كتب اثرت في حياتي خارج المكان



مارينا سوريال
2018 / 11 / 9

عام 1991، تلقى إدوارد سعيد تشخيصاً طبياً مبرماً أقنعه بضرورة أن يُخَلّف سجلاً عن المكان الذي ولد وأمضى طفولته فيه. في هذه المذكرات، يعيد إدوارد سعيد اكتشاف المشهد العربي لسنواته الأولى: "أماكن عديدة زالت، وأشخاص عديدون لم يعودوا على قيد الحياة... باختصار، إنه عالم قد اندثر" فقد طرأت على ذلك المشهد تحولات عديدة إذ تحوّلت فلسطين إلى إسرائيل وانقلب لبنان رأساً على عقب بعد عشرين سنة من الحروب الأهلية، وزالت مصر الملك فاروق الكولونيالية إلى غير عودة عام 1952.
وأخيراً وليس آخراً إن الجديد في "إدوارد سعيد" المركّب الذي يظهر من خلال هذه الصفحات، هو عربي أدّت ثقافته الغربية إلى توكيد أصوله العربية، وأن تلك الثقافة (كما يقول إدوارد في مقدمة الكتاب)، إذ تلقي الشك على الفكرة القائلة بالهوية الأحادية، تفتح الآفاق الرحبة أمام الحوار بين الثقافات.
أجدني أتساءل في سرّي ما إذا كان نظام الواجبات و المواعيد النهائية سوف ينقذني الآن ، مع أني أدرك ، طبعا ،أنّ مرضي يزحف زحفا على نحو غير منظور ، و بسرية أكبر و غدر أعظم من سريان الوقت الذي كانت تعلنه ساعتي اليدوية الأولى، و قد حملتها و أنا غافل آنذاك عن حقيقة أنها ترقّم فنائيتي ترقيما، و تقسمها إلى فواصل تامة و غير متبدلة من المواقيت غير المتحققة إلى أبد الآبدين
“هكذا أمسيت جانحا، أنا إدوارد مرتكب المخالفات التي تستحق العقاب من خمول وتسكع والذي يتوقع دائما أن يقبض عليه متلبسا بفعل محضور يستدعي الاحتجاز بعد الدروس أو، بعد ذلك حين كبرت صفعة قوية من المعلم. وقد منحتني إعدادية الجزيرة اختباري الأول لنظام محكم أنشأه البريطانيون كمهمة كولونيالية. كان الجو جو طاعة عمياء يؤطرها إذعان بغيض عند المعلمين والتلامذة على حد السواء. ولم تكن المدرسة مثيرة بما هي مكان للعلم لكنها زودتني بأول اتصال مديد مع السلطة الكولونيالية من خلال الانجليزية القحة لأساتذتها وللعديد من التلاميذ”
“كنت أرى إقامتي المقدسية سارة. لكن يعذبني فيها أنها طليقة ومؤقتة، بل زائلة. وقد تبين لاحقا أنها فعلا كذلك
“و ما إن تنتقل أمي إلى الانجليزية حتى تصير نبرتها أكثر موضوعية وجدية فتكاد تطرد نهائيا الحميمية المتسامحة والمتموسقة للغتها الأولى، العربية
كلما أوغلت في ذلك الجهد ازددت اقتناعاً بأني إنما أسعى إلى تحقيق فكرة طوباوية. ذلك أنه لم يعد في حياتنا المعاصرة دعم كبير للفكرة القائلة بأنّ الانتماء العربيّ لا يزال يقتضي، بحكم العادة والتقاليد، إقامة علاقة متنافرة مع الغرب.
"غير أن الدافع الرئيسيّ لكتابة هذه المذكرات؛ هو طبعاً حاجتي إلى أن أجسّر المسافة، في الزمان والمكان، بين حياتي اليوم وحياتي بالأمس. أرغب فقط في تسجيل ذلك بما هو واقع بدهيّ دون أن أعالجه أو أناقشه
يعتبر كتابه الاستشراق من أهم اعماله و يعتبر بداية فرع العلم الذى يعرف بدراسات ما بعد الكولونيالية كان سعيد منتقدا قويا ودائما للحكومة الإسرائيلية والامريكية لما كان يعتبره إساءة وإهانة الدولة اليهودية للفلسطينيين. وكان من اشد المعارضين لاتفاقيات اوسلو وانتقد سعيد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات واعتبر أن اتفاقيات أوسلو كانت صفقة خاسرة للفلسطينيين.

“مطلبي هو الإحترام الواجب للتفاصيل الملموسة للخبرة البشرية، والتفهم النابع من النظر إلى "الآخر" نظرة ود وتراحم؛ والمعرفة التي تُكتسب وتُنشر بأمانة أخلاقية وفكرية؛ فهذه بالتأكيد أهداف أفضل وإن لم تكن أيسر تحقيقا في الوقت الحاضر من المواجهة والعداء الذي يختزل الخصوم ويحقّرهم.”

“مهمة المثقف و المفكر تتطلب اليقظة والانتباه على الدوام ، ورفض الانسياق وراء أنصاف الحقائق أو الأفكار الشائعة بإستمرار”
المثقف باعتباره منفيا يميل الى الاحساس بأن فكرة الشقاء تسعده حتى أن الاستياء الذي يكاد يشبه عسر الهضم قد يصبح لونا من ألوان سوء الطبع أو انحراف المزاج الذي يتحول الى " أسلوب تفكير " بل أيضا الى مأوى جديد له وان كان مؤقتا ”

“يوجد في كل مجتمع بعض الاشخاص الذين يتمتعون بحساسية فذة للقداسة وبقدرة خاصة علي تامل طبيعة الكون الذين يعيشون فيه والقواعد التي تحكم مجتمعهم
وتوجد في كل مجتمع اقلية من الذين يتمتعون بمقدرة تفوق طاقة من سواهم من البشر العاديين علي التساؤل والبحث وتحفزهم الرغبة في التواصل المتكرر مع الرموز الاعم الاشمل من المواقف العملية في الحياة اليومية هي الرموز ذات الدلالات الابعد والاوسع زمانا ومكانا
ويحتاج افراد هذه الاقلية الي اخراج وتجسيد بحثهم ومطلبهم في كلام شفوي ومكتوب وفي ما يعبر عنه شعرا او فنا تشكيليا وبالذكريات او الكتابة التاريخية وبالوان الاداء الطقسي وضروب العبادة