السلام الان



نسرين عامر
2018 / 10 / 3

حقوق الانسان تواجه اليوم في بلادي تحديات كبيرة وصعوبات جمة ترجع في مجملها الى مسألتين: العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية. فواقع حقوق الانسان في ليبيا يشهد بانه بقدر عدم السير بخطوات جادة ومدروسة في مجالي العدالة والمصالحة بقدر ما تنتهك حقوق الانسان وفق شريعة القوة واستيفاء الحق بالذات، فغياب العدالة يغذى شهوة الانتقام، وتجاهل اليات المصالحة يفرض شريعة الغاب التي لا منطق لها ولا مرجعية الا الحقد والقوة. هذه التلازمية للأسف غابت عن صانعي القرار في الدولة، والمحصلة مجتمع منهك موتور غابت عنه قيمة التسامح واستفحلت فيه التصنيفات الثورية والدينية والجهوية، فالحقوق تؤخذ غلابا والحريات غير مؤطرة بقواعد عامة ومجردة وغير محمية بعدالة عمياء، والخاسر الاكبر الانسان الذى لا يد له غالبا فيما يحدث.
فالعدالة الانتقالية تتطلب فتح ملفات الانتهاكات التي حدثت في عهد القذافي بطريقة موضوعية بعيدا عن التهويل او الاستخفاف وانصاف المتضررين منها بإتباع روح العدالة وجوهرها إيتاء كل ذي حق حقه ,علي أن يتبع ذات النهج في حلحلة الانتهاكات التي حصلت فترة ثورة فبراير 2011م وما بعدها وذلك بعيدا عن التصنيف السياسي للضحايا أو محاباة منتهكي حقوق الانسان في هذه الفترة، وهذا لن يتأتي في ضعف سلطة الدولة وعدم قدرتها علي احتكار وسائل القوة وعلي رأسها السلاح فهذا من اهم الصعوبات في طريق العدالة الانتقالية علاوة علي غياب الوعي المجتمعي بأهمية العدالة الانتقالية.

هذا ولابد من العمل على توحيد العمل الاهلي لإطلاق مسيرة المصالحة الوطنية و تضافر طاقات كل الشعب الليبي لضمان نجاحها ولا يحق للمكونات السياسية والاجتماعية أن تتجاوز الدور الفعال للمرأة الليبية في المجتمع الليبي وخصوصا في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ ليبيا؛ فالأمر الواضح الذي يقر به الجميع أنه منذ اندلاع الثورة كانت المرأة شريكة للرجل في النضال والتضحية بل وكانت أيضا في مراحل معينة شريكة وان كان بقدر بسيط في مراكز صنع القرار, وخير نموذج لذلك الشهيدة فريحةةالبركاوي التي غدر بهاالارهاب بمدينة درنة وكذلك السيدة سلوى بوقيعصيعص والعشرات غيرهن ممن لعبن أدوارا هامة في مسيرة الكفاح الوطني لشعبنا ضد الارهاب وارساء الحكم المدني، كما أن المرأة في ليبيا قد عانت بأشكال شتى مما خلفه الانقسام السياسي وقدمت أبناءها ضحية لهذا الانقسام وحروبه العبثية ومع ذلك لم تتأخر المرأة الليبية في اعلاء صوتها للمطالبة بالسلم الاهلي وارساء دولة القانون ونظمت الاعتصامات والمسيرات ورغم ذلك لم تستطع المرأة الحصول على أبسط الحقوق لها او حتى لتوفر لأبنائها سبل العيش بسلام وبذلك فقد دفعت أكثر مثل سواها بل اكثر من أبناء شعبنا ضريبة هذا الانقسام البغيض.

اليوم مع تقدم تعثر الحل السياسي في ليبيا يجب ايلاء المصالحة الوطنية العناية الواجبة بحكم ان بقدر النجاح فيها بقدر ازالة العراقيل امام الحلول التوافقية السياسية بعيدا عن لغة السلاح ولابد ان تكون المرأة الليبية مشاركة في صنعها

إن ما هو مطلوب الآن هو الضغط من قبل المرأة لأجل إبراز دورها في خلال الاحزاب والقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني وأن تقدم نماذج مشرفه ومعطاءة وجادة للنساء لتتمكن من الحصول على حقوقها لما لها من دور هام يجب ترجمته في عملية صناعة القرار والمشاركة السياسية، إن هذا هو أهم ما تنتظره المرأة الليبية من المصالحة الوطنية بما يضمن إبراز دورها كونها شريكة في الوطن قولا وممارسة سياسية واهلية