هنيئاً للمرأة المغربية فرحتها..بحلم يتحقق، إلى متى تظل المرأة السورية وغيرها من النساء العربيات يعشن في حلم؟



فلورنس غزلان
2006 / 4 / 3

هنيئاً للمرأة المغربية فرحتها...بحلم يتحقق، إلى متى تظل المرأة السورية وغيرها من النساء العربيات يعشن في حلم؟؟
عندما يلتئم الحلم بالواقع، وتنسج خيوط النضال ثوب النصر والفرح، تقف المرأة مزهوة بثوب صنعته بجهدها...غسلته بدموعها..وعلقت عليه آمالاً معجونة بالآلام...لكنها اليوم تنتفض عزة ، وتخفق أجنحتها فرحا...فقد التئمت الجراح.. وطار عصفور الحلم من القفص ...لينعم أخيراً بالحرية.
إن الاحتفالات بيوم المرأة العالمي ويوم الأم العربية ، كان لها صدى مغايرا عند المرأة في المغرب العربي..ناضلت وتناضل من أجل أن تنال بعضا من أحلامها، وشيئا من طموحاتها في عالم الإقصاء والتهميش الذي ضرب وما زال يضرب بأسلاكه الشائكة ..حواجز المنع والتحريم.. حواجز التشويه والتعتيم...ليمنع عنها إكسير الحياة ويحرم أطفالها العيش الكريم والحق الذي يستحقون ، إلى جانب الاعتراف لهم بالانتماء لأمهم ولوطنية أمهم أسوة بأبيهم...
طالعتنا الصحف بنبأ قاب قوسين من الوصول والنطق بقانون حلمت به المرأة المغربية طويلاً.
من الآن فصاعدا ، صارت المرأة المغربية تمنح لابنها جنسيتها........
هنيئا لك يا أختاه ...هنيئا لك ...ولو أن المشوار ما زال طويلا..لكن لا بأس بالخطوة الأولى... لا بأس من النقلة الموضوعية ..درجة...وسيكون القادم أفضل وأعم وأعظم...هنيئا للمغرب...فقد أثبت ملكه الشاب ، أنه ابن عصره...عندما ألقى خطاب عرشه يوم ال30 من تموز الفائت معلنا فيه قراره " منح الطفل من أم مغربية حق الحصول على الجنسية المغربية" ، لكنه لم يصبح نافذ المفعول ولم يتحول إلى قانون ، ورغم ما لاقى هذا القرار من صعوبات، لكنه تلاءم مع مسيرة التحديث التي طرحها الملك واعتبرت التزاما رسميا من المغرب أمام المجتمع الدولي، حين وقع على المواثيق المتعلقة بحقوق المرأة والطفل العالمية...ففي الوقت الذي يحق فيه للرجل المغربي أن يمنح جنسيته لأبنائه وزوجته الأجنبية ، لكنه يغفل هذا الحق للمرأة ، مما سبب ونتج عنه الكثير من الكوارث بحق الأطفال خاصة المولودين من أم مغربية وأب أجنبي ويتخذون من المغرب وطنا لهم...لكنهم دون هوية ... أو انتماء ...يحرمون من حق العيش فوق أرض أمهم ، والتي غالبا ما اختارها الأب أو الأسرة كوطن...
يأتي القرار الجديد ..بمناسبة يوم المرأة العالمي لتعلن الحكومة المغربية رفع تحفظاتها عن القانون وينتظر من اللجنة التقنية لوزارة العدل أن تنهي أعمالها بسرعة ليخرج هذا القانون إلى حيز التنفيذ والواقع ..حيث يعرض على ممثلي الشعب في البرلمان للتصويت عليه...وتعول النساء المغربيات الكثير من الآمال على تحقيقه... وتعتبره الفعاليات النسائية المغربية نصرا وثورة هادئة لحقوق الانسان، بل لحقوق المرأة الانسان..
هاهي المغرب تصبح الدولة العربية الثالثة بعد مصر وتونس ..في تمكين المرأة من منح جنسيتها لأولادها.
رغم أن هذا الترف لم يصل بعد للزوج!، لكنها البداية...وبداية بقدر ما هي مشجعة لكنها تبعث غصة في القلب وشوكة في الحلق.. هناك مئات بل آلاف من النساء والأطفال المحرومين والمغفولين...بانتظار التكرم من دول أمهاتهم ...الاعتراف لهم بانتمائهم الوطني وحقهم في هوية أمهاتهم...
هل يعقل أن نعتبر المرأة مواطنة، وتتمتع بحقوق المواطنة، بل وتشكل نصف سكان الوطن، لكنها لا تملك حقا بالانتماء لهذا الوطن من خلال من تنجبهم، وتختار لهم وطنها هوية وجنسية يفخرون بها؟
سورية...مثلا حيا وواقعا مؤلما.. نضالا حثيثا ...تعيشه المرأة السورية. حيث سعت معظم الهيئات والمؤسسات النسائية إلى إخراج مطالبهن للعلن، وايصال مشروعهن لمجلس الشعب...لكنها تجابه بخطب المشايخ...المخالفة والمعترضة، بل المخونة للمرأة التي تطالب بأي حق مهما كان ، وتعتبر مجرد المطالبة ارتباطا بالعدو والمستعمر الإمبريالي "الكافر "!! ، خوفا من فتح الباب أمام مطالب تحرجهم، وتكشف مآربهم في قمع المرأة وتهميشها .. وابعادها عن دورها الحقيقي من الحياة العامة الفاعلة...لدرجة جعلت حتى المناصرين لهذه المطالب يخشون سلطة بعض رجال الدين ، الذين اتخذوا من وضع المرأة بردعة يعلقون عليها كل نواقصهم وكل فشلهم الاجتماعي والسياسي ، وعدم مقدرتهم على مواجهة استبداد السلطة...فصارت المرأة هي الموضوع الوحيد الذي يبرزون أمامه عضلات رجولتهم ويتبارزون في الوقوف بوجه المناضلات...حيث يقومون باسقاط فشلهم السياسي على النساء... بل ويتباهون بالموالاة للسلطة متخذين من قضايا النساء طريقا لمآرب الوصول ومنافذا نحو الاستيلاء على مراكز القرار ...أسلمة القوانين هي غاياتهم ..وبحجج واهية ...ماهي من الدين ولكنها ترتدي عباءته... لتغطية مكاسب نفعية ...لرجالات الدين ...الذين يريدون إعادة المجتمع لعصر السلف، وبنفس الوقت استعادة نفوذهم السلطوي عن طريق القضاء على دور المرأة لينفذوا للمجتمع وللسلطة وليتمركزوا في أماكن صنع القرار ...وينتجوا معداتهم ووسائلهم الإرهابية..التي تنفث السموم في المجتمع....
على حساب المرأة وعلى حساب قضاياها المصيرية وحقوقها التي تهضمها القوانين السائدة ...يقيم بعض رجالات الدين السلفيين ..سلطتهم ...ليبنوا أعشاش الخراب الاجتماعي السياسي...ذات المأرب البعيدة...لكنها تتخذ من الدرب الأكثر ضعفا وسهولة ...درب المرأة ..وهو الأقصر باعتقادهم للوصول!
فهل نتركهم ينتصرون؟؟ .
إن المرأة السورية أو اليمنية ..أو العراقية ، والأردنية...وغيرها وغيرها، ليست أقل حضورا وجرأة وتصميما من أختها المغربية...فيقينا ...بل مؤكدا...أن قائمة الانتصار النسائي ستتوالى، وعلى كل الساحات وفي كافة المجالات.
فلورنس غزلان ــ باريس 02/04/2006