إمرأة تحب نفسها



حوا بطواش
2018 / 3 / 21

كثيرا ما نعيش حياتنا نحن النساء دون أن نحسّ بها. سنوات من العمر نعيشها بلحظاتها الحاضرة، نركض بين العمل والبيت، بين الزوج والأولاد والواجبات العائلية والاجتماعية، نعيش بين الحياة واللاحياة، دون أن نتوقف مع أنفسنا ونفكر قليلا، ودون أن يخطر ببالنا أن نخطّط شيئا للحظاتنا القادمة. اليوم، أجلس قليلا مع نفسي، وحدنا، أفكارٌ تتراكض في رأسي، تساؤلات وعلامات استفهام تشغل بالي.
من حولي الصباح هادئ. أجلس مع فنجان الشاي مع الليمون، مشروبي الصباحي المفضل، على شرفة بيتي المطلة على الشارع العام. القرية ما زالت نائمة. نور الصباح بدأ يتفتق من بعيد، يبشّر بيوم جديد، صفحة جديدة من كتاب الأيام.
حياة المرأة العصرية اليوم ليست بسهلة، تطالب بالمساواة مع الرجل وحق العمل وتحقيق الذات والمشاركة الفاعلة في المجتمع، وفي ذات الوقت تبقى واجباتها العائلية على حالها دون مشاركة الرجل الحقيقية.
(حياتي كلها ركض وضغط، هموم وواجبات، لا أنا أحس بها ولا هي تحس بي.)
تمضي حياتها كلها تفعل كل ما تفعله من أجل سعادة الآخرين، من أجل زوجها وأبنائها وبناتها، حتى عملها غالبا يكون من أجلهم ولا تحس من خلاله بتحقيق ذاتها.
(كذلك نعيش، سنوات من العمر تنقضي وتمرّ بنا الأيام وبقلوبنا نتمنى أن يأتي شيء ما... لا يأتي، ننتظر أن يتحقّق شيء ما... لا يتحقّق.)
أتساءل: هل على المرأة أن تكون رمزا للتضحية من أجل سعادة الآخرين؟ أليس من حقها أولا أن تفكّر بنفسها؟ أن تكون سعيدة؟ لماذا عليها أن تتخلى عن أحلام خبّأتها عمرا؟ أليس من حقها أن تفكّر وتهتمّ بنفسها. أليس من حقها أن تكون سعيدة فتُسعد من حولها؟
يحدث أحيانا (ربما كثيرا) في حياة المرأة أن يطلب منها رجل (زوج، صديق، زميل...) أن تفعل أمورا لا تريد فعلها... فقط... لأنه يستطيع! هكذا... ببساطة. صحيح أنها من الصفاقة أن يفعل ذلك، ولكن، من قال إنها مضطرة لفعل ما يريد؟؟
لماذا تفعل المرأة ما لا ترضاه لنفسها ثم تعود وتلوم الرجل؟ لماذا تسمح له بأن يضعف كيانها ويجرح كرامتها؟
في النهاية كل إنسان، رجلا كان أم إمرأة، مسؤول عن أفعاله وله حق الاختيار. مثلما يطلب هو منها ذلك فقط لأنه يستطيع، هي أيضا تستطيع (دائما تستطيع) أن تقول: لا!
(لماذا عليّ أن أتنازل عن مبادئي من أجل الآخرين؟ لماذا لا أكون واثقة من نفسي وأقول: لا!! من حقي أن أرفض فعل أي شيء، فقط... لأنني لا أريد.)
(لن يحترمني أحد إلا إذا اعتبرتُ نفسي جديرة بالاحترام.)
أحسّ بتوق لرمي كل ما أزعجني بالأمس رمية لا رجعة فيها. سأمنح نفسي فرصة للضحك، للفرح والمرح.
هذا الصباح يدعو إلى التّأمل. صباح الأمل... الأمل الذي ينهمرُ مع نور الصباح. صباح الجمال... جمال الندى الذي يملأ الورود، صباح الفرح... فرح العصافير المغرّدة على أغصان الشجر، صباح الدفء... دفء السماء على عشاق الصباح، والنور والجمال.
اليوم، أكثر من أي يوم مضى... سأحب نفسي.

كفر كما- الجليل الأسفل