المرأة الأمريكية مرفوعة الرأس فوق الأرض الخضراء...



عماد الشمري
2006 / 3 / 17

وفي الولايات الأمريكية اندلعت بدايات الحركة النسوية بفعل النشاط التحرري للمرأة الأمريكية والذي تلاحم مع حركة مناهضة الرق وقد كانت سارة وانجلينا غريمكة من النساء المشهورات في توحيد الكفاح من اجل تحرر المرأة بحملة مقاومة الاستقرار وكذلك توحيد نضال المرأة والرجل في قضية الحرية رغم ان الشخصيات الاجتماعية المتقدمة كانت تجد في مشاركة المرأة في مناهضة الرق عبئا على الرجل وعلى الحملة ذاتها ..
وفي رسالة رعوية قرأت من على منبر الكنيسة ووزعت بجهود الجمعية العامة للابريشة الاكليركية تعرضتا الى الهجوم تحت بلاغة التوكيد على انه تكمن قوة المرأة في تبعيتها وتنبع من حسها الحي بضعفها وحين قررت الاختان غريمكة أن تردا بالذود عن حقوق المرأة اصطدمتا بعداء الرجال في داخل الحركة بالذات فقد احتج هولاء بأن النضال ضد الرق يمكن أن يعاني من التأثيرات السلبية لصلاته بالنسوية مما أدى إلى القطيعة بين تيارين أساسيين في قضية الحرية هما قضية الرق وقضية المرأة فقد كانت العاقبة الأخيرة أن هجرت النساء تلك الحركات أي حركة مناهضة الرق وتشير وقائع تاريخية عديدة إلى أن نضال المرأة من اجل حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية كان اكثر جدوى على الصعيد التاريخي بارتباطه بالكفاح العمالي وفي ميادين الإنتاج الصناعي واكثر نجاحا مما هو في ميادين أخرى وفي الواقع أن المرأة الأمريكية كانت تتمتع مبكرا بكل المؤهلات المتاحة في مجتمع زراعي حديث فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية عبارة عن مزارع ولم تكن تحتوي في عام 1850 ألا على 44 مدينة يزيد سكان كل واحدة على ثمانية آلاف نسمة وضمن نظام المستعمرات الزراعية التي استوعبت الهجرات الأوربية وسواها تمكنت المرأة من عقد أول مؤتمر نسوي في عام 1848 في سينيكافول الواقعة في ولاية نيويورك لتبني التصريح المتعلق بإعلان الاستقلال وحينذاك وقبل حرب الانفصال وحينما كان ثلثا سكان أمريكا يعملون في القطاع الزراعي كانت المرأة الأمريكية تمارس العمل واحصي آنذاك بان ربع مليون من النساء كن يدرن مشاريع خاصة وبتطور الصناعة انخرطت المرأة في ميدان العمل الصناعي وكان أن حققت المرأة الأمريكية انتصارا كبيرا في 8 مارس عام 1857 عندما أضربت عاملات مصانع النسيج والملابس في نيويورك مطالبات بضرورة تحقيق المساواة في الأجور مع الرجال وتخفيض ساعات العمل اليومي إلى عشر ساعات وربما كانت هذه أول مرة في تاريخ العمل الإنساني وفي تاريخ جهود المرأة لتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية ومساواتها بالرجل تلجأ فيها النساء الى مثل هذه الحركات النظامية التي تعتمد على الإضراب كوسيلة للضغط من اجل الحصول على حقوقهن .. في حين استرن النزعة الانعزالية في اتجاهات نسوية غير عمالية في 1881 بعد شهور من الصراعات في سبيل حق النساء في الانتخاب وهو نضال مآله الإخفاق الجزئي لأن دعاة إلغاء الرق الذكور رفضوا مساندة المنتخبات وجهت الشخصيتان النسويتان اليزابيث كادي ستانتون وسوزان ب . انتوني رسالتهما إلى الأجيال المقبلة :-
الرسالة . نصحنا رجالنا من ذوي الأفق الواسع بالتزام الصمت أثناء الحرب فلزمنا الصمت في أعماقنا يمر حس بالظلم نصحونا بالصمت في نيويورك وكنسان حتى لا نلحق الأذى بتصويت الزنوج هددونا في حال عدم امتثالنا لتلك النصيحة بأن يدعونا نخوض وحدنا معركتنا وقد ناضلنا وحدنا ومنينا بالفشل ولكن أمكن لنا ونحن وحدنا أن نقيس مدى قوتنا فعزفنا إلى الأبد عن نصائح الرجال وعاهدنا أنفسنا علنا على أننا لن نسكت بعد اليوم أو توهب لنا على هذه الأرض الخضراء نفس الحقوق التي للرجال .. أما الثورة الفرنسية التي كانت من احلام كوندورسيه والفلاسفة الأحرار فقد أعطت الكثير لكنها أخذت الأكثر فتدحرجت رؤوس مفكرة نابغة مجيدة من على مقصلة القتل واصبح للدماء صوت العدل التاريخي الخالد وكان ان أصاب حقوق المرأة ما أصاب تلك الرؤوس فقد حظيت ببعض المكاسب لكنها حرمت من حقوقها المدنية ودعا المفكر الاشتراكي الفرنسي فورييه 1772- 1837 إلى المساواة الحقوقية بين النساء والرجال معتبرا ان حرية النساء معيار حقيقي للتقدم الاجتماعي .. وفي إنكلترا طالب الفيلسوف الإنكليزي جون ستيورات مل 1803 – 1873 بضرورة منح المرأة حق التصويت وقد كانت هذه كلها وكثير غيرها معالم هامه على الطريق الطويل الذي ارتادته المرأة وقطعته ولاتزال تسير عليه منذ نشاة المجتمع الإنساني وفي المحصلة الأخيرة اصبح الوعي السياسي الذي دمج الأفكار بالممارسة الديمقراطية محركا اصيلا قوي الفعالية للنضال النسوي للحصول على الحقوق المدنية وللنضال الاجتماعي في ان واحد - لذلك يحتاج المجتمع المدني جيش متطور
للوصول إلى مجتمع مثالي يكون الإنسان جوهرته الثمينة الذي اقرها الله وميزه بها عقله وفكره عن بقية المخلوقات