معركة المرأة من أجل حقوقها ونيل حريتها



أشرف طباسي
2018 / 12 / 18

هل الاعتقاد السائد بدونية جنس النساء وأفضلية جنس الرجال مرتبطة بخلق الإنسان، أم أنها وليدة لحظة تاريخية طارئة على خلق الإنسان؟ هذا السؤال يجب الإجابة عليه إن أردنا مجتمعا إنسانيآ متقدمآ كما المجتمعات الأخرى.

لا شك أنه يوجد في موروثنا الثقافي تأكيد دونية المرأة خَلقْاً.وساهم في ذلك الدين والأسطورة، وتم ترسيخ قناعات غير قابلة للنقاش في وعينا وسلوكنا. الاضطراب المعرفي والثقافي اللذين يعيشهما المجتمع ظاهرآ ببعض الفئات منه وخاصه المضطهدة مثل الفقراء إمرأة أم رجل.

لذلك تحرر المرأة مرتبط بتحرر الرجل، وكلاهما مرتبط بتحرر المجتمع من العبودية والاستغلال والاضطهاد وتقدمه الفعلي بجميع جوانبه ومقومات تطوره السياسية والاقتصادية والثقافية وتحقيق الديمقراطية والعدالة..الخ. فالمرأة العربية لا شك أنها قد تحررت نسبيآ من الناحية الاقتصادية، وتعلمت القراءة والكتابة وحازت على مناصب مهمة في الدولة والمجتمع، لكنها لم تستطع التخلص من أنها إمرأة وحياتها مرتبطة بحياة الرجل وسعادتها مرتبطة أيضآ برضى الرجل , فهي ما زالت في عقلها الباطن أقل من الرجل بل تابعه له ولم تستطع التخلص من هذا الشعور" دونية المرأة " .

المرأة العربية تعمل خارج المنزل وداخله وقد تكون أنجح من الرجل في العمل خارج المنزل وقد لا يعمل الرجل , فهي تكنس وتطبخ وتكوي الملابس ولا تسمح للرجل في العمل داخل المنزل ومنهن من تتفاخر بذلك – وهذا راجع لطبيعة حياتها الخاصة - , لكن هذا لا يجب أن يجعلها تعتقد أن هذا عمل الرجل في البيت يقلل من شأنه ! .

لذلك برأيي أن المراة تعاني من التمييز والتهميش والاضطهاد. ومن لا تضطهدها قوانين بلادها، تضطهدها قوانين مجتمعها وعاداته ومفاهيمه، وتزداد معاناتها صعوبة عندما تكون متعلمة وذكية وطموحة ومبدعة.. لكن مجتمعها مجتمع مغلق، ويتمسك بالعادات والتقاليد والمفاهيم الموروثة عن القبيلة أو العائلة أو الطائفة.

لذلك تعيش المرأة العربية بشكل عام هذه الآونة مرحلة مخاض صعبة، لبناء ذاتها، ونيل حريتها وحقوقها المحرومة منها. فهي تكافح كفاحآ مريرآ لإثبات كفاءتها، ووضع قدمها في الساحة العامة، ممهدة الطريق لتكون شريكآ أساسيآ في بناء أسرتها ومجتمعها ووطنها، ولتجاوز النظرة الدونية لها المرتكزة على أنها لم تُخلق سوى للخدمة والجنس والإنجاب، وتتحدى الفكرة التي تقول بأنها ليست إنسانآ، بل نصف إنسان شرعآ وقانونآ " ناقصة عقل ودين "، وتُعامل على هذا الأساس منذ نعومة أظفارها. وتواجه قائمة هائلة من الممنوعات.

فهي منذ طفولتها عليها أن تخدم في المنزل إخوتها وأشقاءها الذكور، وفي المدرسة تتعرض وجهآ لوجه من قبل المربين والأساتذة للتمييز بينها وبين الولد الذكر. فالحب شفقة على ضعفها وفي أحسن الحالات يقدر تفوقها وإمكاناتها لأنها أنثى ضعيفة لم نتوقع منها ذلك التفوق... أو نشفق عليها أو نحبها لجمالها تنفيسآ لرغبة جنسية. فندور نحن وهي في حلقة معيبة مفرغة. أما في الجامعة فخياراتها في فروع العلم والتخصص محدودة، لأن للإناث فروعآ خاصة تليق يهن، وكأننا فصّلنا هذه الفروع للمرأة.

ونحن نعمل كي لا تفلت من دائرة خدمة الرجل، وأن تكون دائمآ تابعة له.. وممنوعة أيضآ من السفر، وقرارها بقبول واختيار شريك حياتها مرتبط بولي أمرها. فإن لم يكن الأب فالأخ، وإن كان أقل منها قدرآ وكفاءة وعمرآ ! لله العجب في ذلك.. حتى الأم يصبح ولي أمرها ابنها الأقل منها في كل شيء, ومطالبة ايضآ بعدم إظهار وجهها، بقصد طمس معالمها وملامحها، كي تكون مجرد رقم بين أرقام النساء، بحجة أن كل ما فيها " عورة " ويجب ستر العورة. كما أنها ممنوعة من طلب الطلاق مهما جار عليها زوجها، ومهما تزوج عليها مثنى وثلاث ورباع..!!

لقد انتزعنا منها خياراتها، وأجبرناها على توقيع صك عبوديتها، وتبعيتها لمالكها الأب أو الأخ، أو الزوج الذي يتحتم عليها الخضوع المطلق له، فهو الآمر الناهي لها، المتحكم في حركتها وعقلها وعواطفها ورغباتها. ومن حقه أن يضربها ويؤدبها ويهجرها في الفراش. باسم أفكارنا الموروثة اضطهدت، وباسم العادات والتقاليد أهينت، وتحولت إلى أداة تفريخ وخدمة. تلك هي أحوال مجتمعاتنا، التي لن تتحرر من غفلتها وخيبتها إلا بتحرر نسائها. ولن تتحرر نساؤها إلا بتحرر رجالها من أغلال المفاهيم والقوانين الرجعية المتخلفة. فكم من النساء هن على استعداد لخوض معركة التحرر هذه، وكم من الرجال على استعداد لدعم المرأة في معركتها تلك؟

أيتها المرأة أختآ كنتِ أم بنتآ أم أمآ أم زوجة أم محبوبة، أنا كرجل لا أقبل أن تكوني أقل مني شأنآ، وكل ما أرجوه أن لا تقبليه.
لكنك لا تتوقعي أن يمنحك الرجل حريتك ويُهديك استقلالك. لتؤكدي ذاتك فالأمر مرتبط بك أولآ، ومرتبط بتكامل الجهود بين الرجل والمرأة.ثوري على الواقع، تمردي على الرجل وسيادته. وقد تخسرين المعركة الآن.. لكنك ستؤسسين لمعركة ناجحة تخوضها بناتك غدآ..
قبل الختام أريد أن أذكّر بقول سيمون دي بوفوار ( المرأة لا تُولد امرأة وإنما تُصبح امرأة )