كتب اثرت فى حياتى ادباء منتحرون دراسة نفسية



مارينا سوريال
2018 / 11 / 2

"من الخطأ أن نُطالب الفنان بتفسير عمله الفني"
سواءً كان شعراً، لوحة، أو حتى رواية أو مسرحية،
يرى فرويد أن الفنان يتغلب على الانسان العادي في قدرته على الانفصال عن عالم الواقع و العيش في عالم الخيال تماماً، لذلك كان كثيراً من الفنانين عرضة لمرض الفصام و أمراض عقلية آخرى.
دراسة نفسية يعالج هذا الكتاب السلوك التدميرى الذى يدمر فيه الفرد ذاته
والذى أقدم عليه أديبان من اكبر أدباء القرن العشرين وهما :
الأديبة الانجليزية فرجينيا وولف
الاديب الامريكى ارنست هيمنجواي
وقد جاءت الدراسة من خلال التحليل والتفسير لبعض الانتاج القصصى لهما
يعد كتاب "أدباء منتحرون" دراسة نفسية لذلك السلوك الانتحاري الذي يدمر فيه الفرد ذاته، اعتمد فيها الكاتب "مكرم شاكر اسكندر" منهج التحليل النفسي لفرويد..
فقد قام المؤلف بدراسة وتحليل وتفسير أربع روايات طويلة لهما تزيد عدد صفحاتها جميعاً على الألف صفحة, معتمدين في دراستها على النص الإنجليزي لهذه الروايات
كتب علي أحد أقدم أوراق البردي المصرية حوارا شعريا دار بين رجل تعب من الحياة مع نفسه.
يقول فيها "الموت...أضحي اليوم قريبا من بصري في 28 مارس 1941 وبعد أن أنهت روايتها الأخيرة "بين الأفعال" ارتدت "فرجينيا وولف" معطفها وملأت جيوبها بالحجارة ومشت في بطن نهر "أوز" القريب من منزلها ثم لم تخرج منه، بقيت جثتها في النهر أسابيع ثم دفنت بعد ذلك.
انتحار تلك المرأة الاستثنائية فرجينيا وولف وإغراق نفسها بتلك الطريقة المختلفة، كما حياتها كلها مختلفة، لم يكن هروباً من مواجهة الحياة، هناك أشياء كثيرة مزعجة في حياتها، لكنها لم تكن السبب، الحرب العالمية الثانية ما زالت مستعرة، بيتها في لندن دمر خلال الغارات الجوية الشهيرة للطيران النازي على بريطانيا والتي استمرت من 7 سبتمبر 1940 حتى 10 مايو 1941، كل هذا لم يكن سبباً كافياً، إنما كان انتحارها بسبب الحب الصادق العميق، فهذه الروائية العظيمة التي تعتبر بحق أحد رموز الحداثة الأدبية والتي انتقدت بحدة وقسوة الحقبة الفيكتورية بكل ما تمثله من أدب وفكر، كانت تعاني من حالات صرع واكتئاب أدت إلى كتابة تاريخ طويل لها مع محاولات الانتحار، لعل الحرب العالمية قد أعادت لها مرض الاكتئاب الذي عانت منه طويلاً ولم تعد قادرة على عيش التجربة من جديد، خصوصاً وأن زوجها، وهو أحد رجالات السياسة البريطانيين في ذلك الوقت، قد عانى معها معاناتها لحظة بلحظة ومحاولة انتحار بمحاولة إنقاذ، وصوتا يضج في الرأس بصوت يضج في رأسه هو، ليونارد وولف كان رجلاً عظيماً لن ترى النساء مثله، فقد كان الزوج الحنون الذي أنشأ داراً للنشر لمجرد إسعاد زوجته المبدعة، ولم يكن يستحق أن يعيش العذاب من جديد.
طالما أسرتني الرسالة الأخيرة التي كتبتها هذه الأديبة العبقرية معتذرة لزوجها ومعللة سبب فعلتها، قبل أن تغرق نفسها وتغادر الحياة عن قصد، وهذا هو نص الرسالة:
"أشعر أنني متأكدة، أنني سأصاب بالجنون من جديد. أشعر أننا لا يمكن أن نعود لكي نعيش تلك الأوقات المرعبة، وأنني لن أشفى هذه المرة. لقد بدأت أسمع أصواتاً ولم أعد قادرة على التركيز. لذلك سوف أفعل ما يبدو أنه أفضل ما يمكن فعله. لقد أعطيتني أعظم قدر ممكن من السعادة. لقد كنت كل شيء يمكن أن يكونه إنسان، وبكل الطرق إلى ذلك. لا أعتقد أن اثنين من البشر يمكن أن يصلا إلى سعادة أكبر مما وصلنا إليه، حتى أتى هذا المرض المريع. لم أعد قادرة على المقاومة أكثر. أنا أعلم أنني أدمر حياتك، وأنك من دوني ستستطيع أن تعمل. كما ترى، أنا لا أستطيع حتى أن أكتب هذا، بالصورة الصحيحة. لا أستطيع حتى أن أقرأ. ما أريد أن أقوله هو أنني مدينة لك بكل السعادة التي عشتها في حياتي. لقد كنت صبورا معي لدرجة الكمال وكنت طيباً بصورة لا تصدق. ما أود أن أقوله، يعرفه الجميع، وهو أنه لو كان بإمكان أحد أن ينقذ حياتي، لكان أنت. لقد فقدت كل شيء، سوى ثقتي بطيبتك. أنا لم أعد قادرة على تدمير حياتك أكثر من هذا. أنا لا أعتقد أن اثنين من البشر يمكنهما أن يكونا أكثر سعادة مما كنا".. (فرجينيا)..