المرأة تهمة ونقيصة إزلية



محمد تحسين الحياني
2018 / 10 / 27

ما دام هناك امرأةٌ في الوجود ثمةَ هناك مشكل حتى قيل في المثل المتعارف (المرأة شرٌّ لا بُدَّ منه)، هكذا يبررون أهمية تواجد المرأة في النظام الاجتماعي.
المرأة منذ أنْ وُجدت متهمةٌ!!
فهي من وسوس لها إبليس لتأكلَ مع زوجها من الشجرة المحرمة ولا أعرف أين كان عقلُ آدم حينها؟!
أين ذهبت إرادته الباسلة وقلبُ الرجلِ الذي لا يفتر ولا يضعف؟!
نعم المرأة متهمة منذُ عهد المجتمعات القديمة والحضارات العريقة
فقد كان الاغريقيون يعدون المرأةَ نبتةً مسمومةً لا خيرَ فيها، أمَّا اليونانيون فعدوها رجسًا من عمل الشيطان، ومجمعُ روما قرر عدّ المرأة نجسة لا بد من معاملتها معاملة الحيوان المتسكع في الشوارع. نستطيع القول بأنَّ المرأةَ الفرعونيةَ كانت الأقلَّ ضررًا والأهونَ سوءاً فلقد كان الفراعنةُ يُزينون الفتاةَ الجميلةَ ويلقون بها في النيل تبركًا بها وتنعما.
أمَّا المرأةُ العربيةُ فلقد كانت الأكثر تعاسة والأسفل معاملةً. وهل تعتقد أنَّ المجتمعات القديمة والحديثة منها هي وحدها اقهرتْ المرأة؟ بالطبع لا. فالفلاسفةُ والمفكرون والمُخَلصون والمنقذون اعطوا رأيهم فيها: فهذا الفيلسوف أرسطو فنان الشعر والمسرح والموسيقى وأستاذ الفيزياء والمنطق والبلاغة يقول عن المرأة
(إن الطبيعة لم تزود المرأة بأي استعداد عقلي يعتد به ويجب أن تقتصر تربيتها على شؤون التدبير المنزلي والأمومة وحضانة الأطفال).
أما فيلسوف أثينا الأول سقراط يقول فيها (إن وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدرٌ للأزمة في العالم).
لم تتغيرْ أحوالُ المرأةِ كثيرًا نحوَ الأحسنِ فسلطة الشريعة أوعزت لقادة الفقه أن تحدد مهام المناطة للمرأة في المنظومة الاجتماعية أو بالأحرى المنظومة الإسلامية (صوت المرأة عورة) و (لباسها الضيق كفر). خروجها من المنزل من الجرائم التي لا تغتفر. الاختلاط مع الرجال يدخلها النار الموعودة. وجودها في المجتمع العربي عار على القبيلة. دخولها المدارس لغرض التعليم مكروه شبه حرام.
لقد اختزلت المرأة كل أنواع التعنيف والقسوة والجور وجمحت شتى أشكال التحقير والدونية أنها ليس شريكا أنها بلا ذات بلا معنى.
لقد تناسى كل الفلاسفة والمفكرين ومنهم نيتشة وأفلاطون وارسطو وسقراط الذين وقفوا وقفة غير حيادية والذين كانت آرائهم معبئة بالتراكمات التاريخية القمعية التي مرت بها المرأة لقد نسى المنحى الاجتماعي والظروف البيئية لدى المرأة وأخذوا الإطار من الجوانب النفسية التحليلية والتنظيرية ولم يدركوا أن لكل بيئة ظروفها الخاصة في تكوين ايدلوجية المرأة.
في القرية مثلًا عندما تخون المرأة زوجها جنسيا تقتل بلا تردد ففي قتلها غسل العار الذي لحق بالعائلة.
في المدن التي تحيطها المصانع والمعامل والأسواق قد يسامحها زوجها على ذلك أو يكتفي بالطلاق من دون وجع رأس وقضايا قانونية وجلسات عشائرية.
