المرأه الفلسطينيه وضعها ومكانتها



محمود الشيخ
2018 / 3 / 7

المرأ الفلسطينيه وضعها ومكانتها
بقلم : محمود الشيخ
يقف المتفحص لوضع المرأه في العالم العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص على حقائق مؤلمه تفيد ان المرأه ومكانتها لا زالت سجينة الموروث الثقافي، في الوقت الذى يئن عالمنا العربي من كبت الحريات الديمقراطيه من جهه،ومن استبداد السلطة من جهة أخرى، ومنها الإستبداد الذكوري على اعتبار ان السلطه في مجتمعنا هي سلطة ذكوريه ،لذا يضرب في مجتمعنا المثل في الدكتاتوريه.
وشكل الإحتلال الإسرائيلي اداة لسحق ليس الحقوق السياسيه فحسب بل الحقوق المجتمعيه للرجل والمرأه معا.
ان وضع المرأه هذا دفع المهتمين بوضعها لدراسة وبحث اسبابه،ويدور جدل واسع بين اوساط المثقفين والمفكرين والأحزاب والقوى السياسيه على اختلاف اطيافها حول وضع المرأه ومكانتها في المجتمع استناد الى تغير دورها في المجتمع وارتفاع صوتها واستمرارا لمطالبتها ومؤسساتها النسويه،لحقوق المرأه ومساواتها بالرجل،باعتبار انها النصف الثاني للمجتمع.
وبما ان المجتمع الفلسطيني هو جزء من المجتمع العربي وثقافته ينسحب عليه ما ينسحب على المجتمع العربي وان اختلفت العبارات الا ان جوهرها واحد،هو تعطيل دور المرأه واعتبارها ملك الرجل،لأن الثقافة السائده هي ثقافة ذكوريه وهذا مرتبط بفكرة انهن الأقل قوه والأقل ثقافة والأقل مكانة يضاف الى ذلك الإستخفاف بقدراتها واعتبارها كائن ضعيف لا تملك القوة التى يملكها .
في الوقت الذى فرق المجتمع بين الرجل والمرأه فالرجل قيادي في حين المرأه تابعه،ولذلك يطبق الرجل المفاهيم التى زرعت في عقله من قبل والديه وهي انه صاحب السلطة حتى لو كان الأصغر سنا من اخواته ولذلك يمارس رجوليته في المنزل بتشجيع من والديه..
وبطبيعة الحال يقوم الأب والأم بإعداد ابنهم منذ نعومة اظفاره للقيام بهذا الدور المسؤول عن اخواته وعليهن الإنصياع لرأيه ولذلك يمارس دور صاحب السلطه التى هي نتاج لثقافه مجتمعيه،واستمرار صمود هذه الثقافه ناتج عن عدة اسباب منها التخلف الفكري لمجتمعاتنا العربيه خاصه اذا ادركنا ان معدل قراءة الإنسان العربي في السنه تبلغ فقط 11 سطرا او (6) دقائق او ان كل (80 ) عربيا يقرأ كتابا واحدا في السنه،في حين ان ألأوروبي يقرأ (35) كتابا في السنه، فكيف له ان يتطور ويتقدم فكرا وممارسة في الوقت الذى منذ ان غادر المقاعد الدراسيه في المدرسه لا يحمل قلما او يفتح كتابا بل ان عقله سيتعرض للصدأ بعد ذلك،وبطبيعة الحال ارى انه حتى المتعلم في كثير من مواقفه ان لم تكن جميعها تتشابه مع موقف الأمي الذى لا يقرأ ولا يكتب،صحيح ان التعليم ازداد وتوسع في مجتمعاتنا العربيه وفي مجتمعنا الفلسطيني الا انه لم يرافقه تغير في المفاهيم المجتمعيه،خاصه اذا ادركنا ان الوعي المجتمعي هو نتاج طبيعي للوعي الأبوي وللثقافة الأبويه،القائمه على العادات والتقاليد المكتسبه منذ مئات السنين ولذلك لا يمكن لمجتمع ذكوري ان يتنازل عن سلطة الرجل ولذلك تستمر هذه الثقافه في ثباتها وستزيد من ضررها للمرأه وتحد من امكانية تطور مكانتها رغم بصيص الأمل القائم في التغير لكنه سيطول حتما.
