عانس بأرادتي!!



عبله عبدالرحمن
2018 / 10 / 13

يمر الوقت بنا ونحن نتهجى حروف الكلمات التي باتت تحمل اكثر من معنى حتى صرن نشبه العوانس الثلاث في رواية الحرية او الموت وهن ينتظرن بفارغ الصبر حلول الظلام ليقفن امام تقوب الباب الثلاثة ليشاهدن العالم وهو يمر من امامهن فلا تستطيع ذبابة ان تفلت من السنتهن الحادة وهن يوزعن القبح والحسن على المارة بحسب ما يسمح لهن ثقب الباب من الرؤية وما ينتج عنه من تحليل ابعد ما يكون عن الحقيقة. استقراء ما يجري من طلاسم وفساد يكاد يصل بنا الى ان نشك بأنفسنا. ظللت للحظة لا اكاد اصدق ما اسمعه فيما عقلي يرسم صورة عدم السرور. ثقب الباب هذا يلامس الرفض لدي. كنت قد حلمت بأن تكون النتيجة النهائية لهذا اللقاء المرسوم للتعارف الذي قد يفضي الى ارساء اواصر الزواج بين عائلتين لا يعرفان بعضهما البعض الى القبول من الطرفين وليس من طرف المتقدم لطلب الزواج فقط. لابد ان اقول لا كبيرة لا رجعة فيها في النهاية. فذلك القالب الذي يسرد امامي سيرته الذاتية للتعريف بنفسه بهدف الزواج وليس الوظيفة يستحق الرفض فعلا. كان قد بدا باسمه وعمره ووظيفته وعرج الى ان يقول بعنجهية انه هو الذي انفصل عن خطيبته حين اكتشف انها وعائلتها يتمتعون بحرية السلام والاختلاط السافر كأقارب وجيران واصدقاء. ربما كنت انوي ان اتجاوز عن اسباب انفصاله عن خطيبته لانني كنت اعرف من الصديقة التي جمعت بيننا لمثل هذا اللقاء وبحضور العائلة عن اسباب الانفصال لكنني ما كنت اعرف انه سيطلب مني شطب اسماء ابناء خالي وعمومتي كأصدقاء على الفيسبوك. ترى هل جاء من اجل بناء اسرة سعيدة ام من اجل ان اصبح اسيرته بحجة المحافظة على اسمه وكيانه. لقد كان لقاء الموجبات والمحظورات وليس لقاء التعارف. حين اثنى على فستاني الطويل المحتشم قلت لنفسي بادرة خير فلم اكن اعرف ان وراء هذا الثناء نية اخباري بانه لا يفضل ولا يحب حجاب البنطلون والقميص القصير. لم تصبني الدهشة حين اخبرني انه لا يصلي او انه غير ملتزم بالصلاة بأوقاتها لانني استنتجت ان ما يطلبه انما هو تعصب للعادات والتقاليد البالية. تذكرت عبارة كتبها احد الاصدقاء على الفيسبوك: بروحي فتاة بالعفاف تجملت!!. ماذا كان يعني بهذا المنشور؟ هل كان يبحث عن عروس المستقبل ام انه ينقب عن عروس المستقبل.
لم اتهجى حروف الرفض! رفض البيت والسيارة والوظيفة رأس مال ذلك المتقدم للزواج. لم يكن امامي سوى الانحياز لحريتي وحياتي حتى لو انني ما زلت لا املك الوظيفة واقترب من الثلاثين. الطريق للعنوسة افضل من قبول عرض الزواج بناء على اسباب مجتمع لا يرى الا تحت قدميه في امان السيارة والبيت والوظيفة.
اكبرت في تلك الصديقة رأيها لانها بالنهاية انحازت لانسانيتها بعيدا عن ضغوط الكثيرات ممن يرون في رفضها جنون الفرصة.