وعلى هذا فلكل بيئة اجتماعية حساباتها وتعريفاتها الخاصة من خلال طباع المجتمع المحيط، هي لا تنتقم من أحد هي تنتقم لنفسها من نفسها.
المرأة في المدن التي تحمل ذات طابع قبلي تسودها الطقوس المتعارف والمتعاهد عليها من قبل سلطة العرف العشائري تكون مسلوبة الإرادة منزوعة القرار لا رأي لها لا كلمة تبديها بالأصل هي غيرُ مهمة في النظام المجتمعي. هناك فسلطة صاحب العقال سلطة متوارثة عقال عن عقال لا مسلة مأخوذة عن مسلة، ففي هذا النظام المرأة شيء مملوك حالها حال السيارة، قطعة أرض، مزرعة كبيرة، قطيع مواشي، تُضرب إذا أخطأت وتُهان إذا اعترضت وتُطلق إذا لم تجنب الأولاد وتُذبح إذا خانت ولو ضحكت بوجه ابن جارها، لكن يُدافع عنها إذا ما تحرش بها أحدٌ أو داعبها أو لاطفها أو حاول الإيثار عليها أو المساس بها هو لا يحميها بل يدافع عن شيء يملكه فمن صفات الرجل العربي الشجاع الدفاع عن ما يملكه حتى لو قَتل أو قُتل لأجله.
خذ مثالًا حتى لو تمازحا شخصان بينهما يستطيع أن يقول احدهما للآخر ((افعل كذا بأمك وبأختك وبخالتك وبعمتك لا يعير أهمية الأمر لكن ما إن قال له افعل كذا بمرتك)) تقوم القيامة مع أنَّ الأم والأخت والخالة والعمة هن اللاتي يرتبط معهن في الدم لا الزوجة
المرأة ضعيفة فجرأتها تخدش حياء القبيلة والعائلة والمجتمع
والمطالبة بحق من حقوقها وقاحة.
المرأة لا تستطيع أن تلجأ إلى القضاء للدفاع عن شرفها ففي فقه قانون العادات والتقاليد فضيحة ( لو ما عندها شيء ولو ما ناطيته مجال ما كان اتحرش بيها).
لا تستطيع أن تلجأ إلى المحاكم المختصة لأخذ حصتها في الميراث
يستطيع الرجل أن يتزوج بأربع نساء جميعهن على ذمته أن كان يرغب في اشباع رغبته الجنسية.
بإمكان أي شاب أن يلهو ويسهر ويعربد إلى وقت متأخر من الليلة
لا ضيرَ أن دخن السكائر وليست هناك مشكلةٌ أن دخل الملاهي ولعب القمار وشرب البيرة.
بالمقابل لا تستطيع المرأة أن تتجرأ على فعل فعلة واحدة من أفعال التي يفعلها الرجل.
ولا أعرف كيف يقال (أنه لا فرق بين أعجمي وعربي إلا بالتقوى)، لكن نرجع للقول بأنَّ هناك أصواتٌ تقف وقفة شرسة ضد المقارنة بين سيكولوجية المرأة من حيث مشابهتها بسلوك الرجل، الرجل عندهم ليس كالمرأة فالأشياء مختلفة والاستخدامات متغيرة، فكل واحد وجد لمهمة معينة وهدف مرسوم وطبع مجبول عليه.
أنا شخصيًا لا أختلف كثيرًا مع هذه الأصوات في وجهات النظر لكن أين التطبيق؟
هل وفرت كلُّ الظروف المتاحة؟!
