الإسلام السياسي ينتهك حقوق النساء ويغتالهن في السودان!



جابر حسين
2018 / 5 / 22

الإسلام السياسي يوغل في إضطهاد المرأة!
-----------------------------------------

( آآآآآآه ،
يا أخوان حتحوت
الذين استمرأوا ظلمة المستنقع الآثم دهرا
أوصموا الأطفال
إلحادا وكفرا
و ... تمادوا.
شعبنا أعتي وأقوي.
هل رأيتم ، يا قطيع الضأن يوما
كف عجز
شوهت تاريخ أمة ؟؟)....
- علي عبد القيوم -

في الثامن من مارس 2014م، وبينما كان العالم يحتفي باليوم العالمي للمرأة، فقد كرست الأمم المتحدة واحرار العالم هذا اليوم ليكون، سنويا، مكرسا لبذل الجهود للإرتقاء بالقيم والقوانين التي تعلي من شأن المرأة، وللنضال لأجل دحر وهزيمة القوانين والشروط التي تغل من حريتها وإنعتاقها، وحشد الطاقات، عبر منظمات المجتمع المدني ونشطاء الحقوق والحريات الإنسانية لدعم نضالها التحرري، جنبا إلي جنب، مع نهوض وتحرر المجتمع. فمن المعلوم أن نهضة وتحرر المرأة لا يكونان إلا بتحرر ونهوض المجتمع نفسه. وإن علي المرأة، تماما كما علي الرجل، أن يكونوا، معا، في النضال لأجل أقرار هذه القيم النبيلة في حق المرأة والمجتمع. ولكن، بينما العالم في صيرورة تقدمه الجبار نحو المستقبل الزاهي، نجد أن قوي الظلام تحشد ترسانات ضخمة من القوانين لتعوق هذه المسيرة الظافرة وكبح إنطلاقها إلي الرحاب الفسيحة صوب التقدم والتحرر والديمقراطية. أن الفكر الإسلاموي، ممثلا الآن في الإسلام السياسي وقواه الظلامية التي جلست – خلسة – علي دست السلطة في البلدان العربية عقب إنتصار انتفاضات الجماهير التي أطاحت بالديكتاتوريات التي سيطرت علي مقاليد الحكم فيها دهرا طويلا من الزمان، تسيدوا، إذن، وشرعوا يفصلون القوانين وفقا لتصوراتهم المريضة وفكرهم المشوه وينزلونها في واقع الناس سيوفا وسياطا وقهرا ومذلة، وللأسف العميق، قد نالت المرأة أكثر ويلاتهم شراسة ونذالة، فشرعوا في إغتصابها وتعذيبها وجلدها وحرمانها من الحقوق والحريات العامة التي حازتها عبر نضالها الجسور، بمعية الرجل، بنضال شرس ومعارك ضارية ضد هذه الأفكار والرؤي الكسيحة الشائهة! في ذلك التاريخ، سجل القضاء السوداني ( المسيس )، والمعين، أصلا، لتمرير أجندات النظام وفقا لما يهوي ويريد، سجل إنتهاكا صريحا وشاذا ضد حقوق المرأة السودانية حين حكمت محكمة النظام العام بالحاج يوسف بتوجيه تهمتي الردة والزنا لطبيبة سودانية إعتنقت المسيحية وتزوجت بمترجم أجنبي وأنجبت منه طفلا. المحكمة إتهمتها تحت المواد ( 126/146 ) من القانون الجنائي المتعلقة بإنجاب مولود غير شرعي والردة!
