من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الثالث.....10



محمد الحنفي
2006 / 3 / 21

8) تجريم جميع مسلكيات تسليع المرأة، مهما كان ممارس تلك المسلكيات، لأن ممارسة التسليع تلك، هي التي تقود إلى الإحالة على اعتبار المرأة متاعا، و اعتبارها عورة على أنهما موقفان متقدمان، و في مصلحة المجتمع بصفة عامة، و في مصلحة المرأة بصفة خاصة، خاصة، و أن عملية تسليع المرأة هي ممارسة تقود إلى انتشار الميوعة في المسلكية العامة، و في مسلكيات الأفراد، الأمر الذي يترتب عنه انتشار الفساد الاجتماعي، و خاصة الدعارة، التي صارت من أهم سمات التشكيلة الاجتماعية الرأسمالية السائدة، في المجتمعات البشرية المختلفة، سواء تعلق الأمر بالمركز، أو بالأطراف، على حد تعبير المفكر الاشتراكي سمير أمين.

و اعتبار المرأة سلعة، يجعل منها إنسانة مستلبة، و فاقدة لإرادتها، لا تحترم أحدا، و لا يحترمها أحد. و لذلك يجب اعتبار تسليعها لنفسها جريمة ضد الإنسانية. و هذه الجريمة التي ترتكبها كل امرأة في حق نفسها، يجب التصدي لها قانونيا، و أخلاقيا، و اجتماعيا، و إيديولوجيا، و سياسيا.

فمن الناحية القانونية، يجب أن تتضمن القوانين الخاصة، عقوبات زجرية ضد كل من ترتكب جريمة في حق الإنسانية، حتى تأخذ المرأة، في اعتبارها، أنها عندما تعمل على تسليع نفسها، إنما تقوم بعمل يعتبر جريمة ضد الإنسانية، يعاقب عليه القانون. و حتى تقوم باحترام كرامتها، كانسان، و تمتنع عن تسليع نفسها، و تجنب المجتمع الكثير من الكوارث، التي يعاني منها. و نفس الشيء بالنسبة للرجل، الذي يعتبر أن المرأة مجرد سلعة.

و على المستوى الأخلاقي، فإن كل من يعتبر أن المرأة سلعة، يعمل على الإساءة إلى المجتمع، و ينشر ممارسات تسيء إلى الأخلاق الاجتماعية العامة، و إلى أخلاق الرجل الخاصة، و أخلاق المرأة الخاصة. لأن كلا من المرأة، و الرجل معا، يقومان بممارسات تجعل المجتمع غير متزن، و فاقد للرؤى، و التصورات، التي تقضي بإكساب المرأة مكانة محترمة، لا يجرؤ أحد على تجاوزها، أو الإساءة إليها.

و لذلك نرى، أنه من الضروري، أن يحرص المجتمع على حفظ التوازن العام، في المسلكية حتى لا تختل لصالح انتشار الميوعة بين أفراده، رجالا، و نساء، بسبب التعامل مع المرأة على أنها سلعة.

و على المستوى الاجتماعي، يجب الحرص على أن تكون العلاقات الاجتماعية، قائمة على أساس إنساني، تراعى فيه المساواة بين الرجال، و النساء، في الحقوق الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و أمام القانون، و على أساس امتلاك الوعي الاجتماعي، الضروري، للحرص على التمتع بالحق في التعلم، و الحق في التطبيب، و في السكن، وفي الشغل، لتجاوز الشروط الاجتماعية، التي تكرس دونية المرأة، و الرجل، على السواء.

أما الطبقة، أو التحالف الطبي المسيطر، فإنه لايعمل على إزالة الأسباب الاجتماعية، التي تدعو إلى اعتبار المرأة مجرد سلعة اجتماعية، كبقية السلع الاجتماعية المعروضة، ما دامت تلك الأسباب تقود إلى إهانة كرامة المرأة، و كرامة المجتمع.

و على المستوى الإيديولوجي، فإن مناقشة الإيديولوجية البورجوازية المسلعة للمرأة، يصير أمرا ضروريا، من أجل تفكيك الرؤى الإيديولوجية البورجوازية، و تفنيد أوهامها، الداعية إلى تسليع المرأة بالخصوص، حتى يتخلص المجتمع من تلك الأوهام البورجوازية، و تمتلك المرأة وعيها بحقوقها، و بخطورة الإيديولوجية البورجوازية على مستقبلها، حتى يتراجع التصور البورجوازي للمرأة إلى الوراء، و يتراجع تسليع المرأة إلى الوراء، لصالح استحضار إنسانيتها.

و على المستوى السياسي فإن على الحركة السياسية الحريصة على تكريس إنسانية المرأة، أن تعمل على مناهضة اعتبار المرأة سلعة، و أن تسعى إلى مناهضة المواقف السياسية، التي تسلع المرأة، كما تسلع الكادحين، و تسلع العلاقات الاجتماعية، حتى تمتلك المرأة الوعي بمواقف البورجوازية من المرأة، و تتحرر من تلك الرؤيا، و تتبين إنسانيته،ا و يمتلك الكادحون وعيهم بمواقف البورجوازية، تجاه المرأة، و تجاههم حتى يساهموا في مقاومة تسليع المرأة، و تسليعهم في نفس الوقت.

فتسليع المرأة، و الاقتناع بذلك التسليع، يعتبر جريمة ضد الإنسانية، و تجريمه يعتبر ضرورة تاريخية، لحماية المرأة من الدونية، التي تجعل كرامتها مهدورة، على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.

فالنضال منأاجل تجريم التسليع، و العمل على وضع حد له، يعتبر مهمة الحركة النسائية، و الحركة الحقوقية، و الحركة النقابية، و الحركة السياسية التقدمية، و الديمقراطية، و عدم الاهتمام بموضوع تسليع المرأة، و تكريس دونيتها، من قبل الحركات المختلفة، يعتبر مساهمة من الحركات المذكورة، كما يعتبر قبولا بتسليع المرأة.