كتب اثرت فى حياتى شجرتى شجرة البرتقال الرائعة



مارينا سوريال
2018 / 10 / 27

أصلّي لكلّ شجرات البرتقال في العالم
كي لا تموت...
من هذا الطفل الذي يناديه الجميع بالشيطان الصغير ويصفونه بقط المزاريب؟ وأي طفل هذا الذي يحمل في قلبه عصفورا يغني؟
"شجرتي شجرة البرتقال الرائعة" للكاتب خوسيه ماورو دي فاسكونسيلوس عمل يدرس في المدارس البرازيلية وينصح الأساتذة في المعاهد الفرنسية طلبتهم بقراءته... إنه عمل مؤثر وإنساني على لسان شاعر طفل لم يتجاوز عمره خمس سنوات... عمل لا يروي حكاية خرافية ولا أحلام الصغار في البرازيل فحسب، بل يروي مغامرات الكاتب في طفولته، مغامرات الطفل الذي تعلم القراءة في سن الرابعة دون معلم، الطفل الذي يحمل في قلبه عصفورا وفي رأسه شيطانا يهمس له بأفكار توقعه في المتاعب مع الكبار... هذه رواية عذبة عذوبة نسغ ثمرة برتقال حلوة... رواية إنسانية تصف البراءة التي يمكن لقلب طفل أن يحملها، وتعرفنا إلى روح الشاعر الفطرية... حكاية طفل يحمل دماء سكان البرازيل الأصليين، طفل يسرق كل صباح من حديقة أحد الأثرياء زهرة لأجل معلمته... وهو يتساءل بمنتهى البراءة: ألم يمنح الله الزهور لكل الناس؟".
زيزا، بطل حكايتنا، طفل حالم، سابق سِنّه، خياله جامح، يهوى السينما، ويخشى الضرب على مؤخرته من أخواته الأكبر سنًا، يتحدث مع نفسه معتبرًا إياها عصفورًا صغيرًا يسكنه ويؤنس وحدته، يتخذ من الخفافيش أصدقاء، ويرى القطار مخلوقًا خارقًا. زيزا فقير، والده خسر عمله وفشل في إيجاد عمل آخر لكبر سنه، أمه تعمل لتسد جوعهم فتعود للبيت كل يوم منهكة لا تقوى على ضرب زيزا بسبب شقاوته، لذلك يعتبرها أكثر أهل بيته رحمةً به بعد شقيقته الشقراء التي تشفق عليه رغم كل ما يفعله.
زيزا مُبتلى بالفقر ولكنه متأقلم معه، أما قلة الحنان والحب من حوله فهذا ما لم يتحمله، بحث عن الحنان كثيرًا حتى وجده في شخصٍ غريب لم يتخيل يومًا أن يصير أقرب الناس إليه، ذلك الغريب الذي افتتن بذكاء وقوة وبراءة الصغير الذي لقبه بالناموسة لشدة نحولته. زيزا جميل، بريء، ملاك يعيش على الأرض باحثًا عن الجمال، يتحمل الضرب والإهانة وفي نفس الوقت فور أن يرى والده منكسرًا يندفع ليصلح ما انكسر بداخله ببراءة، زيزا مثال لكل طفلٍ لم تجد براءته الفرصة للتعبير عن نفسها، لكن في أول فرصة تتاح لها تظهر للعلن لتلجمنا بكم هذا الجمال الذي أهملنا رعايته ودفنّاه مبكرًا.
زيزا، بطل حكايتنا، طفل حالم، سابق سِنّه، خياله جامح، يهوى السينما، ويخشى الضرب على مؤخرته من أخواته الأكبر سنًا، يتحدث مع نفسه معتبرًا إياها عصفورًا صغيرًا يسكنه ويؤنس وحدته، يتخذ من الخفافيش أصدقاء، ويرى القطار مخلوقًا خارقًا. زيزا فقير، والده خسر عمله وفشل في إيجاد عمل آخر لكبر سنه، أمه تعمل لتسد جوعهم فتعود للبيت كل يوم منهكة لا تقوى على ضرب زيزا بسبب شقاوته، لذلك يعتبرها أكثر أهل بيته رحمةً به بعد شقيقته الشقراء التي تشفق عليه رغم كل ما يفعله.
زيزا مثله مثل بائع المناديل والطفلين المذكورين بالأعلى، لا يملكون جميعًا أجمل من مخزون براءتهم الصغير، ذلك المخزون الذي ننهل منه كثيرًا عندما نتوقف أمام تلك المشاهد متأثرين، مذرفين القليل من الدموع، متخدين منهم الطاقة لإكمال الطريق، ومرددين بأن الدنيا مازالت بخير، فلنتذكر ذلك دائمًا: لولا براءة الأطفال لاختفى نصف مخزون الرحمة والجمال من الأرض، ولانقلبت حياتنا إلى جحيم، فرفقًا بكل زيزا من حولكم، فهم ملائكة الله في الأرض، ومن يدرى أي بلاء يرفعه الله عنا رحمةً بهم وبنا.
لطمة الحزام على وجهي قاسية؛ أنارت عيني للحظة، قبل أن أسرع فأحمي ملامحي بكفيِّ، وأختبىء في ركن الجدار. أخذت ضربات أختى تتلاحق على بدني ورأسي. لا تخف، لن يصيبني ضرر؛ (جسمي نحَّس) كما يقول العرب. أسرتي ليسوا غلاظ القلب كما تحسب؛ هم فقط لا يتهاونون فى الخطأ، وأنا، في الواقع، شتمتُ أختي بوقاحة، سببتها ببذاءة لم تعرف مين أين أتيت بها فلم تتمالك نفسها.
اسمي زيزا، صبي بأسرة برازيلية تكافح لتظل حية. مرشدي فى الحياة أخي الأكبر توتوكا. هل شاهدت تلك الرسوم المتحركة، ما كان اسمها؟ آه، (أنا وأخي). لقد علمني توتوكا نصف ما أعرفه فى الحياة كما في المسلسل، لكنَّ دائرتى لم تخل من البشر غريبي الأطوار: هناك مُعلمي إدموندو، ورفيقي أردوفالدو المغني الماجن، وأبي الروحي وأحب الناس لقلبي بورتوجا. لكنك طبعًا لم تعرف أن صديقي الأقرب هو جذع شجرة برتقال عملاقة!، هذه أشياء طبيعية كما ترى.
رافقت مطربي الشوارع، تعلقت بالسيارات التي تنهب الطريق، وصنعت الفخاخ للسيدات الشمطاوات. اللعنة على الشيطان الذي يهمس في ذهني فأرتكب كل المصائب التي قد تخرج من طفل فى السادسة، لا، الحقيقة أنها الخامسة، لكن دع هذا سرًا بيننا؛ فعليَّ أن أقول هذا لأن ست سنوات هي السن المفترضة لدخول المدرسة، وليس لأهلي من سبيل للخلاص من شيطان مثلي إلا بالدراسة.
"الآن، عرفت فعلاً ما الذي يعنيه الألم. الألم، ليس في تلقّي الضرب حتى الإغماء. وليس في انغراز قطعة من الزجاج في إحدى قدميك تستوجب نقلك إلى الصيدلية لرتق جرحك. الألم، هو هذا الشيء الذي يحطّم قلبك، الألم هو الموت من دون القدرة على البوح بسرّنا لأيّ كان. إنه ألم يشلّ ذراعيك، وفكرك، ويجعلك غير قادر على إدارة رأسك على المخدّة."
خوسيه ماورو دي فاسكونسيلوس