وكانت المحكمة في جلستها السابقة قد استجوبت الطبيبة التي ذكرت إنها، أصلا، مسيحية، من اب اجنبي الجنسية ووالدتها من اصول سودانية درست الجامعة بولاية القضارف من العام 2005 إلى العام 2011 وتخرجت في كلية الطب وتزوجت بواسطة كنيسة بالخرطوم في العام (2011) وانجبت مولودها في العام (2012) ويشرف عليها الأب بالكنيسة وقدمت قسيمة زواجها للمحكمة. وبرغم كل الدفوعات، القانونية والفنية، التي قدمها الدفاع، قضت المحكمة بإعدامها، ولم ينقذها من ذلك النير الظالم سوي تدخل الرأي العام العالمي والضغط، بالغ القسوة، الذي مارسته أمريكا علي النظام، فإطلق سراحها وزوجها وطفلهما وغادروا البلاد بطائرة خاصة إلي أمريكا حيث يعيشوا هناك الآن، فقد كان الزوج حاصلا علي الجنسيةالأمريكية. حدث ذلك بعد أن أفتضحت، علي الملأ، سوءات القضاء والعدالة في السودان!
وفي 6 مارس نفسه، تلك الأيام، يكتب الصحفي بكري الصائغ في صحيفة ( اليوم التالي ) في معرض حديثه عن المماطلة وإبطاء المحكمة في البت في مواجهة قاتل الشهيدة عوضية عجبنا بالرصاص أمام منزلها وأفراد أسرتها منذ عامين ولم تحسم القضية بعد ، يكتب :( اصبح من الملاحظ وبصورة لا تخفي علي العيان، ان النظام الحاكم الأن في السودان لا يأبه كثيرآ بما ورد في القرأن الكريم من احكام وعقوبات، وان كلام الله تعالي لا يخصهم بقليل او بكثير!!.. فهم اعلي مقامآ وفوق البشر اجمعين، انهم صفوة لاينتمون ل(شذاذ الأفاق)، وان القاتل بينهم يظل بريئآ حتي وان ثبتت التهم عليه!! ..وان ضابط الشرطة لو قام باغتيال مواطنة من أهل دارفور او من المناطق المهمشة والغير عربية فلا يعاب علي عمله وينجو من المحاكمة والمساءلة لانه يحمل الحصانة !! ومغتصب النساء حتي وان كان مدانآ يتم العفو عنه بقرار جمهوري!!.. وان المفسد من بينهم لايحاكم ولا يقدم للقصاص حتي وان نهب الملايين من اموال الدولة والشعب!!..وان تصل حالات الاغتصاب الي 5000 حالة بمناطق دارفور وجبال النوبة فهي ليست بالحالات الشاذة الغريبة عند اعضاء المؤتمر الوطني فهتلر قد سبقهم في هذه الجرائم وهم يقتدون بعمله!!…).
والآن وللتو، قضت محاكم النظام علي نورا حسين بالإعدام أيضا، برغم الدفوعات القانوية التي من شأنها، إذا أخذت بمعيار العدالة والحقيقة، أن تبعد عنها شبح الإعدام. الآن أيضا، شرعت منظمات المجتمع المدني والحقوقية والمدافعة عن حقوق النساء والرأي العام، المحلي والعالمي، بإدارة حملات واسعة تطالب بإلغاء الحكم الجائر وإنقاذ حياتها، بل أمتدت نضالاتهم للمطالبة بإلغاء هذه القوانين الجائرة. وبالأمس، سود القضاء وجهه بالعار مرة أخري حين حكم علي زوجة بالجلد 72 جلدة والغرامة لأنها تزوجت، شرعيا وبشهود، بمن تريده وأنجبت منه، وحجتهم أن الزواج تم دون رضاء أولياء أمرها، فمن، بالله عليكم، سيأخذ بحق هذه المرأة من ظالميها؟!

