مينى جيب رشا وأخواتها



محمد رجب
2018 / 1 / 28

"إلى تلك الزهرة التي أشــرقــت لشــمـس النـهار
إلى كل فتاة تاهت عن نفسها في غياهب الواقع
فمضت في صمت، تنتظر من ينير لها درب الحياة..
إليكِ أنتِ...."
هكذا ترسل رشا العمرى , و الاء الكسباني و نانسي خليل رسالة بوح لحواء عبر سطور كتابهم الأول الصادر عن دار تويتة للنشر والتوزيع وسوف يقام حفل التوقيع بمعرض الكتاب الدولي 2018.
وإن كان هذا الكتاب الأول المنشور لرشا العمرى إلا أنه سبقه نشر كتابات أدبية متنوعة فى مجال القصة، والخواطر الشعرية، فى الدوريات الأدبية ، وكانت رشا العمرى حريصة على المشاركة فى ارسال تلك الرسائل بشكل مباشر بعيدا عن المغزى الكامن ضمن الخطاب القصصى أو الصورة الشاعرية ، ليكون كل حرف من حروف تلك الكلمات نقطة ضوء فى دروب حواء، ولا يعرف الجانب المظلم من جوانب حياة حواء سوى حواء نفسها.
"داخلنا-نحن النساء–نافذة خاصة تفتحها كل منا لتطل كشرفة بيت على ما تريد ،كما قال الشاعر الفلسطيني "محمود درويش"، ترى إحداهن أنها تحيا علاقة عاطفية رائعة و متكاملة مع شريك حياتها الذي اختارته واختارها، وإذا قلنا بدقة أكثر الذي سمحت له أن يختارها، تحلم أن تلتقي بذلك الرجل الذي يمنحها الحب والأستقرار تلك الطمأنينة الأبدية التي تعد الهدف الأول من أي قصة حب ناجحة... الثقة، الأمان، الحنان...
كلها مسميات أو ترجمات لمشاعر فاضة تندرج تحت مسمى علاقة ناجحة بين رجل وامرأة."

