هي السيطرة عليهم من خلال اغراقهم بمشاكل تبدأ تتناسل بينهم , فكيف تتنكر هذه الناهبة وتنسف قانون الحياة الثابت وهو التغيير ؟
فهل تنكر بأن الزمن هو في تغيير مستمر ولا وجود للسكون به؟
هل تنكر بأن هناك الكثير من ما كان يُعمل به قبل أكثر من 14 قرن لم يعد صالحاُ لزمننا الحاضر بحكم عجلة التطور التي يخضع لها الإنسان مرغماً وطائعا ,فالتغيير الذي طرأ على الإنسان وخصوصا المرأة ,يفرض علينا التغيير,وحيث خرجت المرأة اليوم للعمل وصارت تنفق على أسرتها حالها حال الرجل فقد أنتفت الكثير من المفاهيم التي كانت تسود قبل قرون ,غصباً عن أنف الذين يبغون الرجوع بالمرأة لعهد كانت به جارية وعبدة تُباع وتُشترى بسوق نخاستهم السيء الصيت, فاليوم بات ليس من المنطق أن تتقبل الزوجة لفكرة الزواج الثاني لكونها امتلكت كرامتها التي حاولوا على مر القرون سلبها منها ولكونها امتلكت بعضا من قرارها في رفض فكرة زواج زوجها من امرأة ثانية لكون اساس الفكرة هي عيباً وعاراً ودعارة مشرعنة تحت حجج باتت واهية وغير مقبولة .
وعن اسباب المطلقات فغالباً ما تكون لرعونة الأزواج بسبب قانون الزواج الغير عادل والحقوق التي أعطيت لهم بغير إنصاف ومنها :
1_ حقهم في ممارسة الخيانة لمجرد إنهم رجال ولا يعيبهم هذا الفعل أو إعطائهم الحق في خياناتهم لكونهم خُلِقوا بطبيعة مختلفة عن المرأة تجعلهم لا يكتفوا بزوجة واحدة وهذه من أحقر وأقبح الحجج .
صحيح بأن نسبة الرجال الذين لا يكتفون بزوجة واحدة كثيرة جدا ولكن لا يكمن السبب في طبيعة الرجل بقدر ما هو تأثير للبيئة وللمحيط في تشويه تلك الطبيعة بحكم الحرية التي يتمتع بها وما تعلمّه في إن له كل الحق في أن يعدد علاقاته وزواجاته فلا تعيبه هذه المسألة بقدر ما تعيب المرأة ,ولهذا السبب كثرت نسبة هؤلاء الرجال ورضخت المرأة بدورها لزوجها لكونها صدّقت هذه الفكرة (فكرة الإختلاف)


هذه الطبيعة أي الرغبة بتعدد العلاقات وحتى الخيانة لا نستطيع تعميمها بل تتبع لثقافة ووعي الشخص ولا تتبع لجنسه وحسب.


2_امتلاكهم للعصمة التي تخولهم في تطليق زوجاتهم ورميهم إلى الشارع بلا أي عذر وبمجرد عدم شعوره بالراحة مع زوجته وما عليه سوى أن يدفع المهر المؤجل وهذا أيضا ممكن أن لا يدفعه بسهولة بمجرد أن يمارس الزوج حقه في تعنيف زوجته لتتنازل عن حقها في المهر المؤجل والمقدم وأحياناً يجبرها على أن تتنازل عن الأطفال .

3_ استبداد الازواج واستهتارهم في ممارسة استعلائهم وذكوريتهم الفارغة مما تؤدي إلى عدم قبولهم بأي زوجة ما لم تكن لهم جارية .
يسأل البعض من الذين تخلفت عقولهم سؤال ساذج ولا يمت للمعقول بصلة ليبررّوا به تعدد زواجاتهم وهو: هل ترتضي الزوجة خيانة زوجها أم زواجه بأخرى؟!!!
فما وجدت اقبح ولا اشنع من هذا التبرير الذي يهين الرجل قبل المرأة وهو مبني على أساس إن الرجل حيوان وعبد لغرائزه ولا يستطيع الإمتثال لعقله والمكوث على زوجة واحدة كما هي تفعل .
وكذلك البعض يقول بوجود حق للزوجة في تطليق نفسها في حالة رفضها لزواج زوجها , فأمام حقه في الزواج عليها , وضعوا حقها بتطليق نفسها !!!

_ علماء الدين حاولوا تجميل مسألة تعدد الزوجات وقالوا بأن حق الرجل في الزواج يُشترط أن يكون بسبب وليس بمجرد امتلاكه للمال وهنا ارادوا تكحيل قبحهم فزادوا الطين بلل ,واسأل هؤلاء هل حلولكم تقتصر على الأغنياء فقط؟

لا أدري إلى متى ننتهي من مهزلة تعدد الزوجات واسطوانتها المشروخة في بلداننا التي أصيبت بالعطب وصبّت إهتمامها على كيفية تلبية رغبات الرجال والتفنن بهذا الموضوع من خلال تعدد الزوجات تارة وتارة زواج القاصرات ,هذا في الوقت التي به تكون بلدان الغرب الكافر مشغولة بتطوير بلدانهم بالصناعات والإكتشافات التي نستخدمها نحن لننادي بالفساد ونُسطّر الكلمات البذيئة بحقهم .