وهكذا، تحت مظلة القوانين ( الإسلامية ) التي سنها نظام الخرطوم الأخواني، يجري قهر النساء واذلالهن، تعذيبهن وجلدهن وقتلهن، بعد التشفي فيهن وإغتصابهن. هكذا تعيش المرأة السودانية تحت هذا النير والعسف، تواجهه كل أيامها و ... تناضل ضده بكل وسائلها الممكنة! والحال كذلك، فمهمة النساء، الآن، تماما كما الرجال وعلي قدم المساواة، أن يشددن من نضالهن في مكافحة ومنازلة هذا التوجه الظلامي الإسلاموي، وإلغاء القوانين التعسفية في حق المرأة، وعلي وجه الخصوص قوانين الأحوال الشخصية وقانون النظام العام وأدواته الذي يفتش فعليا عبرها – بل ويكشفها – (عورات ) النساء، وهم يدعون بأنهم من حماتها بشريعة الله! فيمارسون عليهن الجلد والحبس والتحرش والإغتصاب ... فقد جعلت قوانيهم كشف الرأس وإرتداء البنطال والسير بلا مرافق في الطريق وفي السفر وإلا بيدها وثيقة تثبت ( طهارتها ) من الإثم العظيم، كل ذلك في عرف قوانينهم جرائم تجب معاقبة المرأة بموجبها، فأنظروا أي درك يعده الإسلام السياسي للمرأة!
في صحيفة " الخرطوم " السودانية الصادرة يوم الأحد 9/3/2014م جاء الخبر التالي علي صدر صفحتها الأولي :
( منع 30 منظمة من الإحتفال باليوم العالمي للمرأة! ومضت الصحيفة تذكر تفاصيل الخبر فتقول : منعت السلطات أمس احتفال 30 منظمة باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس كل عام. وقررت المنظمات الاحتفال بالمناسبة أمس بالنادي النوبي، في وقت استنكرت عدد من الناشطات في المنظمات النسوية منع الاحتفال، واعتبرت ما حدث تراجع عن حرية المرأة وحقوقها، وأكدن تصديهن للحفاظ علي حقوقهن، إلي أن ماحدث لن يعطل مسيرة المرأة . وقالت مديرة مركز ( سالمة ) لدراسات ومصادر المرأة فهيمة هاشم في مؤتمر صحفي بطيبة برس إنهم اتبعوا الإجراءات المطلوبة للحصول علي إذن السلطات والتصديق للإحتفال باليوم منذ التاسع عشر من فبراير المنصرم. بيد أن الجهات المعنية بالأمر تلكأت عن منح التصديق حتي أمس، واعتبر بيان اللجنة المنظمة للإحتفال منع الإحتفال انتهاك لحقوق الإنسان وحرية التنظيم والتعبير، ويتسق مع الإنتهاكات التي تتعرض لها النساء بشكل يومي في كافة حقوقهن حسب البيان، وأعلن عن تمسك المنظمات بحقها الدستوري في إقامة وممارسة الأنشطة بالشكل المناسب بما فيه الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.
هكذا هم، يخشون نهوض المرأة وتحررها، يخشونها تعبر عن رأيها في كافة القضايا خاصة قضايا تحرر وانعتاق النساء والنضال ضد القوانين التي تحد من حرياتهن وتسعي لإذلالهن، لكن حركة النساء سائرة في تطورها ولن يوقف مسيرتها هؤلاء الظلاميون مهما ولغوا في القوانين المفصلة لدعم تصوراتهم المريضة حول المرأة.
ونحن نعلم، أنه سبق وأعلنت مجموعة من المنظمات النسائية والناشطات عن تكوين منبر النساء السودانيات، وطالبن بوقف الحرب فورا والعمل علي بناء السلام العادل والمستدام، واطلاق الحريات العامة واشاعة الديمقراطية وكفالة حق التعبير والتنظيم، كل ذلك الحراك، لا شك، يمهد الطريق لوضع دستور وطني ديمقراطي، وتحقيق العدالة الإنتقالية بما يضمن حقوق المرأة. ويبرز ضرورة وأهمية اشاعة وترسيخ الديمقراطية وتعزيز الحريات العامة وضمان حقوق الإنسان. وفي هذا السياق نفسه، ندعوا لأقامة وتحريك حملات واسعة عبر كل الوسائل المتاحة وفي النت، وبالإتصال بالمنظمات الإقليمية والعالمية، لفضح الإنتهاكات المروعة في حق النساء، وإيقاف أحكام الإعدام والجلد، وإلغاء القوانين التي تدعم تلك الإنتهاكات ضد حقوق النساء وحرياتهن. ولندعم، عبر منظماتنا جميعها الحملة المطالبة بإنقاذ نورا حسين من القتل. والجدير بالذكر، أن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بالسودان قد أبدي، في بيان صادر عنه، قلقه الشديد بشأن سلامة نورا حسين حماد داؤود التي حكم عليها بالإعدام لقتل زوجها فضلا عن سلامة محاميها وأنصارها الآخرين.
وحث مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في بيانه السلطات السودانية على ضمان الحماية الكاملة للصحة الجسدية والنفسية لنورا أثناء الاحتجاز، فضلاً عن الاحترام الكامل لحقوقها في المحاكمة العادلة والاستئناف. وقال المكتب إن قضية نورا حسين أعادت إلى الأضواء قضايا التمييز والعنف ضد النساء والفتيات في السودان، بما في ذلك العنف الجنسي. وكانت هيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومكتب المستشار الخاص لشؤون أفريقيا قد ناشدوا، باسم أصوات نساء وفتيات العالم، حكومة السودان إنقاذ حياة نورا حسين وحماية حياة النساء والفتيات على النحو المتفق عليه دوليا في ميثاق الأمم المتحدة وأهداف التنمية المستدامة. في صحيفة ( الميدان )، في عدد الخميس الماضي، في عمود ( أجندة ثقافية )، كتب هيثم دفع الله:( نستغرب تماما عدم التضامن من قبل المثقفين والفنانين مع قضية الشابة نورا، عدا ما وجدته من تضامن من قبل مبادرة (لا لقهر النساء)، وأقصد عدم التضامن من قبل المثقفين والفنانين عموما بشكل منظم، سواء عن طريق وقفات إحتجاجية أو اصدار بيانات أو أي شكل آخر من اشكال التضامن. فالملاحظ غياب التضامن المنظم من قطاع كبير من المثقفين والفنانين!). هذا يجعلنا، جميعنا، أن نكون في دعم ونهوض هذه الحملات لأجل مناصرة قضايا المرأة والحريات في بلادنا.
أن نضال المرأة لن يتوقف، وسعيها للتحرر والتقدم سيمضي في صعوده حتي الإنتصار. التحية للمرأة السودانية، والتجلة لنضالها الجسور صوب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، جنبا إلي جنب مع نضال وتحرر المجتمع، والهزيمة والخسران لقوي الظلام أعداء الإنسانية واعداء المرأة.