الإضطهاد الموروث للمرأة



سعادة أبو عراق
2018 / 3 / 12

ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع، ما رأيته على الفيس بوك من اعلان للأكاديمية السعودية للتدريب والإستشارات في المدينة المنورة، يدعوا فيها المنظم ( فهد عبد العزيز الأحمدي) إلى دورة عنوانها ( هل المرأة إنسان؟) كما ان فضائية (العربية) قد اكدت الخبر، في اتصال هاتفي مع المنظم، هذه الفضيحة الإعلامية لم تسئ فقط للمنظمين لهذه الدورة وللمجتمع السعودي بشكل عام، بقدر ما اساء هذا الإعلان للعرب والمسلمين.
إن مثل هذا الإعلان يدل على أن نظرة العرب والمسلمين للمرأة على انها ما دون الجنس البشري. هذا الموضوع يحتاج اكثر من الصراخ والاستنكار، وشتم هذا الطرح السخيف السمج، إلى بحث جدي موسع، وأن نفهم منشأ هذه العلاقة ما بين الرجل البدوي والمرأة، هذا العلاقة التي حدد تفصيلاتها الفقهاء والأئمة، بحيث نجد موضوعا قائما في ذاته اسمه فقه المرأة ، والطريف ان هذا الفقه، لم تضعه المرأة كصاحبة شأن، انما وضعه رجال لا يعرفون شيئا عن المرأة، ولا عن أي شيء يتكلمون.
هناك من يقول ان هذا لا يمثل الفكر الاسلامي ولا يمثل العرب، اقول لا...! انها الفكر المسكوت عنه، فالمشكلة التي نعاني منها هي مقولات الفقهاء والشيوخ التي رسخوا فينا القيم البدوية الجاهلية، حيث لووا رقاب الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، لكي تتفق مع هذه القيم التي لم يستطيعوا تركها، وبقوا فيها، وملتزمون بها، بل يدعوننا صبحا ومساءا كي نبقى معهم في ذاك العصر الجاهلي.
دعونا نستخدم المنهج التاريخي التحليلي في تقصي هذه القيم والمعتقدات، لكي نؤكد أنها نابعة من مؤثرات البيئة البدوية الصحراوية، فيما قبل الأسلام وما بعده، لآن البيئة الصحراوية هي التي فرضت املاءاتهاعليهم اكثر من المبادئ ألإسلامية. وراحوا يؤسلمون العادات والمفاهيم الجاهلية،حتى ظننا انها اسلامية.
اولا : البيئة المؤسسة للفكر البدوي
1 - عدم وجود دولة او عشيرة قوية، ترعى حقوق افرادها وواجباتهم، ما جعل العربي يذهب الى تلبية حاجاته بنفسه،والحفاظ على حياته وممتلكاته معتمدا على قواه الذاتية ووسائله البدائية، وخاصة ان البيئة الصحراوية الجافة قليلة الموارد، جعلته اكثر خشونة وجفاءة لللآخرين، وتزاحما على الموارد القليلة والمياه، وخلق المبررات للحروب الداخلية، ونموّ الشعور بالفردية السلبية.
2 - وهذا الأوضاع خلقت في نفس البدوي ريبة شديدة من الآخرين، لذلك لم يبن علاقات ممتدة في المجتمع، بل اقتصرت علاقته بافراد الأسرة او أبناء العمومة، من هنا نجد أن التجمعات البشرية ظلت صغيرة جدا ولم تكبر لتصبح كتلة كبيرة متماسكة، ذلك أنها اصبحت تنقسم كما تنقسم خلايا البكتيريا، إلى عشائر غير متماسكة، مكونة من افخاذ وعائلات، وعلاقتها مع بعضها علاقة رمزية.
