جرائم العنف والاغتصاب .. والقوانين الدولية .. بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة



طارق رؤوف محمود
2018 / 11 / 21


أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يقضي اعتبار يوم 25/ نوفمبر من كل عام يوم عالمي للقضاء على العنف ضد المراة وسعت من خلال ذلك الى رفع مستوى الوعي العالمي حول ما تتعرض له المرأة من اضطهاد ودعت الجمعية العامة جميع المنظمات الدولية والمعنية بحقوق الانسان الى تنظيم فعاليات تعزز مفهوم محاربة العنف ضد المرأة .
كما أكدت الجمعية العامة احترام حرية المرأة وكرامتها وسلامتها من أي اعتداء مجسدتا ذلك بصكوك دولية ومن أهمها الإعلان العالمي لمناهضة كل اشكال العنف ضد المرأة بقرارها المرقم 104/48 والمؤرخ 20/ كانون الأول/1993،وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الذي يسهم بالقضاء على العنف ضد المرأة .
وبادرة الجمعية العامة بإصدار حزمة من القرارات خلال السنين الماضية بعد ان شكت شعوب العالم من جرائم العنف والاغتصاب التي تتعرض لها النساء والفتيات وسوء المعاملة من قبل الأشخاص والجماعات والعصابات ،وبعد الاطلاع على احصائيات هذه الجرائم يتبين انها ارتكبت من قبل اشخاص ومجاميع وعصابات مسلحة في الكثير من دول العالم ومنها على سبيل المثال بعض الدول العربية ، والولايات المتحدة الامريكية ، والهند ، والسويد ، وفرنسا ، وكندا ، وسريلانكه ، وبريطانيا وألمانيا واثيوبيا ،وكمبوديا والنيبال ، وغيرها وهذه الدول اكثر غرقا في هذه الجرائم .
الجمعية العامة للأمم المتحدة عرفت العنف ضد النساء بانه أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس والذي يتسبب بإحداث إيذاء آو ألم جسدي جنسي أو نفسي للمرأة ويشمل أيضا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات سواء حدث في إطار الحياة العامة والخاصة لذلك يعتبر العنف انتهاك لحياة النساء والعائلة ومظهر من مظاهر الهمجية والجاهلية في العصور الغابرة .
يشمل العنف – الاغتصاب – والعنف العائلي – والتحرش في أماكن العمل – والإيذاء في المدارس – وتشويه الأعضاء للإناث ،والعنف الجنسي في النزاعات المسلحة ، وعلى العموم يكون مرتكبي هذه الأفعال من الرجال سواء في البلدان النامية أو البلدان المتقدمة . .
والاغتصاب هو احد إشكال العنف وهناك إشكالا أخرى من العنف الجنسي والذي تتعرض له المرأة بشكل يومي من قول يمس كرامتها ويخدش خصوصية جسدها من تعليقات جنسية بالشارع وبالمحلات العامة أو بالهاتف أو من خلال لمس أي عضو من أعضاء جسدها ، دون رغبة منها ،ومن الاحصائيات العالمية نجد ان النساء وخاصة الفتيات يشكلن عددا كبيرا من الأشخاص المتاجر بهم عبر الحدود. .
وتشير عدد من الدراسات على إن العنف هو استخدام للقوة والسيطرة على المرأة ، وان العنف بحد ذاته هو تعبير عن إن السلطة هي للرجل ، ويتم التعبير عن هذه السلطة والقوة من خلال تعريض المرأة لإشكال مختلفة من العنف بحيث تبق مهمشة وغير قادرة على النهوض بمستواها الاجتماعي والعلمي . ويعتقد بعض الخبراء ان تاريخ العنف ضد المرأة يرتبط بتاريخ النساء حين كان يتم اعتبارهن كتابع او ملكية للرجال .
اما جرائم الاغتصاب خلال الحرب والنزاعات فقد كرست دورا مخزي للمحتلين والغزات وهذا ما حدث فعلا في البوسنة خلال سنة 1992- 1995 خمسون الف امراة مسلمة تعرضت للاغتصاب بوحشية همجية عنصرية على يد العصابات والجيش الصربي ، وكذلك تم اغتصاب معظم النساء في منطقة (سريبرينيتسا) بعد قتل الرجال امام مرى فرقة الحماية الهولندية. وحدثت نفس جرائم الاغتصاب في كوسوفا وغيرها .لم يشهد العالم مثل هذه المجازر ضد النساء على يد جنود متوحشين تشبعت عقولهم بالفهم العنصري والديني المتخلف حيث يقوم هؤلاء بحجزالفتيات والنساء في مراكز اعتقال ويحضرون فينتقون من النساء ما يشاءون لاغتصابهم . ونذكر واحدة من الأمثلة المثيرة للشجن والحزن اقتحم ثلاث من جنودالصرب اسرة مسلمة تتكون من جدة عمها 60 عام وبنتها الكبرى الام 42 عاما وبنا تها الخمس الكبرى 19 عام والتي تليها 15 عام والثالثة 12 عام والرابعة 9 سنوات والخامسة 6 سنوات ، قام الجنود باغتصاب الجده اما م ابنتها واحفادها ثم اغتصاب الام امام أمها وبناتها ثم قامو باغتصاب الفتيات الخمسة امام الام والجدة ، ماتت البنتين الصغيرتان . وفقدت الام والجدة النطق .
كما اطلاع العالم على تقرير( هيومن رايتس )الذي أشار الى جرائم ارتكبها تنظيم داعش باغتصاب مئات الفتيات القاصرات ونساء أ يزيديات وبيعهن في الأسواق سبايا وهناك حالات انتحار لفتيات آثرن الموت على الحياة ، ولا يزال المئات من الايزيديات مختطفات لحد الان ، وهناك قصص مأساوية عن تطرف الارهابين وسلوكهم الوحشي الذي يعد من جرائم الحرب ضد الإنسانية التي تخضع لاحكام المحكمة الجنائية الدولية .
ومن جرائم العنف والاغتصاب خلال النزاعات المسلحة أيضا ما يحدث الان في بورما من مذابح وعنف واغتصاب ضد المسلمين بافكار دينية متطرفة وتميز عنصري .
وكل هذه الجرائم المرتكب اثناء النزاعات المسلحة تعد انتهاكا لاحكام القانون الدولي الإنساني الذي يلزم جميع الدول بملاحقة مرتكبيه ، والمحكمة الجنائية الدولية أدرجت الاغتصاب وغيره من اشكال العنف الجنسي في قائمة جرائم الحرب ضد الإنسانية.
بعض الاحصائيات حول العنف ضد المرأة
في الهند اكدت احصائيات عام 2012 أغتصاب 24923 امرأة .وفي السويد احصائيات عام2009- 15700جريمة اغتصاب وتحرش . و في الولايات المتحدة احصائيات العدل تشيران واحدة من بين كل ست نساء تحدث حالات اغتصاب . وفي المانيا توفي ما يقارب 240000من النساء والفتيات حتى الان بسبب جريمة الاغتصاب ، اما جنوب افريقيا فيطلق عليها عاصمة الاغتصاب حيث تم الإبلاغ عن 65000 حالة اغتصاب واعتداء.
وفي مجال اخرتعمل الوكالات والمنظمات العالمية على تكثيف جهودها البحثية والإحصائية للتوصل إلى أرقام دقيقة حول ظاهرة العنف ضد المرأة، ومن أبرز الإحصاءات التي توصلت إليها كل من منظمة الصحة العالمية، وكلية الطب وطب المناطق المدارية في لندن، ومجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا
• أكثر من 35% من نساء العالم تعرضنّ للعنف الجسدي أو الجنسي على يد أحد الأقرباء لهنّ من شريك حميم أو غيره من الأشخاص.
• تعرضت 30% من نساء العالم للعنف الجسدي على يد شريكهم في العلاقة.
• 38% من جرائم قتل نساء في العالم كانت على يد الرجال الذين كانت تربطهم بهنّ علاقة