هل هيئتَ مساحاتٌ واسعةٌ وأدوارٌ مشتركةٌ في إعطاء المرأة برنامجها الفعلي في التطبيق أم تبقى مجرد تنظير ونصب واحتيال بذريعة أنَّ هناك قوانين ونصوصًا في القوانين السماوية وحتى الوضعية البشرية كُتبتْ لكي تُحترم فقط لا تنفذ
انقرضتْ عصورٌ فجاءت عصورٌ
تمدنت المدنُ ازدهرت وسائلُ الحياةِ تغيَّرتْ ملامحُ الطبيعة
وبقيت المرأة غيرَ قادرةٍ على الخلاص من الهيمنة الرجولية عاجزة على الانتقام بالطريقة المباشرة
بايلوجيًا وفلسجيًا هي ضعيفة
إذاً كيف تنتقم من زوج يعاملها معاملة العاملات القادمات من شرق آسيا للبحث عن البقاء من أجل العيش لا من أجل الحياة
كيف تحاسب وتعاقب أبًا وأخًا يتصرفون معها كالمذنبة نعم هي مذنبةٌ
مجرد مجيئها إلى الحياة هو خطأٌ كبيرٌ!
التجأتْ المرأةُ إلى طريقتين لكي تسترد حريتها المسلوبة لكي يكون لها رأي لكي تثبت لنفسها أنَّها مهمة.
الخيانة الزوجية إحدى طرق الانتقام التي استخدمتها، أنها غير مهمشة مع عشيقها هناك من يشعر بها من يسأل عن أخبارها عن أحوالها موجود في حياتها من يشتاق لها تستطيع أن ترفض أن تقبل.
هي ليست أسيرة ولا حبيسة.
بإمكانها ومتى شاءت أن تنهي العلاقة أن كان الأمر يريح عاطفتها
الطريقة الثانية التي استخدمت بها كل الأساليب المريضة والخبيثة
أنها تمكنت أن تجعل الرجل يعق أمه.
امتلكت القدرة أن تجعل الزوج يخاصم أخاه يجفي أخته على أتفه الأسباب وأحقر المسببات.
لا بل فاقت كل التوقعات لدرجة أنها تمكنت من تسبب حرب بين قبيلتين ويسقط بينهما قتلى وجرحى والسبب امرأة.
هي ليست مخلوقًا شريرًا هي تريد أن تنتقم لذاتها تريد استرجاع كيانها.
هي ليست فاسقةً ولا باغيةً أرادت أن تُنفس عن عاطفتها المكبوتة
لم ترد أكثر من تغيير واقعها المشؤوم هي مثل العصفور المحبوس في قفص الممنوع عنه الماء وحبة القمح لم يفكر لحظة إلى أين سيذهب عندما تمكنه الظروف على الهروب.
ما يهمه الهرب فقط لا غير
وهذا هو حال المرأة الحديثة ابنة القرن الواحد والعشرين لم تفكر بما أن كانت الغاية شريفة أو غير ذلك المهم الوسيلة التي تمكنها من الانتقام حتى لو وصل بها الحال إلى الخيانة.
فإرادة الانتقام كانت تراودها منذ عقود.
وبسبب نرجسية الرجل بسبب تسلطه الغير مقبول بسبب مدى دكتاتورية تفكيره الغبي
لم يدرك أهمية تقبله للمرأة كوجود كمعنى كذات فآلَ الحال إلى ما هو عليه
لم يعي أنَّ المرأةَ عاطفةٌ تحتاج إلى الإشباع بالاهتمام وليس بالفراش الجنسي فقط
وكما قال الفيلسوف والكاتب المسرحي شكسبير (الاهتمام الكبير أثمن من الحب الكثير)
أما الطبيب النفسي والكاتب النمساوي قال كلمة لا يسع هذا المقال لتفسيرها فهي بحاجة ماسة قصوى إلى الجلوس والمكوث والتحاور والتناظر
(إن لم تختر ما الذي تريده من الحياة فإن شخصا آخر سيختار لك ذلك)
بصراحة وفي كلمتي الأخيرة
لا أستطيع أن ُأبدي رأيًا شخصيًا بحق جميع النساء
ما كتبته هو يبقى تساؤلات واستفسارات و قصص وحكايات وتبقى لكل امرأة بيئة خاصة هي المسؤولةُ عن نشأتها، والسلام.