3 - هذا التكوين المفكك للمجتمع، المفرط بالتفكيك، جعل المجتمع كرمال الصحراء، لا تماسك بينها، وبسبب ذلك، شعر العربي أنه وحيد في هذه الحياة، وان أحدا لا يستطيع ان يمد له العون، كما انه لا يستطيع ان يمد العون لأحد، لذلك كان عليه ان يعرف مقدار قوته ليدافع عن نفسه، فوجد ان اقصى ما يستطيع ان يحافظ عليه، هي نفسه وزوجته وبناته والذكور من أولاده، فقد كانوا صيدا سهلا للخطف والاسترقاق.
4 - وتبعا لذلك، فما وسع البدوي في بيئة قفراء ان يملك شيئا سوى ذاته وزوجته وأولاده، فالأراضي والأموال كلها في يد الإقطاعيين والرأسماليين المعدودين على الأصابع، فهم الأسياد المحميون بعقوبة قطع اليد لسرقة ربع دينار، لكن لا يوجد عقوبة على اختطاف صبي او صبية واستعبادهما، لذاك لم تسلم هذه الخصوصية الحياتية، من السلب، فزوجته مستهدفة وبناته مستهدفات، واولاده مستهدفون بالرق والعبودية، لذلك راح يتعامل مع زوجته وأولاده على انها ممتكات خاصة ككلبه وحماره.
5 - ولو افترضنا جدلا ان عائلته سلمت من الخطف والاسترقاق، لكنه يبقة عاجزا عن أطعام عائلته، لأنه لا يوجد اعمال، فلا بد له ان يتذلل للأثرياء لكي يمنوا عليه ببعض الطعام، أو يبيع بناته كرقيق للأثرياء فهذ افضل من الموت جوعا.
ثانيا : التكيف السلبي مع البيئةالصحراوية
نتج عن ذلك أن اصبح القتل سهلا ومشروعا، يمارسه العربي كوسيلة دفاعية وهجومية، وأن الحياة الإنسانية الواجب الحفاظ عليها، أصبحت متاحة لانتهاكها لأي سبب كان، وكعقوبة لأي شيء، لذلك نجد ان القتل هو ديدن كل العصور الإسلامية.
هنا كان الوأد ابنا شرعيا لهذا القتل المباح، وهي ظاهرة فريدة بين كل الأمم، أي أن الفتاة تقتل عمدا على انها عنصر مكلف في تربيته وتنشئته بدون مردود مادي، إذلا تفيد في كسب الرزق ولا الدفاع عن نفسها، انما تذهب لتعيش مع رجل آخر، وكما يقال في المثل الشعبي في هذاالعصر (ربّي ولبّي لمخاليق ربّي) ومع ان الإسلام استنكر ذلك ومنعها، إلا ان امتهانها ظل ساريا، فالرجل لا يقتل في المرأة، وان دية المرأة هي اقل من دية الرجل، وان شهادتها نصف شهادة الرجل ، وان ارثها نصف ارث الرجل، وتقتل إذا ما فقدت بكارتها كتبييض للعرص، وترجم بسبب الزنا بينما يفر الرجل الزاني ولا يرجم. والقائمة تطول.
ان وقوف الرجل وحيدا ينافح عن زوجته وبناته وأولاده، هو وقوف ضعيف امام الغزو الجامح الذي تمارسه العصابات البدوية، ويكون اول الغنائم هن البنات والزوجة ثم الأولاد حيث يؤخذون رقيقا يباعون ويشترون، اما المسكين رب الأسرة فيقتل لكي لا يفكر الأبناء بالعودة إليه، المشكلة ان الإسلام لم يمنع الرق بصريح النص، انما قال عاملوهم برفق، بمعنى ان الرق مباح، وخاصة في الحروب، فجميع الأئمة والفقهاء الذين افتوا باسترقاق الأسرى لم يسأل احدهم نفسه، ماذا لو كنت انا عبدا؟ هل اكون راضيا؟ ماذا لو استرق المجاهدون (في سبيل الله )ابنتي او زوجتي وعرضهن في سوق النخاسة؟ هل سيكون مسرورا لأن ابنته غدت أمة تنكح بلا حقوق.
