خمسون زهرة ايزيدية اخرى رحلن عن عالمنا دون حداد



سوزان امين
2019 / 2 / 28

منذ عام 2012 وحتى قبلها يشهد الشرق الاوسط وعلى وجه الخصوص دول المنطقة في العراق وسوريا حروب دامية . وقد كانت الجماعات الاسلامية المتطرفة احد او كلا طرفي هذه الحروب . هذه القوى الارهابية التي عرفت ببطشها ووحشيتها كالقاعدة وداعش التي تناولتها كل وسائل الاعلام في كل انحاء العالم , حيث كانت تنقل بالصورة والصوت الاعمال الارهابية التي تقوم بها هذه القوى من قطع رؤوس وخطف وسبي النساء واغتصابات واعتداءات على الناس المدنيين والتي طالت حتى ابناء طائفتهم في الموصل وسوريا اي في المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرتهم , ويجب الاشارة الى ان اكثر من تضرر في هذه الحروب هن النساء والاطفال طبعا .
الشئ المؤلم جدا هو ان الاعلام لم يعد يلقى الضوء الكثير على الماسي التي تحصل خاصة بحق النساء وأخرها كان قطع رؤوس خمسين فتاة ايزيدية في الباغوز بسوريا من قبل قوات داعش التي لم تعد وحشيتهم ودمويتهم خافية على احد والتي فاقت كل حدود البشاعة وهذا مؤلم جدا , ولكن الاشد ايلاما هو اللامبالاة الواضحة من الحكومات المحلية في كردستان والعراق بهذا الشأن وكأن الايزيديات ليسوا من بنات المجتمع العراقي وان دمائهمن رخيصة الى درجة اننا لم نرى حتى شارة حداد على شاشاة المحطات الرسمية العراقية والكردستانية . كما اننا لم نسمع حتى عن استنكار رسمي لهذا العمل الاجرامي البشع . ان هذا استهانة واسترخاص لدماء الضحايا , وانه لعار على حكومة كردستان والمنظمات المدنية التزام الصمت وتمرير هذه الجريمة النكراء على انه امرعادي . البعض مر عليه مرور الكرام كاي حدث عادي من بين احداث كثيرة .

ويبدوا ان حتى ارواح الناس من ضحايا داعش لهم درجات في السلم الطبقي والاجتماعي والجنسي فارواح الرجال التي راحت ضحية في عمليات سبايكر والموصل وبقية مناطق النزاعات مع داعش الاجرامية عادة ماكانت محط اهتمام وحزن اكبر وتم تسليط الضوء عليها بشكل كافي وغالبا ما اعلن الحداد الرسمي عليهم في حين انه لم يجري الحديث عن ضحايا داعش من البنات الايزيديات واللواتي معظمهن فتيات دون سن الرشد قد وقعوا في اسر رجال داعش وتعرضن لابشع انواع الانتهاكات والاعتداءات الجنسية . الكثيرات منهن سقطو بشكل فردي او جماعي على ايدي قوات داعش والتي كان أخرها قطع رؤوس خمسين فتاة ايزيدية في الناغوز بسوريا .

واستذكر هنا حادثة الهجوم الارهابي الذي وقع على مركز تسوق الكرادة في بغداد في شهر تموز من عام 2016 الذي راح ضحيته حوالي 300 شخص بين جريح وقتيل . حيث امتلات مواقع التواصل الاحتماعي بصور الضحايا من الاطفال والشباب , ولم نرى اي صورة لنساء الا نادرا , يبدوا ان الحزن عليهن ليس من الاولويات ام ان فكرة وجوه النساء عورة لازالت موجودة في خلفية عقلية المجتمع الاسلامي المحافظ .

ان هذا يؤكد كل يوم مدى خطورة تاثيرات الفكر الديني والعشائري الرجعي على عقول الناس التي لم يرف لها جفن من جراء ماحصل للخمسين طفلة من جريمة نكراء في الناغوز . إذ ان مرور خبر كهذا دون استنكار شعبي واسع او تنديد من المنظمات المدنية واعلان الحداد الرسمي على ارواح الضحايا حتى وان كان شكليا هو دليل على استرخاص دماء النساء وخاصة على النساء من الاديان الغير مسلمة وهذا بحد ذاته يدل على مدى التمييز الجنسي المستوحى من الفكر الديني والعشائري ومدى تدني الشعور الانساني لدى الناس بصورة عامة ولدى المؤسسات المدنية والحكومية بشكل خاص .

انا وكل من معي في الانسانية ننكس رؤوسنا خجلا وحزنا عميقا على ارواح ضحايا مجزرة الباغوز من الفتيات الايزيديات الخمسين . عزائنا فيهن هو الاستمرار في الدفاع عن حقوقهن ومحاسبة كل من تسبب في وقوعهن اسيرات في ايدي تنظيم داعش وكشف كل الجرائم التي ارتكبت بحقهن وتعويض كل الايزيديين عما لحق بهم من اذى حتى وان حصل هذا بعد مئة عام .
الخزي والعار لكل من تركنكن لهذا المصير المؤلم
فلتنبت باقات من ورد الربيع على اضرحتكن ولترقدن بالف بسلام .