فصلية في القرن الحادي والعشرين



امل كاظم الطائي
2018 / 3 / 10

فصلية في القرن الحادي والعشرين!!!

احتفت دول العالم ومنها العراق بيوم المراة العالمي باقامة المهرجانات والاحتفالات، تبنت المنظمات الثقافية و المدنية جانب من هذه الاحتفالات، بينما لم تتبن الدولة في العراق هذا اليوم المهم الا نزر يسير من الدوائر الحكومية حيث اقاموا احتفالا بسيطا وتم تكريم المتميزات بالعمل.
في حين والحق يقال ان المراة العراقية تقع عليها اعباء جسيمة خصوصا في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها الوطن، فمنذ خمسين سنة وهي تقوم مقام الاب والام معا لانشغال العراق بحروب لاطائل منها سوى الاستنزاف والتصفية الجسدية للرجال، واضطرت وهي بهذه الحال ان تقود المنزل وتربي الاطفال وان تعمل في الوظيفة لسد احتياجات الاسرة، لانه من غير الممكن باي حال من الاحوال ان يكفي راتب موظف واحد سد هذه الاحتياجات خصوصا لمن يدفع ايجار او ليس له سكن.
جاهدت وناضلت المراة في العراق وفي العالم اجمع لنيل حقوقها المشروعة في المساواة وان كان هناك اختلافات بايولوجية بيها وبين الرجل، ولكن لا توجد فروقات في انجاز العمل المناط بها وقد تفوقت كثيرا في مجالات عدة عن الرجل وهذه حقيقية ملموسة بالارقام ويشار لها بالبنان في جوانب التعليم والطبابة والبرامجيات والتصاميم رغم كثر اعبائها وكثر مسؤولياتها الا انها ابدعت وتميزت.
قد تكون المراة التي تعيش في المدن اوفر حظا من التي تعيش بالريف وخصوصا في جنوب العراق حيث يخضع اليوم الجميع لحكم وتقاليد العشائر البالية وللاسف عدنا الى البداوة والهمجية، فبدلا من ان تبني الديمقراطية المزعومة في العراق مجتمع مدني يخضع لقوانين دستورية منصفة ارى سيادة وسطوة العشائر وفتاوى ما انزل الله بها من سلطان في جلسات "الفصل العشائري" وال "الكوامة" وتسميات كثيرة نتفاجأ بها يوميا، رغم قساوة الحكومات الماضية والتي تعاقبت على حكم العراق الا ان والحق يقال كان هناك قانون وبنود دستورية تحمي المراة من بطش المجتمع الذكوري المتسلط الذي يؤمن بغسل العارّ!!!
يغسل العار بقتل المراة دون الرجل في حين ان القران الكريم ساوى بالعقاب بينهما " بسم لله الرحمن الرحيم الزاني والزانية..." الى نهاية الاية الكريمة، حث الدين الحنيف على انزال العقوبة وليس القتل والعقوبة لكلا الطرفين، في حين نرى ان المراة هي الموسومة حصريا بالعار دون الرجل...هذه احدى صفات المجتمعات الذكورية المتسلطة التي يتباهى فيها الرجل بكثر علاقاته وضحكه واستهزائه بعقل المراة وانه تمكن من اغوائها ولا يرى دناءة نفسه وخسة اخلاقه في محاصرتها لنيل ما يريد، وقد يكون الرجل ايضا ضحية لامراة لعوب ولكننا لم نسمع يوما بقتل الرجل غسلا للعار فالعار في عراق الشفافية ومنذ القدم يلحق وينسب للمراة فقط.
الكارثة الثانية التي تنزع عن المراة انسانيتها وتسلبها كرامتها اعطائها "فصلية" لجريمة لم ترتكبها هي ولم يكن لها ذنب اقترفته وانما تدفع ثمن من ارتكب جريمة قتل من اقاربها " الاخ او الزوج او الاب" فهم لا يكتفون باعطاء الدية او الفصل العشائري وانما تقدم ثلاث او اربع نسوة حتى وان كن قاصرات "فصلية" ويتم تزويجهن عنوة برجال من العشيرة الثانية قسريا دون ان يكن لها حق الموافقة او الرفض، اي تكون هبة كانها دابة اجلكم الله وتعطى هبة وتكون ضحية بدلا من معاقبة من ارتكب جريمة القتل او السطو.
اتساءل باي حق تكون انت مجرم وتدفع ثمن جريمتك اختك او ابنتك لتباع وتشترى كانها دابة اجلكم الله...
نحن اليوم بحاجة الى تحرير الرجل من عقله واعطائه محاضرات بان المراة انسانة مثله، لها كيان وحقوق وكرامة وان هذا الجرم الشنيع لا ترض به الاديان السماوية ولا التشريعات القانونية وعلىهم ان يرتقوا بفكرهم وعقولهم وان ويتركوا زمن الاعراف الجاهلية والبداوة، اتساءل باي حق يتم اعطائها فصلية وباي تشريع انه قانون المتخلفين الذين للاسف تسيدوا اليوم قمة الهرم واعادونا الى القرون الوسطى.
اليوم تمثل المراة بالبرلمان العراقي بمقدار الربع، ولكن لم نسمع في يوم انهن انتصرن لبنات جنسهن ولم يحاولن ايقاف هذه المجازر البشرية بحق النسوة خصوصا في جنوب العراق وفي مناطق اخرى يتسيد فيها الحكم العشائري الجائر الذي لم يجلب للعراق سوى التخلف والمهازل والكوارث.
هذه صرخة مدوية اطلقها في يوم المراة العالمي لتحرير نساء العراق من بطش الحكم العشائري الجائر.
نتمنى لنساء العراق ونساء العالم اجمع كل خير وازدهار وان يعترف بالمراة كانسان له كرامته واستقلاليته.
المهندسة امــل الطائي
2018/3/10