لذلك كان تعامله مع هذه الممتلكات يأخذ مجريين اثنين ، اولهما اخفاء معالمها تماما وجهها وشكلها وإسمها وأخبارها ووجودها، فهي من الناحية الفعلية غير موجودة اطلاقا،حتى عن اخيه وابن اخيه وابن عمه، لأنه لا يأمن شرهم.
والاسلوب الآخر هو تجهيلها والحجر عليها ومنع تعليمها واعتبارها متخلفة مثل: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً)، وباتالي فهي ناقصة العقل والدين، وشهادتها بنص شهادة الرجل، يمنع عليها الاشتغال بالقضايا العامة، ليست مؤهلة لقيادة سيارة، يجب ان تضرب بالعصا لتقويمها لأنها تشبه الحيوان لاتستوعب القول كما قال العريفي، هذه المفاهيم ما زالت موجودة ومتداولة على السنة الدعاة وفي فقه المحدثين.
وفي هذا الوضع الذي يشبه المصحة العقلية، أصبحت المرأة تشك في نفسها وقدراتها بأنها فعلا من جنس، والرجل من جنس أخر، وليس لها إلا ان تشبع رغبة الرجل وتلد له اطفالا، وبما انه غارق في الجهالة فإنها كانت تغرق بعمق اكثر منه، ولم نسمع عن امرأة ابدت رأيها بهذا الوضع، حتى الوحيدة التي ذكرها المؤرخون وهي عائشة الباعونية، التي جلست للقضاء مكان ابيها في دمشق، لم يؤثر عنها انها حاولت ان تستبطن ذاتها، وتتكلم عن المرأة بما تشعر به كامرأة وليس كما يراها الرجل.

ثالثا وضع المرأة بين الإرث الفقهي والحياة المعاصرة
بما ان وظيفة المرأة كما رأها البدوي هي انجاب الأطفال، ولا يوجد لها في البيئة القاحلة اي عمل، غير التوالد وتربية الآطفال، ويمكن لها ان ترعى الغنم، لذلك حرص اشد الحرص على ان لا تتصل برجل آخر خوفا من (عشارها لأنها حيوان بوهيمي)، لذلك احاطها وعزلها بما وسعه ذلك، بما لديه من مفاهيم بأن الله خلق له الأنثى لكي تمتعه وتنجب له اطفالا، فهي ملكه الخاص، لذلك غاب عنه ان الأمومة في المرأة اعمق من الأبوة فيه، فلماذا لم يفكر ان المرأة ترى ان الله قد خلق لها الرجل لكي يعيلها وينجب لها اطفالا ويمتعها جنسيا؟ ربما استوحى هذه الفكرة من مشاهدته للحيوانات في حالات السفاد التي تنتهي مهمته عند انتهاء النزوة.
هذا المفهوم كان وبالا عليها في حالة الإسترقاق، فهي ملك اليمين، مباحة لمالكها شرعا ان ينكحها، انه الزنا الحلال، هنا لم يكن ينظر إليها إلا للإشباع الجنسي، ولم ينظر اليها كإنسانة، انا لا ارى فرقا بين الزنا ونكاح الإئماء، ولا ارى فرقا بينه وبين الاغتصاب، وبين الوئد والعبودية، كلها تدمير للروح الإنسانية، بل تدمير لإنسانية الذين يفتون بإباحة هذا الزنا الشرعي.
والمفهوم الآخر هو اعتقاده ان المرأة ليست لديها رغبة جنسية مكافئة بقدر ما لديه، ولا يرى أن طمثها ومزاجها ونفسيتها وهرموناتها تتحكم برغبتها، كما ان حبها لزوجها واخلاصها له والمحافظة على بيته، تؤثر على حياتها الجنسية، لذلك يعتقد انها كالبقرة يمكن جرها في اي وقت للنكاح، لذلك كان يرى في أي خروج لها خارج البيت او الخيمة إنما هو مشروع محتمل للزنا خارج الحياة الزوجية، وفي احدى الفتاوى التي سمعتها مؤخرا، ان المرأة يجب ان لا تخرج دون إذن زوجها، لأنه قد يحتاجها للنكاح ولا يجدها.
