التحرش.. ظاهرة كلنا مسؤول عنها



داود السلمان
2018 / 3 / 10

لا يخلو بلد من البلدان ولا شعب من الشعوب، قديماً وحديثا، من "مرض" التحرش الجنسي، ووصل الامر التحرش بالأطفال، وفي رأيي أن هذه الظاهرة أو الثقافة أو التي اسميناها بمرض، لن تنتهي أبداً، لكن يمكن أن نحد منها او نستطيع أن نقللها حتى لا تصبح آفة تأكل جسد المجتمعات، بما فيها المجتمعات المتقدمة والمتحضرة؛ وطبيعي أن لكل مرض علاج، ولكل داء دواء، وبما أنّا اعتبرنا أن التحرش هو نوع من المرض، فثمة أمراض يمكن القضاء عليها بنوع من العلاجات المناسبة، لكن هناك امراض مزمنة لا يجدي فيها أي نوع من العلاج؛ فالتحرش نستطيع أن نعده مشكلة عويصة من مشكلات المجتمع، فمثلا: أن الدول الاوربية، وبرغم تقدمها في القضاء على العديم من المشكلات الاجتماعية، والنفسية، ولاعتبارات اخلاقية تسودها، مثلما هو شاخص من حالات كثيرة لديهم، ومع ذلك لا تزال أوربا تعاني من هذا المرض الاخلاقي "التحرش"؛ فكيف بنا نحن دول العالم الثالث، وكذلك الدول الاسلامية أن تقضي على هذه الظاهرة؟!.
أعتقد أن ثمة اسباب ومسببات أخرى اضيفت أخيراً الى الاسباب التي دعت الى انتشار ظاهرة التحرش، الا وهي ما ينشر على المواقع الالكترونية من صور ومقاطع فيديو وافلام جنسية، فهي تعتبر عامل مساعد لانتشار الظاهرة اضافة الى الاسباب الاخرى، خصوصاً لدى المراهقين والعزاب وسواهم، حيث يشعرون بنوع من الكبت وبالتالي يسعون الى اشباع تلك الرغبة لديهم، وذلك حينما يجدون المرأة في الشارع وفي المعمل وفي المصنع وفي الدائرة، وفي الباص، والمرأة بدورها ايضا هي من يساعد او يحفز الرجل على التحرش، وذلك حينما يجدها كاشفة عن بعض مفاتنها، واعتقد أن المرأة المحتشمة، المرتدية ملابس عقلانية هي الاقل تعرضاً للتحرش، وهو ما اشاهده يوميا، على اعتبار أن عملي بصحافة وانا متواجد اكثر الاوقات في الشارع، فألاحظ بأم عيني ما الاحظ.
وهناك علاجات قد تحد بنسبة كبيرة من هذه الظاهرة أو المرض، ومنها: نشر الثقافة الاخلاقية عن طريق القنوات الاخبارية وبعض الوسائل الاعلامية الاخرى كالفيس بوك، كذلك من خلال عقد ندوات ومحاضرات من قبل ذوي الاختصاص، من المرشدين والمختصين والمعلمين، ومن سواهم، ويقع الامر على وزارة التربية وغيرها من الجهات المعنية.
أضافة الى ذلك يأتي دور المؤسسات الدينية والمؤسسات الاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني، ويكون دورهم التوعية والارشاد، اذ يبثون ثقافة التعايش المشترك المبني على المحبة وتبادل الشعور بالانتماء الاخلاقي والانساني ما بين الرجل والمرأة، على انهما شريكان في بناء القيم الاخلاقية والتربوية، وبث الروح النزيهة البعيدة عن الاطر غير الاخلاقية وغير التربوية الى تؤدي الى الابتذال، كون ذلك يؤدي الى سحق المجتمعات، وهو ما لا ترى به كل الاديان، وكل القيم، وكل الاخلاق الحميدة. هذا وغيره من قضايا يمكن أن تحد أو تساعد ولو بنسبة بسيطة من انتشار هذه الآفة التي تقضم بالمجتمعات من الداخل.
لكن الدور الاكبر والاهم، هو دور الاسرة والتربية البيتية، فللاب والام دور فاعل ومؤثر في بما لا شك فيه، لإرشاد ابناؤهم وتغذيتهم بالأخلاق النبيلة، والقيم الصحيحة.
اذن، هذه الظاهرة كلنا مسؤول عنها.