جريمة الابادة الجماعية / نقل اطفال الجماعة الى جماعة أخرى الإيزيديون أنموذجا



خالد الخالدي
2019 / 2 / 24

"الهدف من تغيير و نقل أطفال من ديانتهم وجماعتهم الى ديانة اخرى او جماعة اخرى لايتعلق بالدين وبمحددات الطفل المرتبطة شكلا بالهوية بل ان الغاية هو تغيير الثقافة والعادات والتقاليد المتوارثة التي يحملها هؤلاء الأطفال بالتالي ضمان انهاء وجود جماعتهم الاصلية مستقبلا وهي عملية يمكن ان نطلق عليها قطع النسل الثقافي المتوارث"خالد الخالدي

ان العمل على اقرار جرائم ممنهجة واسعة النطاق على انها جرائم ابادة جماعية يعد واحدا من اصعب الممارسات بالدفاع عن حقوق الانسان التي تواحه المدافعين عن حقوق الانسان العاملين ضمن تخصص الجرائم الدولية والانتهاكات الجسيمة .
تأتي هذه الصعوبة لان مثل هذه الجرائم تحمل صفة الجرائم الخطيرة الماسة بالكرامة الانسانية بالصميم والتي تمثل التهديد المباشر لمصالح الاسرة البشرية في العالم لذا فقد عبرت عنها الامم المتحدة والمجتمع بالقول
"عند ارتكاب مثل هذه الجرائم فان العالم لابد ان يكون معنيا" .
مع ذلك تبرز الصعوبات وتتجلى في اتجاهات عديدة على سبيل الذكر انها غالبا ما تدخل الدولة التي حدثت على اقليمها تلك الجريمة بحرج دولي كبير سياسيا من جهة ، وقد تفسرها الحكومات ذات الصلة على انها قضايا سيادية بحتة فترفض ان يتم النظر فيها على المستوى الدولي ... ! و هذا غالبا ما تتذرع به الحكومات بعدم الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية من خلال التوقيع والمصادقة على معاهدة روما لعام 1998 .
مع ذلك كله يجب ان يستمر مدافعوا حقوق الانسان العاملين ضمن هذا التخصص بلا كلل او ملل مهما مضت السنوات ، لان جرائم من هذا النوع لاتسقط بالتقادم اي ان العمل عليها وتعزيز الادلة واصدار البحوث والدراسات والتقارير حولها يجب ان يستمر دون الالتفات الى اي محددات ونتائج لان الاساس هنا هو اطلاق اكبر عدد من مواد الرصد والتوثيق تكييفا وتوصيفا بحسب هذا النظام وغيره من القوانيين ذات الصلة وخصوصا قواعد القانون العرفي الدولي.
واحدة من اهم هذه القواعد المواد والفقرات هي تجنيد الاطفال وبسياق ارتكاب جرائم الابادة الجماعية فأن التجنيد سيجبر من الاطراف المتحاربة حتى على اطفال الجهة المتحارب معها يرافق التجنيد او قبله عملية نقل للاطفال من جماعتهم لجماعة اخرى وهذا ماحدث في الابادة الراوندية والابادة في البلقان وانتهاءا بالابادة الجماعية للايزيديين وهذا ما اكدته المادة السادسة من نظام روما و سنستعرض كيفية اثبات جريمة الابادة الجماعية باستخدام هذه الفقرة .

بما ان الضحايا المباشرين هم اطفال دون سن 18 سنة نقوم بمراعاة الاختصاص الموضوعي للنظام بالمحكمة الجنائية وكالاتي :-

نظام المحكمة الجنائية الدولية الاساس
الباب الثاني - المادة السادسة
الابادة الجماعية - الفقرة هاء
هاء- نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة اخرى .

هذا الاقتباس النصي من النظام للمادة 6 للفقرة هاء وهو ينطبق على الاطفال الايزيديين شكلا الا انه يتطلب او تتطلب الفقرة هاء 7 اركان لاثباتها وهي كالاتي
1 . ان ينقل مرتكب الجريمة عنوة شخصا او اكثر
هنا نلاحظ ان الاطفال من الايزيديين تم نقلهم الى المسلمين بالقوة والاكراه من خلال السيطرة على مناطقهم بعد شن " هجوم بري مسلح ممنهج مخطط له قبلا واسع النطاق "
2 . ان يكون الشخص او الاشخاص منتمين الى جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية معينة
والاطفال الايزيديون ينتمون الى الاقلية الايزيدية المعترف بها وفق الدستور العراقي النافذ لعام 2005 و قانون رقم 5 لعام 2015 الصادر والنافذ عن وفي اقليم كوردستان العراق
3 . ان ينوي مرتكب الجريمة اهلاك تلك الجماعة القومية او الاثنية او العرقية او الدينية كليا او جزئيا بصفتها تلك
اثبات النية يمكن العودة الى تقرير الامم المتحدة حول الايزيديين "جاؤوا ليدمروا " لاثبات نية الواقعة او العودة الى تقارير اللجنة الدولية الخاصة بالتحقيق بالانتهاكات المزعومة في الجمهورية العربية السورية او العودة الى تقريرالمقرر الخاص المعني بالابادة الجماعية 27 شباط 2017
4 . ان يكون النقل من تلك الجماعة الى جماعة اخرى
هذا الركن متحقق كون الاطفال من الديانة الايزيدية نقلوا الى الديانة الاسلامية او من الاقلية الايزيدية الى المكون العربي وحتى العشيرة والقبيلة قد يتم القبول بها اذ تفسر على انها جماعة مثل الهسكان او الشركان الى المتيوت ( لايعني هذا الوصف للعشائر باي شكل من الاشكال ان هناك بمحل هذه الواقعة اثباتا عند الكاتب بل تصورا عاما لاغراض التوضيح كما وان العشيرتين التي اوردت كضحايا لايفسر باي شكل من الاشكال انه انتقاصا منها )
5 . ان يكون الشخص او الاشخاص دون سن الثامنة عشرة
وهذا واضح لايقبل الشك من التكوين والبناء الجسماني او من خلال الوثائق الرسمية والتي يجب ان ترفق للاطفال الذين يظهرون بالتسجيلات المصورة والفيدوية .
6 . ان يعلم مرتكب الجريمة او يفترض فيه ان الشخص او الاشخاص هم دون سن الثامنة عشرة
هذا ممكن من خلال قرار التنظيم الارهابي قتل كل من تجاوز ال 13 عام من عمره اي ان اعتماد سن 13 من قبل التنظيم الارهابي كسن محدد لقرار قتلهم او الابقاء عليهم لايقبل الشك انه حقق هذا الركن باعتبار انه علم انهم دون 18
7 . ان يصدر هذا التصرف في سياق نمط سلوك مماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة او ان من شأن التصرف ان يحدث بحد ذاته اهلاك الجماعة
وهذا كان واضحا من سلسلة الفضائع المرتكبة او استخدام الاطفال بتنفيذ العمليات الارهابية واشراكهم بالقتال .
ان اثبات جريمة الابادة الجماعية ليست بالعمل الهين البسيط بل تحتاج جهد جبار لاثباتها ولاثبات القصد الجنائي فيها وكما مبين اعلاه فجريمة نقل اطفال تتطلب 7 شروط لاثباتها فليس كل عملية نقل لاطفال هي جريمة ابادة جماعية .