لم يكن احد ليعرف سابقا ان عقل المرأة يختلف عن عقل الرجل، كما قد بينت الدراسات الحديثة، لذلك لم يكن ليعرف الموضوعات التي يختلف بها عقل الرجل عن عقل المرأة، ولكنهما يتفقان في الموضوعات المشتركة وخاصة هي أساليب التفكير واساليب الفهم والاستنباط، هي واحدة عند الجنسين، لذلك نرى ان التعليم واحد لكلا الولد والبنت، في الروضة والمدرسة والجامعة، ولا يوجد اسلوب تعليم للذكر والآخر للأنثى.
المختلف بين العقلين هو في منهاج تقييم الرجل للمرأة وتقييم المرأة للرجل، فالرجل ينظر إلى المرأة بغير ما ينظر به للرجل ، وكذلك تنظر للرجل حسب مواصفات لا تنظر بها للمرأة، المرأة تحب الزينة والجماليات الجسدية، من لبس وتطيب ومكياج وغيرها لجذب الرجل، بينما الرجل لا يهمه ذلك كثيرا لآنه لا يهتم باجتذابها بل بجذبها، فهو يأخذها بالقوة ودون مقدمات، المرأة تحب أن ان يقودها الرجل بالحيلة الغبية والمكر المكشوف، بما يظهر الرجل بأنه ذكي، والمرأة غير راغبة بالجنس، كل هذه الأشياء وغيرها النابعة من ضعفها الجسمي في ابداء الخوف بلا مبرر, واحساسها الكبير بالألم وتحكيم عاطفتها، التي تبدو فيها المرأة سلبية ومناقضة للرجل، مما جعل الرجل يعتقد انها خلق آخر.
اما الحب الذي يجذبه للمرأة فهو مشكلة اخرى، فحينما وجد نفسه مغرما بامرأة، فإنه يرجع ذلك إلى سحر تنفثه فيه فيتعلق بها، ولا يدري ان المرأة أيضا تغرم برجل يفتنها فهل ينفث فيها سحرا؟ انه لا يعرف ان الحب غريزة، ولولا هذه الغريزة لما قامت الأسرة، وحينما يشعر بضعفه يلوم كيدها وشَرَكِها وسحرها ويصفها بالأفعى.
بما ان ثقافتنا التي تسري بنا منذ الطفولة هي ثقافة دينية، كتبها الفقهاء والأئمة، فإنهم دون ما يدرون توقفوا عند مفاهيم بدوية جاهلية، ويرون الخروج عنها خروجا عن الشريعة الإسلامية، وخاصة القيم التي يدعون لها، لذلك فإن الدعاة الذين من البدو الخارجين من خيام الصحراء، ولا يعرفون شيئا عن الحياة المعاصرة، التي تأخذنا إلى حيث هي، ولا نستطيع ان نأخذها إلى حيث نحن.
رابعا - قضايا برسم البحث والإجابة
دعونا نورد بعض ما نتداوله عن المرأة ولم نفكر به تفكيرا علميا :
1 - الخمار والحجاب: الخمار في اللغة هو غطاء الرأس ، لذلك يكون معنى الآية( يضربن بخمرهن على جيوبهن ) إي اسدال منديل الرأس على اعلى الصدر وليس على الوجه، اما غطاء الوجه فهو قناع ، والمقنع الكندي زعيم قومه، كان يغطي وجهه لجماله بقناع وليس بخمار، وغطاء الوجه تعلمناه من باشاوات الدولة العثمانية الذين كانوا يربأون ان ينظر العامة لوجوه نسائهم، دليلا على ترفعهم، واهل المدن في العواصم العربية هم الذين قلدوا العثمانيين الولاة في تغطية الوجوه، وليس البدو وسكان القرى.
