حوار مع الحوار المتمدن نافذتنا الفكرية (5) لنجعل يوم المرأة العالمي يوم تحرير البشرية العالمي



سعاد خيري
2006 / 3 / 25

تضم كلمتي هذه، بمناسبة يوم المرأة العالمي الاجابة على الاسئلة الثلاثة الاولى للحوار حيث تضمن السؤال الاول ماهي دلالات يوم المرأة العالمي في عصرنا مع وجود ملايين النسوة لا يعرفن ماذا يعني هذا اليوم؟ والثاني :اين تقف سعاد خيري من بروز العديد من المنظمات والجمعيات النسوية بعد سقوط النظام الدكتاتوري؟ والثالث : أي رسالة يمكن ان تحملها لنا امرأة اصبحت عضوا في البرلمان العراقي تطالب بل وتقر الشريعة الاسلامية كمصدر للقوانين ..؟
تمر البشرية باخطر مراحل تاريخها حيث تهدد الراسمالية في مرحلتها الحالية ، العولمة الراسمالية بخطر الابادة نتيجة احتدام كل تناقضاتها ولاسيما التناقضات الطبقية التي تطورت وشملت عموم البشرية، فضلا عن استغلالها للثورة العلمية التكنولوجية لخدمة استراتيجيتها في هيمنة قطبها الاكبر على العالم. فقد مكنتها هذه الثورة في جوانبها السلبية من امتلاك اسلحة الابادة والدمار الشامل الى جانب استغلال ثورة المعلومات في امتلاك اكبر واخطر وسائل تدمير السايكولوجيا الاجتماعية لعموم البشر وقولبة تفكيرهم وشل طاقاتهم الابداعية والكفاحية من اجل التحرر الشخصي والوطني والعالمي ولاسيما ملايين النسوة، وتحويل الالاف من العاطلين والمهمشين الى ادوات للابادة بتدريبهم على مختلف اشكال الارهاب.
تضع كل هذه المخاطر امام البشرية مهمة توعية وتعبئة جميع قوى البشرية في النضال من اجل انقاذ البشرية من الفناء، بدون أي تمييز بالجنس او العنصر او الدين او القومية. ولاشك بان المرأة تشكل نصف البشرية ومنجبة النصف الاخرواوسع فئات البشرية واشدها استغلالا وظلما حتى من احب الناس اليها، شريك حياتها الرجل، كما انها اكثر البشر حرصا على بقاء وتطور وسعادة فلذات اكبادها. لايمكن للبشرية مجابهة كل تلك الامكانيات الجبارة للعولمة الراسمالية والانتصار عليها دون مساهة المرأة الفعالة في هذا النضال. واذ عملت جميع المجتمعات الطبقية على شل طاقات المرأة بمختلف الوسائل الايديولوجية وترسيخ التقاليد البائدة فان علاقات الانتاج الراسمالية حولت جميع قوى الانتاج الى بضاعة بما فيها المرأة منتجة البشر. ومن خلال اسلحتها الاقتصادية والاجتماعية والايديولوجية عملت على ابقاء الملايين من النسوة اسيرات الجهل والفقر والمرض ويرزحن تحت اقسى اشكال الاستغلال والعنف ويحال بينهن وبين معرفة كل ما حققته المراة من حقوق على الصعيد العالمي خلال ما يزيد على القرن، بفضل نضالها وكان اليوم العالمي للمرأة احدها. كما عملت الراسمالية في عصرنا على تشويه وسائل واساليب تحرير المرأة. فعلى سبيل المثال حولت بعض النسوة الطموحات الى ادوات لتحقيق استراتيجيتها بشراء سليقتهن الانسانية لقاء كراسي ومناصب، كرئيسة الوزراء تاتشر والمستشارة الالمانية الحالية في حين عملت على اغتيال المناضلة من اجل تحرير المرأة انديرا غاندي رئسة وزراء الهند التي تسنمت منصب رئيس الوزراء لقاء