ان العنف والاغتصاب ضد النساء والفتيات هو من اكثر اشكال العنف انتشارا وهو عنف متاصل ويقوم على الانتهاكات المدمرة لحقوق الانسان في عالمنا ويشكل هذا العنف عقبة تعترض سبيل تحقيق النساء والفتيات لحقوق الخاصة بهن ،لهذا اهتز الضمير العالمي لهذه الجرائم وسعت كل المنظمات الإنسانية والمدنية وفقهاء القانون الجنائي والمدني وقادة الفكر والسياسة على مر السنين الماضية بالعمل على أصدار تشريعات قانونية دولية تحد من هذه الجرائم وافلحت بذلك من تحقيق قرارات عديدة منها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 104/48 في 20 /كانون الأول / 1993 الاعلان العالمي لمناهضة كل اشكال العنف ضد المرأة وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الانسان رقم 217/111 في 10/كانون الثاني / 1948،والقانون الدولي الإنساني .
واصدر مجلس الامن الدولي قرارات وهي 1820/ 2008 و1888/ 2009 و196/2010 عززت من الإجراءات القانونية الدولية ضد جرائم العنف وتم بموجبها تأكيد عدم الإفلات من جرائم العنف الجنسي المرتبط بالصراعات وحالات النزاع واخرها القرار 2106 حول إجراءات ملاحقة جرائم العنف الجنسي .
وأخيرا ندعو الحكومة العراقية وكل المنظمات المعنية ومجلس النواب 1-اصدار قوانين محلية جزائية بحق من يصيبون النساء بالاضرار ، ووضع خطة عمل وطنية لحماية المر أة من جميع اشكال العنف وتدابير قانونية وسياسية وإدارية وثقافية لردء أفعال العنف ضد المرأة ، 2- تقديم المساعدة وكل التدابير للنساء اللواتي يتعرضن للعنف ، 3- تعديل أنماط السلوك الاجتماعي للرجل والمرأة ومساندة الأبحاث في هذا الخصوص 4- السعي لدرج فقرة في الميزانية العامة لضمان مواد كافية للانشطة المتعلقة بالقضاء على العنف ضد المرأة 5- مساندة الحركة النسائية والمنظمات المدنية والوطنية والمؤسسات التعليمية التي تعمل على انهاء العنف ضد المرأة .
وبهذه المناسبة نهنئ نسائنا في العراق ونساء العالم على نضالهم الطويل من اجل ضمان حقوقهم المشروعة ونجاحهم بتحقيق الكثير من أهدافهم وسعيهم لارساء نظام ديمقراطي يؤمن للمرأة مشاركة اخاها الرجل في كل مرافق الحياة وفي رحاب مجتمع يعيش بامان وسلام بعيدا عن العنف والاغتصاب والتخلف والخوف وفي ظل الانفتاح الحضاري والتقدم العلمي والمعرفي والاجتماعي في العالم.