وهنا لا يمكن اعفاء الحركات الإسلاميه من مسؤوليتها عن تثبيت هذه المفاهيم وتلك الثقافه وهي تعتبر نفسها ظل الله على الأرض،فهم يدعون ليل نهار على نسخ الماضي على الحاضر والمستقبل ويعتقدون انه يمكن ذلك ويستشهدون بأدلة قرأنيه واحاديث نبويه لترسيخ تلك الثقافه من جهه ونسخ الماضي على الحاضر من جهة اخرى،ومنها ما جاء في كتابه العزيز(الرجال قوامون على النساء) اي تحميل الرجال مسؤولية النساء،ثم قال الرسول الأكرم (يا معشر النساء اني رأيتكن اكثر اهل النارفقلن ولما يا رسول الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وناقصات عقل ودين،فسألت واحده وما نقصان عقلنا وديننا فقال اليس شهادة المرأه نصف شهادة الرجل قلن بلى،قال فذلك من نقصان عقلها،ثم قال اليس اذا حاضت المرأه لم تصل ولم تصم،قلن بلى فقال فذلك من نقصان دينها)
من هنا تلجأ الحركات الإسلاميه لتدعيم رأيها ومواقفها من المرأه وبذلك يصطدمون مع التحديثات والتطورات التى تفرض نفسها على المجتمع وثقافته ولأنهم لا يؤمنون لا بالحريات ولا بحقوق المرأه ولا ايضا بإختلاف الراي بل ينادون بديمقراطية اسلامية التى حسب طرحهم تلعب دورا كبيرا في التكفير ومنع الإجتهاد وحق الغير في الإختلاف ومن الغريب انهم يسعون للعودة الى القرون الوسطى وما كان يقال في الماضي يمكن ان يقال اليوم،وبالتأكيد فإن هذه الثقافه تهمش دور المرأه وتحاول جرها من شعرها الى الوراء ومن الأمثله على ذلك فقد رفع عددا من اعضاء الإخوان المسلمين في مصر قضية على زوج الدكتوره ( نوال سعداوي ) لإلزامه في طلاقها كونها تجرأت على مناثشة وضع المرأه واتهمت ما يستشهد به هؤلاء لإستمرار عبوديتها الى الأبد.
وبدون شك ان هذه الثقافه السائده في مجتمعاتنا تصطدم بالحريات الديمقراطيه وتلغي دور المرأه ودورها حتى الهامشي منه.
من هنا يقع المجتمع العربي والفلسطيني منه على رأس المجتمعات التى تنتهك حقوق المرأه وتدعي ان الدين منحها كامل حقوقها ويباهون المجتمعات الأخرى بثقافتنا التى تمنح على حد زعمهن المرأه حقوقها.
وعلينا ان ندرك ان العنف المستخدم ضد المرأه في المجتمع الفلسطيني والعربي هو جزء من هذه الثقافه وابرز الأسباب التى كبلت المرأه وتركتها حبيسة العادات والتقاليد الإجتماعيه الموروثه هي نفس الثقافه المعتمده لدى العرب منذ مئات السنين،ومن المؤكد ان المرأه حتى تأخذ دورها ومكانتها بحاجة الى الحرية كإحتياجها للماء والهواء والغذاءواثبتت التجارب انه كلما انتزعت المرأه حقها زاد ذلك من قدرتها وارتقى دورها واخذ تأثيرها في التعمق والإزدياد.
ومجمل القول ان الثقافة الذكوريه في مجتمعنا لعبت الدور الأساس في تخلف المرأه عن احتلالها لدورها الطبيعي واعتقد بل اجزم ان الأحزاب والقوى السياسيه ومختلف الإتجاهات الفكريه ترفع شعار اعطاء المرأه حقوقها،وتطالب بمساواتها بالرجل في حين ان دورها في سلطة اتخاذ القرار في هذه التنظيمات احيانا غير موجوده وان وجدت فهي متدنيه من باب العتب ربما،وبذلك فان هذه القوى ذكورية القياده ودورها نسبي في عملية انتزاع المرأه لحقوقها وربما يشكلون عقبة كأداء في طريق انتزاعها وهنا انا لا اتهم بل ليجري كل من يعترض على هذا القول دراسه عن نسبة وجود المراه في الهيئات القياديه لهذا التنظيمات وما هي نسبتها بالنسبه للرجل،ومن يقتفي دورها في المؤسساات الحزبيه يصل الى مجموعة من القناعات وعلى رأسها ان شعار تلك القوى بخصوص منح المرأه حقوقها هو مجرد شعار لإكتساب ود المرأه لا اكثر ولا اقل،وربما هي جزء من ممارسة الموضه،فمثلا مشاركة المرأه في البلديات والمجالس المحليه جاء بناء على طلب خارجي وليس قناعة فلسطينيه بضرورته.
وخلاصة القول ان مجتمعا لا ينظر الى نصفه الأخر سيبقى مجتمعا متخلفا،وهنا يطرح واقع المرأه في المجتمع الفلسطيني سؤالا هاما ما هي الدعائم التى تمكن المرأه من انتزاع حقوقها واخذ مكانتها وعدم استسلامها للثقافة الذكوريه المستبده