حقيقة النوع الاجتماعي في منظمات المجتمع المدني في العراق - سبل التمكين والمشاركة –



حمزه حامد القريشي
2018 / 10 / 7


تشير احصاءات دائرة المنظمات غير الحكومية في العراق الى وجود "3668" منظمة وجمعية تاسست بموجب قانون "12" لسنة 2010 . لم تشر عدالة القانون المذكور الى تعزيز النوع الاجتماعي في القضايا المتصلة بالادارة والقيادة والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والشفافية المالية. تعمل المرأة في بيئة اجتماعية ملبدة بغيوم العادات والتقاليد الصارمة , قد يتطلب ذلك إحداث تغيير ملموس في أوضاع المرأة بما يحقق العدالة في توزيع الحقوق والواجبات بينها وبين الرجل ، انطلاقا من حقيقة مفادها أن خسارة جهد المرأة هي خسارة لفرص التنمية.
في مقدمة الاشكاليات التي تطرح ، النهج الذي ينبغي اتباعـه في المنظمات لتحقيـق التمكين والمشاركة للجندر، ومسألة التدابير الحمائية التي تتخذ لصالح المرأة , وهي اشكاليات لم يتح تناولها من قبل بعمق وتحليل، ولم تضعها الدراسات والبحوث المختلفة تحت مجهر النقد, معرفيا لا يمكن لأي فكر نقدي أن يقف عند حدود الجوانب المشرقة والإيجابية لظاهرة نشوء منظمات المجتمع المدني في مجتمع كان مكبوتا محاصرا مقيدا لعقدين من الزمن قبل العام 2003 , فمن البديهي أن اتناول مسألة الثقافة في العراق من خلال نظرة نقدية لما هو قائم. اما اجتماعيا فلا يمكن انكار الرغبة في زيادة الوعي وتحسين الوجود الاجتماعي في مجال التنوع والمساواة واحترام حقوق الانسان , في مجتمع متعدد الاعراق والاعراف , متشدد قليلا.
تؤشر المعطيات وجود خلل كبير في توزيع الأدوار الاجتماعية والاقتصادية بين الرجل والمرأة في منظمات المجتمع المدني في العراق على نحو يعكس تمييزا واضحا ضد المرأة ، قانونا ثمة مايشير ولو باستحياء الى ما يحد من التمييز بين افراد النوع الاجتماعي وردت في المادة -8- من قانون المنظمات غير الجكومية في اقليم كردستان رقم -1- لسنة 2011 . بينما لم تشر المادة 3 في قانون المنظمات غير الحكومية رقم -12- لسنة 2010 الى ما يبعث الاطمئنان بالمساواة والعدالة للنوع الاجتماعي " .
ازعم ان هناك منظمات طورت ”ممارسات جيدة وواعدة لأداء واجباتها تجاه حماية النوع الاجتماعي وتعزيز قدراته في مقاومة العنف ضد المرأة ، وفي تحسين مهارات الادارة والقيادة. وتحضى المرأة فيها بوافر من الحماية , هذه المنظمات تديرها ناشطات مدنيات يناضلن في الجادة الصحيحة لمقاومة الافكار السائدة والسلوكيات الاجتماعية المتطرفة , برزت ناشطات في مجال المدافعة عن حقوق الانسان , وارتبط اسماء ناشطات اخريات في الحركات الاحتجاجية والدفاع عن حقوق المراة من خلال منظماتهن النسوية , غير انها لا تشكل سوى 12% من عدد المنظمات الكلي , لذا فالمشكلة الرئيسية "محل البحث" هي في التمييز خلال العمل بحق نساء يعملن في 88% من منظمات المجتمع المدني في العراق لاسباب مختلفة منها اغفال قانون المنظمات غير الحكومية في مواده وفقراته من اي اشارة واضحة لحماية النوع الاجتماعي , وسطوة رؤساء مجالس الادارات واستبدادهم , لا سيما اذا كان يحضى بدعم المنظمات الدولية المانحة ومباركة الاحزاب الماسكة بالسلطة في ظل غياب الممارسة الديمفراطية بعرض النظام الداخلي لكل منظمة امام الجميع ليتسنى لهم معرفة الحقوق والواجبات , وغياب السياسات الفاعلة العادلة للمنظمات .
