كتب اثرت فى حياتى الدولة المستورة



مارينا سوريال
2018 / 1 / 29

تترافق الهيمنة السياسية للغرب على "دول الجنوب"، منذ عصر الأنوار، بهيمنةٍ ثقافية أكثر قوة، كما إن تصفية الاستعمار -التي كان من المفترض أن تمنح لمجتمعات العالم الثالث وسيلة للعثور على تنظيم يتطابق مع تقاليدها- زادت من حدة هذه الظاهرة،وبالتوازي مع استخدام خطاب يتبنّى القطيعة مع الغرب، يقوم زعماء الجنوب باستيراد القانون ونموذج التنمية والديمقراطية التمثيلية الغربية الحديثة، حتى وإن كانوا يكيفونه مع أنظمتهم.

إن هؤلاء الزعماء والمحيطين بهم ومثقفيهم، يفكرون ويتحركون وينشئون وفقاً للنماذج الغربية،لكن وربما باستثناء حالة اليابان، يخفق هذا التغريب لاستحالة استنباته في عالم الجنوب، ويعكس هذا الاخفاق التطورات التي عرفها العالم المعاصر منذ عام 1945؛ فيسلط الضوء على تاريخ الهند، والعالم العربي، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية والصين أيضا، بل وحتى على الشكوك التي تواجهها النهضة اليابانية اليوم. وعلى عكس توقعات النخب، كان التغريب الفاشل سبباً في العديد من الأزمات المجتمعية، وعاملا للفوضى في العلاقات الدولية.

إنّ عالَماً يعاني من عدم التجانس وغير قادر على توحيد قواعد اللعبة ولا على الاعتراف بالاختلافات، مما يشكل أكبر التهديدات التي تواجه الإنسانية.
ن تصفية الاستعمار، التى كان من المفترض أن تمنح مجتمعات العالم الثالث وسيلة للعثور على تنظيم يتطابق مع تقاليدها، لم تفعل ذلك
"بالتوازى مع استخدام خطاب يتبنى القطيعة مع الغرب، يقوم زعماء الجنوب باستيراد القانون ونموذج التنمية، والنظام الديمقراطى التمثيلى الغربى، حتى إن كانوا يكيفونه مع أنظمتهم، إن هؤلاء القادة والمحيطين بهم ومثقفيهم يفكرون ويتحركون وينشأون وفقا للنماذج الغربية، لكن وربما باستثناء حالة اليابان يخفق هذا التغريب لاستحالة استنباته فى عالم الجنوب، ويعكس هذا الإخفاق التطورات التى عرفها العالم المعاصر منذ عام 1945 فيسلط الضوء على تاريخ الهند والعالم العربى وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والصين بل وحتى على الشكوك التى تواجهها النهضة اليابانية اليوم. وعلى عكس توقعات النخب، كان التغريب الفاشل سببا فى العديد من الأزمات المجتمعية وعاملا للفوضى فى العلاقات الدولية".
"إذ طالما أن المثقف يخلق حيزه الخاص، سرعان ما يجد نفسه فى تعارض مزدوج مع السلطة الرسمية من ناحية، ومع أشكال الاحتجاج على هذه السلطة الصادرة من قطاعات المجتمع التقليدية من الناحية الأخرى. ولأنه يتطلع إلى التزود بموارد مستقلة للنفوذ وإلى شغل مكانة خاصة فى المجتمع، فإنه يصدم بسلطوية العاهل مثلما بالعمل القائم بمجرد استنساخ معرفة دينية غير خاضعة إطلاقا لصنعة المثقف. وتعتبر علاقة المجابهة بين سلطة أبوية جديدة وبين مأثور سلفى عقبة رهيبة أمام احتراف المثقف. إذ لا يمكنه الإفلات من هذه المجابهة إلا بالاستعارة بطريقة ضخمة إلى حد ما من تصورات الفكر الأجنبية، مما يسبب فى تعرضه لأخطار أخرى ولإخفاقات جديدة.