المرأة.. و.. المجتمع.. فى ظل الإسلام/ تعدد الزوجات



شهد أحمد الرفاعى
2006 / 3 / 16

تعدد الزوجات
يحتفل العالم هذه الأيام باليوم العالمى للمرأة والذى يرجع أصوله إلى الثامن من مارس 1847وهو اليوم النواة أو البذرة لكل الحركات الداعية للمرأة إلى التحرر أى كان مفهوم هذا التحرر من دولة لآخرى تبعا ً لمقدرات وتقاليد وعادات هذه الدولة. فى هذا اليوم أضربت عاملات النسيج فى نيويورك لرفع أجورهن وتقليل ساعات العمل ومعترضة أيضا ً على الظروف والمعاملة اللاإنسانية فى العمل ولكن الشرطة مارست دورها كالعادة فى كل زمان ومكان بقمع هذه المظاهرات وقامت بإطلاق النار عليهن ومنذ ذلك اليوم الذى يعد أول حركة نسائية إضرابية بالتاريخ وتلتها بعد ذلك المظاهرات والحركات التى لا تنتهى إلى يومنا هذا.
ومن نيويورك . إلى وطننا العربى ووضع المرأة فيه والذى يتبع الدين والثقافة والتقاليد وقبل كل ذلك الحكومات والتى تحكمها المصالح الشخصية عادة.
ولو نظرنا لوضع المرأة من المنظور الدينى سنجد أن الإسلام كرمها ووضعها موضع التاج على الرؤوس. فمن يقول أن المرأة مظلومة فى الإسلام فهو حقا ً لم يبحث جيداً فى هذا الدين الحنيف . ولم يعرف قول رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه حينما قال" إستوصوا بالنساء خيراً" ولكن العيب يكون فى تطبيق شرائع الدين مثلما نزلت وتطبيق السنة المحمدية مثلما رويت فنجد أن معظم الدول العربية تتعامل مع المرأة ككم مهمل لا حقوق له بل عليه من الواجبات ما تنوء به الجبال .. وهنا يجب ذكر دور الرجل كشريك لها بالمجتمع فنحن فى مجتمع تحكمه قوانين وضوابط وعادات وتقاليد فلو تكلمنا عن المرأة فهى الأم والأخت والإبنة والزوجة....إلخ فالمرأة نصف الوجود الحلو والقاسى أيضا ًولكن هنا سنتكلم عن القاعدة ولندع الإستثناء وهى أن المرأة الحنان والمودة وشريكة الرجل بالحياة بمرها وحلوها ولنأخذ كلمة شريكة هذه.. لنجد إن كان هناك شراكة متساوية من عدمها سنجد أن العبء كاملا ً ملقى على المرأة بيتا ً وعملا ً وذلك إن كانت تعمل وأولادا ً وزوجا ً بنهاية يومها الشاق يحتاج شهرزاد بجانبه تهدهد وتدلل وكل حواسها على أهبة الإستعداد وإن لم تكن هكذا فالويل لها من زوج لم يستهلك من طاقته بالنسبة لها سوى العمل بالخارج ومن ثم يأتى الإسترخاء داخل المنزل وهى فى تواصل ودوام مع إستنفاذ لطاقاتها دون وجه حق فى الشكوى وإلا ستجد الزوجة الثانية وتجد التعليل من الزوج شهريار ( الشرع حلل لى أربعة زوجات).. لا يا سيدى وأنا أزيد عليك وأيضا ً وما ملكت أيمانكم .
هنا الرجل الزوج لا يراعى حق زوجته التى عاشرته بالمعروف بل يريد أن يستغل رخصة رخصها له الإسلام.. ولكنه نسى أن الإسلام أعطاه هذا الحق بشروط.. ومعه وقفة أخيرة ..
وَقَوْله " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " . أَيْ إِنْ خِفْتُمْ مِنْ تَعْدَاد النِّسَاء أَنْ لَا تَعْدِلُوا بَيْنهنَّ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ " .. وهنا نجد الوقفة.. المحذرة ..فَمَنْ خَافَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى وَاحِدَة خير دليل على قولى هذا ..فالشرع مع تحليله لهذه الرخصة وضع شروط لها ولا ننسى هنا شىء مهم وهو طبيعة المرأة وتقبلها لهذا الوضع فهى لا تحتمل مقاسمة الغيرلها فى زوجها . والسيدة عائشة رضى الله عنها خير دليل على ذلك وغيرتها على النبى روى عنها الكثير فى هذا الصدد.. فأين نساء اليوم من السيدة عائشة ؟؟