2 - شَعْرُ المرأة ، هل شعر المرأة عورة مثل صوتها، من يعطني دليلا على وجوب ستر الشعر، فهل الشعر يثير شهوة الرجال؟ فليسأل كل رجل نفسه ان كان يثار لمرأى الشعر، لقد كانت تغطية الشعر ديدن كل نساء العالم كفارا ومسلمين وكتابيين وملحدين، وذلك لحفظ الشعر من الجفاف، ولكن بعد اختراع كريمات وزيوت الشعر انتفى الخطر، فأقلع الرجال والنساء عن لبس غطاء الرأس، واعتقد ان الله لم يأمر بغطا الرأس، لتقي شعرها عن الأعين، لأن النساء كانت تلبسه في الجاهلية، وفي ظني حينما كانت المرأة تفك جدائلها عند النوم ارتبط ذلك ببدء الممارسة الجنسية، وهذا الارتباط جعلها تشعر في داخلها ومن ثم تخجل من كشفه، درءً للإشارة الى هذه الخصوصية الزوجية، ثم اصبحت عادة، ولتسأل كل امرأة تغطي شعرها، ماذا تشعر ان لم تغط شعرها، هل تشعر انها تدعو الرجل إلى الفراش؟
3 - المصافحة: هذه ايضا لم يرد فيها نص قرآني، ولكن الحديث الشريف كما ورد: ( لإنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ) هنا نسأل عن المرأة التي لا تحل لى، انها امي وابنتي وعمتي وخالتي،وجدتي وحفيدتي، اما اللمس ، فهل يعني المصافحة؟ فآية إذا (لامستم النساء) تعني الجماع، اما المرأة التي تحل لي فهي زوجاتي والجواري التي املكهن فقط، هنا نقول انه لا يمكن لرسول الله ان ينطق كلاما مبهما غير واضح او مستقيما لغويا، ان بلاغة الرسول في التكثيف والإيجاز، وبلاغة القول وصحيحة، انه لا يقول (لإن يُطعنَ في رأسه احدكم ..)، والأصوب (لإن يطعن احدكم برأسه..) فالذي اورد الحديث ربما اورده بالمعنى وربما افتراه، فهو يجهل ببليغ القول، وقد قُبل لأنه يصب في افكار عزل النساء عن الرجال، ولكن من يستطيع ان يثبت لي ان كل امرأة تغطي شعرها وتغطي وجهها ولا تسلم على الرجال، يجعل منها طاهرة كبياض الثلج؟ ان اثارة الشهوة عند الرجال والنساء لا يكون بالنظر او اللمس اوتغطية الوجه او كتم الصوت، الشهوة تنبع من الدماغ، وحينما تنطلق الهرمونات وتتأجج الشهوة، فإن كل هذه السدود تتحطم ليس عند الرجل بل عند المرأة ايضا.
