يوم الإنسان السّوري بدلاً من يوم المرأة



نادية خلوف
2018 / 3 / 4

بمناسبة يوم المرأة العالمي، والذي لا أحتفل به لأنه تلوّث بالزيف بين السوريين، لكنني أهدي وردة حمراء إلى كلّ رجل سوريّ حافظ على أسرته- بغض النظر عن ذكوريته- وعاد في المساء ليتحدث مع أطفاله، ويعمل كادحاً من أجل عائلته، وأحيي كلّ امرأة سورية صبرت على طباع زوجها مادام يقوم على رعاية الأسرة، وعندما أقول رجل سوري، وامرأة سورية فإنّني أعني عملاً بطولياً وهو الحفاظ على الأطفال بسلام جزئي ضمن تلك الحرب القذرة.
لا يحق للرجال أو النساء أصحاب الإيديولوجيات المؤيدة للبنادق سواء من قبل النظام أو المليشيات الاحتفال بعيد المرأة، لكنهم وحدهم سيحتفلون، وينظّرون لنا كم هم متمدنون ضمن ذلك الحطام.
البشر هم البشر في الغرب والشرق، يحكمهم القانون، وكلمة قانون فضفاضة في الشرق رغم ضيق القانون، وفي الغرب أيضاً هناك منافذ قانونية ليست كبيرة.
لا شيء جديد تحت الشمس، ففي أغلب الحالات يقدّس البشر المال، والقيم السّورية هي قيم استبداديّة في جميع الحالات، ومن حيث المبدأ فإنّ الرجل والمرأة يكونان من سويّة اجتماعيّة واحدة عند الزواج في أغلب الحالات، والمرأة هي التي تسعى لزوج مناسب تعتقد أنه يصلح أباً. وكون الطّبقة الوسطى غير موجودة في سوريّة فإن الأغلبية هم من الطبقة الشعبية.
من قال أنّ المرأة السّورية، أو الرجل السوري غيّرهم الغرب؟ قد يتغيّر بعض السوريين بعد الجيل الرابع من الهجرة، لكن هناك من قضى عشرين عاماً في الغرب، ولا يجيد اللغة وليس له عمل ، ولو كان قد كرّس بعض وقته للعلم كما يفعل أغلب السّوريين داخل سورية -الذين يطمحون لحياة لمحترمة، لكنهم يفشلون في النهاية ويصابون بالاكتئاب- لاستطاع العيش بكرامة.
عشت مع حوالي مئتي سوري في سكن جماعي خلال رحلة اللجوء ،وفي مساكن اللجوء. قلّة منهم لديهم قيم، فقد كان الأزواج في كثير من الحالات يشربون عند العلمانيين، وحتى ربما يدخنون الحشيش عند-غير العلمانيين-، والنساء تتبادل العشق مع صديق يجلس بقربهم يدفع لهم الثّمن.
أوروبا والغرب بريء من قيمنا، فعندما تصل إحدى النساء مع صديق زوجها ، وينتظرها هو لتعمل له لم الشمل، وتسكن مع ذلك الصديق، ويتسوقون، ويداعبون النسيم .تكون رحلة الطريق الموفقة تركها الزوج لصديقه، وهنا تحضرني نكتة قذرة يرويها الرجال أن أحدهم عرّف عن صديقه قائلاً هذا" قضيبي" أي صديق العائلة.
لقد رأيت العوائل السّورية في الإمارات، وأغلب النساء تلبسن العباءة، والشيلة، أو القناع الإسلامي، وعدد لا بأس به منهن لا يحملن القيم. وكانت إحداهن تخرج مع زوجها، وتلبس أمامه القناع، وتذهب إلى الفندق لتقدّم فقرة فنّية خليعة، وتعود برفقته، والبعض تزوّج أربع نساء يعملن جميعهنّ بالدعارة.
في كل العالم يوجد دعارة، لكن إن لم نعترف أن الاستبداد والظلم في سورية غيّر القيم التي كانت سائدة، والتي كان بعضها مقبولاً، فإنّنا نغالط أنفسنا، فقد كانت المرأة الرّوسية أرخص من السّورية في الخليج، واليوم العكس صحيح.
الكثير من الرّجال السّوريين المؤمنين سكنوا مع زوجات أصدقائهم، وبقوا أصدقاء، لكن بعضهم نجح في العيش مع امرأة غربية حيث الجنس متاح وليس جريمة، وسألت أحد المؤمنين وهو طبيب. هل تعيش مع تلك المرأة بشكل شرع؟ أجابني : نعم. نساؤهم حلال ومالهم حرام، وهذا ما ردّده إمام جامع مغربي كان يعيش معنا في مسكن اللجوء، ويبيع المسروقات بأقل من سعر السّوق.