ثم تحول البوح الناعم إلى صرخة فى وجه المجتمع .
"الفتاة المختونة تصبح زوجة مطيعة لا ترهق زوجها في العلاقة الجنسية، وهي في ذات الوقت تستطيع أن تحافظ على شرف زوجها في حالة غيابه أو مرضه، والختان هو الجزء الحقير من هويتنا الوطنية ينتج عن نشأة البيئة المحيطة، وأسلوب التربية الذي تجرعه أصحابه، والتخلي عنه هو دعوة غريبة لنزع شرفنا وعفتنا. هذا العبث هو كل ما يملكه الأهل لتبرير فعلتهم أمام بناتهن، إذ تتجلى وجهة نظرهم في حماية بناتهن، ولكن العكس تماما هو الصحيح، فهو ال يقدم أيًا من أنواع الحماية لهن، ولا يحفظهن من أي انحراف كما هو مزعوم، غير أن تلك الجريمة لم ينص عليها أي دين أو عرق؛ فقط هي العادات القبيحة والموروث الأعمى."
ثم كانت الخلاصة فى جملة اختزلت الكثير من الدراسات الاجتماعية، والثقافات المجتمعية فى طرح اشكالية مهمة فى العالم العربى وكيفية التعامل مع القضايا الانسانية ، والربط بين عوامل فسيولوجية وعوامل نفسية أدت إلى توليد قهر اجتماعى ، والدعوة للتفكير والتأمل من الغرض من قهر الأنثى العربية ما هو إلا أوهام فى عقول (السادة) المتوارث عبر أجيال من مفاهيم متراكمة مغلوطة عن الأنثى.
" حسنًا فإذا كنتم يسرقن، لا تختنون بناتكن حتى لا يقعن في الخطيئة، فبالتبعية يجدر بكم أن تقطعوا أيديهن خشية أوألسنتهن حتى لا يكذبن، وأرجلهن حتى لا يذهبن إلى أماكن لا تحبون أن يوجدن فيها بغيرعلمكم"
"الختان يا سادة يريح عقولكم وضمائركم، ولكن تجني بناتكن وحدهن ما زرعتموه فيها."
وحتى نقترب من هذه النفوس الطامحة لمستقبل أفضل للجيل القادم نحو التغيير كان هذا الحوار مع الكاتبة رشا العمرى ، إحدى المشاركات فى تأليف كتاب "مينى جيب"
- لفت نظرى العنوان " مينى جيب" وحسب ما ورد تعريفه فى موسوعة ويكيبيديا:عبارة عن تنورة قصيرة جدا بحيث لا تتعدى 20 سنتم ، و قد اعتبرها البعض من بين رموز تحرر المرأة، في حين يعتبر المتدينون أنها تخالف الأحكام الدينية في خصوص لباس المرأة ، ما المقصود به هنا؟
** المقصود به هنا أنها ليست لسيت دعوة للمساواه بالرجل بل هى صرخة لاحترام خصوصية المرأة وعدم التعدى على حقوقها وحريتها ، لذا اخترنا اسما يناسب هذه الخصوصية ، فهى صرخة ولكنها ناعمة .
- لماذا التجربة المشتركة فى الكتابة؟
** نحن كصديقات مقربات كانت دوما هناك ما تقابلنا مشكلة.. وهي قيود المجتمع التي تحيط بأعناقنا حتى أوشكت أن تخنقنا فكنا دوما نتبادل اطراف الحديث والشكوى والتذمر مما يصادفنا في حياتنا وهما جائتنا فكرة ان نتحدث بصوت عالي مع كل فتاة ولا ننكر دور البارز لدار تويتة للنشر والتوزيع في تبني ارائنا وإخراجها للنور.
- ما الجديد الذى يمكن أن تضيفيه الى حواء من خلال هذه التجربة؟
** هنا في هذه الأوراق نحكي سويا كصديقات كل واحدة منا تخرج ما بداخلها من مشاعر تشكو تبكي تضحك مثلنا مثل كل فتاة ولكن ليست كل فتاة تجد مم ينصحها بصدق من يخبرها حقيقة الأمور كل فتاة تحتاج لكم يأخذ بيدها ليخرجها من الشرنقة التي لفها حولها المجتمع لذلك نحن نكتب إليها لندعمها ونساعدها على تخطي هذه المرحلة من حياتها.
- بالرغم من منشورات ادبية سابقة، لماذا اللجوء للكلمة المباشرة.
** نحن هنا لسنا بصدد كنابة ديوان شعري ولا قصة لاسنخدام استعارات وكنايات لنجمل بها الحقائق نحن نتحدث عن واقع تعيشه الفتاة كل يوم وفي كل مكان لذلك ليس هناك أفضل من الوضوح والكلمة المباشرة لمثل هذه القضايا التى لا تتحمل التنويه أو الرمزية .. ماذا سنستفيد من الألتفاف حول الحقائق وإعادة صياغتها بطريقه تعبيرية .
- لكن هناك من القضايا المهمة وخاصة المرتبطة بالقضايا النسائية تم طرحها بشكل فنى جيد فى نص روائى أو فى السينما والمسرح ، وقد لاقت صدى واسعا فى المجتمعات العربية وأدت إلى لفت الأنظار لها. على ما أذكر بعد عرض فيلم " أريد حلا" للمخرج سعيد مرزوق صدر القانون المصرى بأحقية الزوجة الخلع من زوجها.
** صحيح أنا معك ، ولكن هناك بعض الملحوظات لابد أن نضعها فى الاعتبار ، أولا كان ذلك فى الماضى الذى ليس ببعيد، ولكن كانت القضايا المهمة التى كانت تناقش آنذاك محدودة يمكن حصرها وعرضها بشكل فنى، وكانت الأمور واضحة للمتلقى يمكن استيعابها واستخراج لب القضية بعد المشاهدة الفنية الممتعة، ولكن الآن بعد انتشار الميديا، والانفتاح الإعلامى، تاهت القضايا الأساسية وتم تهميش القضايا المهمة لصالح ثرثرة تهدف إلى جذب المتلقى ، وافتعال قضايا جديدة سواء سياسية أو اجتماعية وبالمناسبة منها ما يخص المرأة ولكن لللإثارة فقطك.
الأمر الثانى نحن لا نسعى إلى تغيير بضعة نصوص فى قانون ، ولكن نسعى إلى تغيير رؤية شاملة لنصف المجتمع.