4 - المحرم: ربما كان اشتراط الفقهاء على المرأة ان لاتسافر بلا محرم، له ضروراته المجتمعية المتعلقة بالأمن المفقود في البيئة البدوية وغير البدوية، لذلك وضعوا هذا الشرط لحماية المرأة في سفرها، ومع ان هذا الأمر لم يرد به نص أيضا، فقد كان الأخذ به مقبولا، حمابة من قطاع الطرق وشعث السفر، ولكن ماذا لو تغيرت الظروف؟ واصبحت الطرق مأمونة والسفر مريحا والأقامة في الفنادق لا شبهة فيها، هل يبقى المحرم لازما؟ ماذا لو كانت ستسافر إلى بلد باشتراط فيزا مسبقة وصعبة المنال لا يمكن ان ينالها المحرم؟ انك لن تستطع إقناع رجل لا يثق بزوجته ولا بأخيه، بان العالم ليس كما يتصور من بوهيمية وفجور، فالمشكلة ليس في العالم، المشكلة في عقل الرجل المتخلف، والشيخ الذي يفتي بما لا يعلم، بانه حوّل القضية من ضرورة حياتية إلى امر ديني، وعليه وجدنا اشتراط المملكة العربية السعودية على المعلمات او الموظفات القادمات للعمل مرافقة محرم لهن، ولا يحق لهم العمل، وهاهم الدعاة ما زالوا يؤكدون على المحرم، مع وجود الأمان في كل وسائل النقل، لقد دخلت على اليوتيوب فوجدت كل الدعاة المحدثين من محمد حسان والجويني وابن عثيمين والطريفي وابن باز، وغيرهم يؤكدون حرمة السفر دون وجود محرم، ولم يبرروا ذلك في ظل تغير الظروف في هذا العصر، انما فقط تطبيق فتاوى افتقدت في هذا العصر ضرورنها
5 - التصوير: عرف مصطلح التصوير في الفقه الإسلام بحرمة نحت التماثيل والأصنام لقوله رسول الله (إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون) ولكن الفقهاء حرموا الرسم على الثوب او الحائط او الإناء، واعتبروا ذلك من الكبائر، اما وقد اخترعوا آلة التصؤير الفتوغرافية فراحوا يقيسون على الرسم وحرموا التصوير الفوتوغرافي ، فالملا عمر زعيم طالبان لم تكن له صورة معروفة، ولكن حينما اصبحت الصورة ضرورية لم يتراجعوا بل سكتوا، المشكلة هنا ليست فقهية او دينية، المشكلة هي رفض تصوير المرأة، وكلنا يذكر حينما وضعوا في الهواتف النقالة آلة تصوير ديجيتال، هنا حدثت ضجة في المجتمع السعودي، لأن حامل الهاتف يستطيع ان يلتقط صورة النساء، ويتداولها مع الأصدقاء، وطالبوا بمنع هذه الأجهزة، هذا استشهاد واضح للموقف من تصوير المرأءة، ولكننا نعرف ان تصوير المرأة يحاط بالربية والخوف، فأعتقد ان الموقف قادم من التعتيم عن المرأة، بأن لا يشهّر باسمها او شكلها او صورتها، فما الخطر على المرأة إذا ما رأى صورتها أحد الرجال؟ لكنها الفوبيا التي استولت على عقولنا.
6 - قيادة السيارة: وهو خاص بالمجتمع السعودي المنغلق رغم وجود عمالة وافدة من كل الأمم اكثر من عدد السكان السعوديين، انا لا افهم لماذا يختص مجلس الإفتاء بقضايا ليست من اختصاصه، هل يوجد حديث يمنع المرأة من ركوب الحمار او البعير، حتى يقيسوا عليه عدم قيادة السيارة؟، ربما هؤلاء الذين أوكل إليهم الإفتاء لا يعلمون ان هناك معلمة في مدرسة او جامعة وهناك طبيبة ومهندسة وصاحبة اعمال يقتضي ذهابها بسيارتها؟ وهل عملوا دراسة على تعرض النساء التي يقدن السيارة للتحرش والإغتصاب؟ وان سائقها البلوشي لا يمكن ان ينظر إليها كامرأة ويشتهيها في وسط الطريق؟ او حتى سائق السيارة العمومي ملاك منزه لا يشتهيها؟ وقرروا أن عدم قيادتها السيارة اكثر امانا لها؟
ارجوكم ايها المتخلفون باسم الدين، يكفي الإساءات المتفاقمة التي تصيبنا بالأذى والتحقير بين الأمم، يكفي ما اظهرتم من مخازي جعلت واحدا مثل (ترامب) مرشح الرئاسة الأمريكية، يكسب من مخازيكم تأييدا شعبيا واصواتا انتخابية وبرامج سياسية موعودة، بأن يخرج العرب والمسلمين من امريكا؟