كيف نقرأ مقاربة النوع الاجتماعي في علاقته بتحسين بنية وبيئة العمل في منظمات المجتمع المدني ؟ ونؤسس لخطاب النوع الاجتماعي ؟ ووفق اي مقاربة يمكن تفعيل دور النوع الاجتماعي؟ كل هذه التساؤلات تمتلك جانبا من المشروعية بحكم اهميتها باعتبارها مدخل اساسي للمقاربة ، اكتشاف العلاقات الممكنة بين النوع الاجتماعي وتعزيز تنمية وقدرات المنظمات , قد يساهم في فتح افاق ومسارات جديدة من شانها ان تقود نحو اختيار تصورات جديدة للتعاطي مع هذه القضية لتجاوز القصور الذي اصاب هذه العلاقة.. وقدرتها على إحداث نوع من التغيير في المجتمع الذي تتوجه إليه، وبالطبع فهذا التغيير من الممكن أن يكون ماديا يسعى إلى رفع المستوى الاقتصادي لذات المجتمع ، وقد يكون معنويا يستهدف تغيير اتجاهات الناس و تقاليدهم و ميولهم بشان المراة , الأمر يتعلق إذن بعمليات هادفة محدودة في الزمان و المكان تراهن على التغيير الإيجابي طبعا ، وتقود نحو تغيير السياسات و الممارسات و المواقف .
في هذا الاطار يجب تشجيع المنظمات على تبني سياسات رصينة وفاعلة توفر الحماية والحقوق والعدالة, تدعم مشاركة الجندر في صنع السياسات واتخاذ القرار واستنهاض دورها بمنظمات المجتمع المدني ويزيد من فرصة منحها كافة الحقوق عبر تحفيز مدراء هذه المنظمات واصحاب القرار فيها على اقرار سياسات وانظمة داخلية تحض على احترام حقوق المراة وتعزيز مكانتها في صياغة هذه السياسات وصناعة القرارات وحث المنظمات على تقديم التقارير الدورية والبيانات عن احوال النساء فيها وتقديم معلومات عن آثار المبادرات والأنشطة والإجـراءات والإنجازات والآثار المترتبة على حالة وادوار وحقوق النوع الاجتماعي فيها . مع اتخاذ خطوات شاملة تقوم على ما يلي :
1. انشاء تجمعات نسوية وتحالفات مجتمع مدني لتوحيد الرؤى بشان انصاف النوع الاجتماعي في منظمات المجتمع المدني , والعمل والتنسيق مع لجنة منظمات المجتمع المدني في مجلس النواب لتعديل المادة -3- من قانون المنظمات غير الحكومية وتفعيل المادة -6- من قانون المنظمات غير الحكومية في اقليم كردستان .
2. تقوم دائرة المنظمات غير الحكومية بالطلب من المنظمات باجراءات اعادة صياغة انظمتها الداخلية بما يحقق العدالة بادوار ومهام وحقوق النوع الاجتماعي.
3. رفع الوعي باقرار سياسات فاعلة وعادلة تضمن الحقوق وتعزز قدرات المراة في منظمات المجتمع المدني.
4. تعزيز اجراءات الشفافية والمراقبة والمساواة للمنظمات الدولية والمانحين باجور ورواتب النساء المنضويات بمنظمات المجتمع المدني
5. تطوير مهارات النساء وتحسين معرفتهن بحقوقهن وسبل الدفاع عنها من خلال تكثيف اشراكهن في الورش التدريبية .
6. تنمية قدرات منظمات المجتمع المدني ذات النوع الاجتماعي بنويا وبيئيا .