.وهناك أيضا ً العدل بينهن من جانب الرجل فإن إستطاع ماديا ً فلن يستطع معنويا ً كما أن الإسلام لم يطلق العنان للزواج الثانى.. فالقاعدة فى الدين الإسلامى هو الزوجة الواحدة.. فعن البخارى عن مسور بن مخرمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: (إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم، علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما فاطمة بضعة مني، يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها..)..وهنا أتوقف قليلاً لأقول لك يا سيدى الرجل إن كنت تنتوى التعدد. يسرنى أن تقرأ حروفى هذه بتمعن وأنت على مشارف بناء بيت زوجية للمرة الثانية..يجب أن تضع خطوطك لهذا الزواج حتى يكون شرعيا وناجحا ومريحا فلا تضطر للثالثة بعد ذلك..عليك فقط أن تسأل نفسك سؤالاً محدداً ما هى أسبابك للدخول بزواج للمرة الثانية؟؟ وماهو هدفك من هذا الزواج؟؟ وهل قدراتك وأحوالك المادية والمعنوية .. إلخ تساعدك على المضى بهذا الزواج؟؟ فصحيح أن التعدد أبيح لك ولكنه إباحة مشروطة بالعدل..العدل فى النفقة والكسوة والمبيت وما إلى ذلك من أمور آخرى.. ولا ننسى هنا إعفاف الزوجات بالقدر الذى يرضيهن وذلك دفعا ً للضرر.. فعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل)
فضع ذلك أمام أعينك وأنت تتقدم نحو هذا المشروع..
لا يعتقد أحد أننى أشجع على الزواج الثانى وجعله مطلقاً ولكن ما شرع الله الزواج الثانى إلا لحكمة كأن تكون الزوجة عقيمة أو مريضة أو لا تقوى على مسايرة رغبات الزوج الجنسية..أو يكون إعفاف للأخوات المطلقات والأرامل والعوانس وحماية للمجتمع من الإنحراف
والآن عزيزى الرجل.. هل تأكدت أن سبب زواجك الثانى ليس تقليدا لصديق أو نزوةعاطفية عابرة أو نتيجة خلافات عادية ببيتك يمكن حلها مع الوقت أو إنتقام يزينه لك الشيطان فتهدم إستقرار بيتك .. إن كان بعيد عن كل ذلك فإعقلها وتوكل وإن لم يكن فإحذر غضب الله عليك ولتعد العدة من الآن ليوم الحساب ..وأيضاً عليك التفكير بقدراتك المادية وتناسبها مع عصر نعيش فيه المادة تطغى فيه على كل شىء .. فإن كنت تقدر فأنت لهااا..وعليك تحمل المسئولية كاملة ولكن فلتكن مضاعفة لجمعك بين امرأتين وإن لم تقدر فإحجم عن ذلك وتذكر قول الله تعالى ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف)
وكلمة فى أذن المرأة .. إن كنتن تخافن وترفضن الزواج الثانى فلتضربن عن الزواج من رجل متزوج وبهذا تحل المشكلة ولكنها ستولد من حلها مشكلة آخرى وهى ضياع الفرصة من آخريات يتمنين الزواج وحتى إن كان متزوجاً.. فهى إن كانت قبلت بمتزوج ذلك أنها لم تجد المماثل له بغير المتزوج..
وأخيراً..
التعدد ليس بالإسلام فقط بل كان من قبل باليهودية والمسيحية ولكنه لم ينفذ على الأسقف حيث تتعارض الرهبنة مع تعدد الزوجات.. وفى ذلك يقول.. القس العالم الذي كان مسيحيا وأسلم والباحث محمد فؤاد الهاشمي ألّف كتاب (الأديان في كفة الميزان) يقول فيه : "لقد كان قصدي من البحث في الإسلام استخراج العيوب التي أوحى إلي بها أساتذتي ، لكن وجدت أن ما زعموه في الإسلام عيوباً هو في الحقيقة مزايا ! فأخذ الإسلام بلبي ، فانقدت إليه ، وآمنت به عن تفكّر ودراسة وتمحيص ، وبها كلها رجحت كفة الإسلام ، وشالت كفة سواه"
ويقول أيضاً : إن اعتراف الكنيسة بتعدد الزوجات بقي إلى القرن السابع عشر وإن جميع الأديان ومنها ديانة البراهمة وبوذا وعباد الوثن والمجوس ، وكذلك المبادئ الوضعية ، قد سايرت الحياة الواقعية ، وجارت الطبيعة البشرية في شئون الزواج ، ولكن كهنة المسيحيين أبوا أن يفرطوا في مفتاح السجن ، لأن في ضياع هذا المفتاح ضياعا لسلطتهم . ولم يقبل الإسلام تعدد الزوجات على النحو الذي عرفته حضارات الماضي ، بل حدده بعد أن لم يكن محدودا ، ونظمه بعد أن كان لا نظام له ، وقيده وكان من قبل مطلقا .
وبذلك نرى أن التعدد أفضل من الإنحلال الغربى ونموذج الأم الآنسة الذى إستشرى بمجتمعاتهم هناك..

و.... للموضــــــــوع بقيــــــــــة...