نضالها الوطني والديموقراطي. وشوهت وتشوه الراسمالية في عصرنا مطالب المرأة في المساهمة في صنع القرار بافراز نسب من مقاعد البرلمانات للمرأة مع زج اكبر عدد منهن من المنخرطات مباشرة او بالواسطة في استراتيجيتها. فقد طالبات البرلمانيات العراقيات المنضويات في احزاب وكتل الاسلام السياسي في البرلمان الانتقالي باخضاع المرأة لقوانين مستقاة من الشريعة الاسلامية التي سنت قبل الف واربعمائة عام. كما عملت قوات الاحتلال على شل نشاط البرلمانيات المناضلات من خلال شل نشاط كل البرلمان وتطويعه لخدمة استراتيجيتها. كما تعمل على تشويه حرية التنظيم النسوي فسمحت قوات الاحتلال في العراق لعشرات المنظمات النسوية وتقديم اشكال المنح والمساعدات لقاء فصل نضالها من اجل تحرير المرأة عن النضال من اجل تحرير الوطن وتحرير البشرية والاشراف عليها من خلال ربطها بمنظمات نسوية ومالية تابعة . ومع ذلك فان لحرية التنظيم النسوي في هذه المرحلة جوانب ايجابية لسعة المشاكل التي تعانيها المرأة العراقية في الريف والمدينة وافساح المجال للجماهير النسوية للتمييز بين المنظمات النسوية الديموقراطية: الوطنية والانسانية وبين المنظمات النسوية الرجعية المنضوية بالاسلام السياسي او المنساقة باستراتيجية قوات الاحتلال . ولم تتخلى الراسمالية في عصرنا عن جميع وسائل الانظمة الطبقية السابقة، المعادية للمرأة بل وترسيخها .
ويتصاعد ادراك المرأة على الصعيد العالمي ولاسيما في البلدان المحتلة بعدم امكان تحقيق أي من اهدافها التحريرية، والوطن يرزح تحت الاحتلال حيث لايتمتع أي من افراد الشعب مهما كان موقعه وجنسه او انتماءه القومي والديني بحريته وانسانيته الا بالنضال الاجتماعي والوطني من اجل التحرر من الاحتلال. كما يتزايد الوعي بارتباط النضال بين التحرر الاجتماعي والوطني بتحرر البشرية عموما من خلال الدعم والتضامن المتبادل وتحقيق وحدة جميع قوى البشرية من اجل القضاء على العولمة الراسمالية اخر مراحل تطور الراسمالية حتى يومنا هذا واشدها معاداة لتحرير المرأة والبشرية. وبذلك فقط تتحرر البشرية عموما والمرأة خصوصا من جميع اشكال الاضطهاد والتمييز وترفل البشرية ولاسيما المرأة بالحرية والسعادة
وتبقى المنظمات الديموقراطية النسوية القاعدة الجماهيرية لتوعية المرأة وتعبئتها في النضال من اجل حقوقها بغض النظر عن انتمائها القومي والسياسي والديني وربطه بالنضال من اجل تحرير الوطن وتحرير البشرية . ويبقى تضمين كل المنظمات الاجتماعية والنقابية والاحزاب السياسية برامجها المتعددة الاهداف على النضال من اجل تحرير المرأة هو دليل وطنيتها وانسانيتها . ولكنها لايمكن ان تنفي الضرورة الموضوعية للمنظمات النسوية الديموقراطية الوطنية والعالمية . كما لايمكن الاستعاضة عن المنظمات النسوية الديموقراطية بحزب مهما كان برنامجه واتجاهه لانه سوف لايمكنه ضم جميع النساء بغض النظر عن انتماءاتهن .
ويبقى 8/اذار حافز لتطوير وسائل واساليب النضال من اجل تحرير المرأة وتحرير البشرية .
سعاد خيري ليوم المرأة العالمي /8/3/2006