سوف أسرد بعض الشيء عن الحجاب، وأنا أعتبره حرّية شخصّية، ولكن تصبح تلك الحرّية رهن السّؤال عندما تستعمل صاحبة الحجاب حجابها لإيهام نفسها وليس الآخرين أن كلّ ما تفعله سليم، وهذا ما فاجأني بامرأة كانت تعيش في السّعودية، ويبدو أنها كانت تمارس الدعارة، التقينا في سكن اللجوء، ولم أكن أعرف عن السويد سوى حصانين يعيشان قرب الكامب الواقع في الغابة، بينما كانت هي يوميّاً تترك أولادها مع زوجها وتذهب مع أحد أصدقائهم إلى المدن القريبة، وتأتي بما لذّ وطاب. حجابها سميك يعادل حجم ملحفة ، ومكياجها غالي الثمن، و سروالها ينطق بالتفاصيل، وفي أحدى المرات جلسنا معاً فقالت: الغرب ليس جيداً. يأخذ الأطفال من أهلهم. سألتها لماذا أتت من السعودية إذن؟ أجابت كي نبدل نظرة الغرب إلى الإسلام. بالنسبة لي فوجئت بحديثها، ولم أكن أعرف شيئاً عن القانون الأوروبي حول المرأة والأطفال إلا قيل عن قال.
تلك المرأة التي يعطيها زوجها كامل الحرّية كي تسافر مع صديقه، وتنام معه ريثما يلمّ شمله يضربها زوجها لأسباب لا علاقة لها بالشّرف، وأمام الجميع، وتصيبها الكدمات، وينعتها، وينعت أمها بألفاظ سيئة، وفي اليوم الثاني تدّخن النرجيلة معه ومع أصدقاءه من الّذكور.
حالات طلاق السوريين في الغرب ليس كبيرة أكثر مما هي في سورية، ففي داخل سورية نسبة الطلاق مرتفعة جداً، والقيم الإنسانية تدهورت بسبب الحرب، وانهيار المجتمع، وإذا كانت الحرب قد أكلت الرّجال وبقيت النساء صغيرات السّن يبحثن عن زوج وهو حقّ مشروع، وقد لا يجدن الزّوج فيبحثن عن لقمة العيش.
لن أتحدّث عن الغرب، فالإنسان هو الإنسان في الغرب والشرق، والمجتمع لا زال ذكورياً حتى في الغرب، ولا زالت قصّة الطبيب الكندي الذي قتل زوجته وعبأها في حقيبة حديثة على الأذهان، و كانت قد اكتشفت القصّة صديقتها الطبيبة التي تواصلت مع أمها وقالت أعتقد أن ابنتك جرى لها أمر ما، لم تصدق الأم وذهبت لرعاية الأطفال مع زوج ابنتها، فاضطرت الصديقة لإبلاغ الشرطة عن اختفاء زميلتها في العمل وقد اتهم الزّوج زوجته بأنها ذهبت لتعاشر غيره، وهذه حجج جميع الرّجال. المجرم هو مجرم أينما كان وطنه، ويشار له ،ويشهر به على الأقل من قبل وسائل التواصل، فقط في سوريا يشار إلى الضّحية أنها مجرم، والمجرم بريء.
في سورية، وقبلها العراق، وفي الدول التي أكلتها الحروب تنتشر الدعارة، والقتل والاغتصاب، وهذا أمر طبيعي، وليس لأنّ الناس مختلفون، بل بسبب الظلم والحرب. لكن بالنسبة للوضع السّوري، والقانون تجاه المرأة هو أشد من القانون السعودي. بل أتوقع أن تصل السعودية إلى قانون وضعي تعتمد فيه على الزواج المدني بطريقة جديدة تحت حجة أن العقد في الشريعة الإسلامية هو عقد مدني، وتبقى سورية متمسكة بقانون الأحوال الشخصية السّيء الصيت. في سورية مسموح القتل للمرأة وللرجل. لن يسألك أحد لو قتلت زوجتك تحت أيّة حجة إلا في حالات نادرة.
لا زال العالم ذكورياً، لكن المرأة يمكن أن تتنفس فيه، فعندما تقود حملة مي تو ممثلة تظهر شبه عارية، ويحاسب من تحرّش بها قبل عشر سنوات، أو عندما يدفع ترامب لممثلة إباحية مئات الألوف من الدولارات، فمعناها أنّ المرأة حتى لو كانت تعمل في الدّعارة، فهذا ليس شأنك، ولا يجوز لك التحرّش بها إلا بموافقتها.
في جميع الأحوال قد يكون الموضوع خاص بعض الشيء، ومع أنّ القتل، والدفاع عن الشرف خاص بالرجال لأنّ المرأة لا شرف لها, شرفها هو أن تمنح الجنس لرجل واحد يحق له مثنى وثلاث ورباع. إلا أن تلك المقولة تضعف كثيراً عندما تملك المرأة المال بغض النظر عن مصدره حتى لو كان الدعارة. يكون الرجل كالخاتم في إصبعها، القضية هي السّلطة والمال.
وأخيراً وليس آخراً، فقد وجد يوم المرأة من أجل الدفاع عن النساء المظلومات، وأعتقد أن استبداله في داخل سوريّة على الأقل بيوم الإنسان الذي يكفّ الرجال فيه عن ممارسة السّياسة كعمل يومي على مدار الساعة ن وينسون زوجاتهم وأولادهم. ، و من أجل أن يرحل الاستبداد، ومعه جميع المليشيات الطائفية والقومية، ووضع قوانين لحماية المرأة والأطفال.
في يوم الإنسان السّوري نصف فيه المجرم أنه مجرماً، ونترك الأمر لخبراء نفسيين أن يحكموا على ظروفه.
لنحيي يوم الإنسان السّوري الذي يعمل من أجل قيم السلام.