إن كان درب النضال شاقا فنفس المناضلات طويل



يامنة كريمي
2019 / 3 / 7

إن كان درب النضال شاقا فنفس المناضلات طويل
تخوض المنظمات والاتحادات "النسوية" بالمغرب منذ تسعينيات القرن الماضي سلسلة من النضالات الشرسة من أجل المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث في بلد مسلم تتشبث معظم فعالياته السياسية بالشريعة كرافد من روافد وضع الدستور. وهذا التداخل في القوانين بين ما هو وضعي وبين ما يعتبره حراس المعبد "مقدسا" يجعل النضال الحقوقي شاقا وتغيير نظرة الدونية والتدنيس إلى الأنثى صعبا. فالمرأة في المجتمعات الإسلامية رغم تعدد مسؤولياتها ورغم تفانيها في القيام بواجباتها ونجاحها وتميزها في دلك، أي الرجولة، فإنها لا تحظى بالمساواة في الحقوق مع الذكر حتى إن كان نسيء.
وعلى أي فقد عملت تلك التنظيمات والاتحادات على تحريك البرك الآسنة فيما يتعلق بحقوق المرأة من خلال تحقيقها لمجموعة من المكتسبات، مثل إدماج المرأة في التنمية ووضع مدونة الأسرة وتحريك مجموعة من المساطر لحماية المرأة من العنف وضمان حقوقها عند الزواج والطلاق ومحاولة تمكينها من المساواة بالذكر في الحقوق السياسية والاقتصادية والفكرية...
لكن رغم الأوراش الحقوقية القائمة فإن واقع المرأة المغربية من الطبقات الشعبية لا زال متأزما ولم تظهر عليه بعد علامات المساواة في الحقوق. فالمرأة المغربية لا زالت في وضع الهشاشة بفعل الفقر أو العنف والعزل والتحقير والتدنيس...سواء في البيت أو العمل أو المرافق العمومية أو الشارع ...والإحساس بالخوف والدونية لا يفارق معظم المغربيات "الشعبيات".
ربما هذه هي طبيعة المراحل الانتقالية بالنسبة للشعوب عبر التاريخ حيث تحل حالة من الشد للخلف والدفع للأمام. لكن ما هو مقلق في وضع المرأة الشعبية بالمغرب هو وصول حزب العدالة والتنمية "المتأسلم" للحكم. وهذا الحزب الإخواني، في إطار متاجرته بالدين، يعرف بازدواجية الخطاب وبالنفاق والتقية والانتقائية في الحقوق وبالرفض الكلي لتمكين الطبقات الشعبية من مبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق. مما جعل المشهد السياسي ضبابيا وعرقل مسار التنمية والتحديث سواء الاقتصادية أو الاجتماعية والحقوقية. والمتضرر الأول من هذه السياسة هي الطبقات الشعبية التي تستهلك تلك القوانين والتشريعات.
لكن رغم كل العقبات التي تواجهها المنظمات النسوية بسبب عدم الفصل بين الدين والدولة. أو حتى بفعل دلك التداخل بين ما هو سياسي وما هو حقوقي الذي يطبع معظم الاتحادات النسوية ...فإن المغرب يحذو حذو تونس في تسييد مبادئ حقوق الإنسان التي تشكل المساواة والعدالة جوهرها. والإمارة هي أن حركة النضال قد تقوت بانضمام الجهاز القضائي لها وبظهور جيل من الدارسين "الفقهاء" المنفتحين على مجموعة من العلوم والثقافات مما خول لهم ولهن الجرأة على الاجتهاد والإقرار بالتجديد والتحسين استجابة لحاجيات الناس كما استجاب الوحي، في جزئه المتعلق بالشريعة، لحاجيات المجتمعات التي نزل فيها.
وبقليل من الوعي فالمساواة في الحقوق لا تشكل خطرا لا على الأسرة ولا على الزوجين عند تواجدهما معا، لكن في الوضع الذي نعيشه، عند غياب الذكر فالأسرة تكون مفتوحة أمام كل مظاهر التشتت والضياع.