وراء كل إرهابي .. إرهابية !!



سلوى غازي سعد الدين
2006 / 3 / 9

بعد أن اجتازت الولايات المتحدة و جيشها الملائكي ، مرحلة صعبة و أسقطت أبشع نظام دكتاتوري عرفه التاريخ ، بدا للمرأة العراقية ، أُفق واسع جديد نحو الحرية و نيل الحقوق و المشاركة و التمثيل الواسع ، و لكن سرعان ما تبدّد هذا الحلم بظهور "التكفيريين" و "البعثيين" واقفين بوجهها ليسدوا الطرق التي من شأنها أن تفتح للمرأة آفاق الاطلاع على الحضارة و التاريخ و برؤية حقيقية و واضحة .
لأنها كانت مضطهدة خلال العقود الماضية على أيدي جلاوزة صدام و نسائه ، و المرأة العراقية نفسها تقف ضد "المرأة" بتقديسها للرجل ـ حتى و إن كان يضطهدها ـ و هذه الظاهرة ليست بجديدة لأنها مغروسة في طبيعة المجتمع المتخلف و بقي إلى يومنا هذا ، حيث تتبع "المرأة" التي تتولى مناصب مهمة في الدولة ، سياسة مزدوجة ، فالمرأة المحجبة أو المتديّنة لا تدافع إلا عن طراز واحد من حقوق المرأة ، أما المنتميات إلى الأحزاب القومي "و التي تزعم أنها علمانية" ، فهنّ لا يدافعن بشكل جدي عن النساء و لا نرى سوى أنهن يملأن جيوبهن بغنائم السلطة و الضحك على ذقون النسوة تاركين المرأة تعاني من حكم النظام العشائري و الإسلام "المزيف و الأموي" و أمثال هؤلاء المدعيات الدفاع عن حقوق المرأة ، هن كثر .
و مع ذلك يجب أن لا ننسى أنّ الفروق التي تظهرها المرأة "السياسية" ، هي فروق سطحية لا جوهرية و غير جادة ، و هن لا يختلفن كثيرا عن "النساء الغير متعلمات" لأنهن لا يخرجن من طبيعتهن في التقليد للأفكار الحزبية أو العشائرية أو القومية أو حتى الدينية .
و الحل للتخلص من هذه السلبيات هو : دراسة الحالة الاجتماعية و معانات المرأة في الماضي ليتسنى لنا فهم الحاضر و بالإضافة إلى ترك التملق السياسي مع الأحزاب بهدف نيل امتيازات و مناصب معينة ، و لا توجد دراسة تثبت أن المرأة ناقصة عقل أو دين و هي الدافع الحقيقي و الأساسي للرجل "سلبا أو إيجابا".
و وراء كل عظيم امرأة و وراء كل "إرهابي" ، "إرهابية" .
فالرجل و المرأة كلاهما متساويان و أحيانا نرى رجالا عباقرة و منقذين لشعوب و أمم ورائهم نساء لا يقلن عظمة عن هؤلاء الرجال ، فمثلا كانت السيدة "إليانور روزفلت" تكاد ترفض الدخول إلى عالم البيت الأبيض خشية أن يؤثر المنصب على سلوكها الاجتماعي ، و فعلا عندما دخلت البيت الأبيض بادرت في دعم التنمية و العمل الإنساني داخل الولايات المتحدة و خارجها ، و كذلك السيدة الأولى "لورا بوش" فهي تساند زوجها في القيام بالأعمال الإنسانية و تشجع النساء على العمل و الحصول على الحرية كاملة و غير منقوصة .
فرغنا من الجانب الإيجابي و أما أمثلة السوء فهي كثيرة في العراق و الشرق عموما ، فقد ساعدت زوجة الطاغية المخلوع صدام و بناته والدهن و أزواجهن على قمع و قتل و تشريد العراقيين و العراقيات و ساعدوه على إقامة المقابر الجماعية و تجويع الشعب و نهب الأموال و الثروات إلى الخارج ، و بلغت نسبة الأمية بين النساء العراقيات ما يقارب 80% تقريبا ، و هذه نسبة عالية جدا قياسا إلى بلد غني كالعراق .
و لكي لا ننسى أن واجبنا الأخلاقي يدعونا إلى محاولة جدية إلى إبعاد البعثيين و "البعثيات" عن المناصب الإدارية الحساسة و إفساح المجال أمام النساء الأُخريات اللاتي اضطهدن في الماضي للدخول إلى ساحة البناء السياسي و الاجتماعي لتأسيس مجتمع حضاري متطور ينبذ لغة الكراهية و الأنانية و البداوة و العشائرية أو التعصب لكل ما هو قديم .
E-mail : [email protected]