المرأة في الدول العربية وسوق العمل!



فهد المضحكي
2019 / 3 / 16

في دراسة حديثة لصندوق النقد العربي عنوانها «محددات مشاركة المرأة في القوى العاملة في الدول العربية» اشارت إلى ان نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بالوطن العربي بلغت 18.9 بالمائة من اجمالي الاناث في سن العمل في عام 2017، مقارنة مع 48.7 في المائة للمتوسط العالمي.

ويعني هذا زيادة التحديات التي تواجه أوضاع مشاركة المرأة في سوق العمل في الدول العربية في ظل ارتفاع معدلات البطالة في هذه البلدان، حيث يشكل معدل بطالة المرأة في هذه الدول البالغ نحو 16.7 في المائة خلال عام 2017 نحو قرابة ثلاثة اضعاف معدل بطالة المرأة المسجل على مستوى العالم البالغ نحو 6 في المائة في نفس العام.

وعلى هذا الاساس اعتبرت ان فجوة النوع أحد اهم التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية، مبررة في هذا السياق، توصيفا للوضع الراهن لنفاذ المرأة التعليم وسوق العمل في الدول العربية.

وأوضحت انه رغم بعض المؤشرات الدالة على تقدم ملحوظ على صعيد رأب الفجوة بين الجنسين لاسيما على صعيد الالتحاق بالتعليم الاساسي لا يزال هناك تفاوتا كبيرا وملحوظا ما بين الجنسين فيما يتعلق بالتحاق الاناث بمرحلة التعليم الثانوي والجامعي، وهو ما يؤثر على نوعية مخرجات التعليم التي تحصل عليها المرأة في عدد من الدول العربية، ويحد في الكثير من الحالات من فرص نفاذها إلى سوق العمل الذي يتطلب مستويات تعليمية ومهارات اساسية لا تتوفر لعدد كبير من الخريجات اللاتي توقفن عن التعليم في مراحل مبكرة!.

واشارت الدراسة إلى ان التمكين الاقتصادي للمرأة يعد من اهم العوامل التي تساعد على دعم النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

فمن شأن القضاء على عدم المساواة بين الرجل والمرأة ان يسهم في زيادة الناتج المحلي العالمي بما يتراوح بين 12 – 28 تريليون دولار بحلول 2025.

وفي هذا الجانب تبين الدراسات ان تمكين المرأة اقتصاديا وماليا من شأنه ان يساعد البلدان المتقدمة على التخفيف من آثار شيخوخة السكان على سوق العمل، كما يعد اهم عامل مساعد على الاطلاق في خفض الفقر في الدول النامية.

وعلى ضوء ما سبق – وكما يشير الموقع انحاء اكتوبر 2018 – اهتمت الدراسة بالوقوف على ابرز محددات مشاركة المرأة العربية في سوق العمل خلال الفترة (2016 – 1990).

ولتحقيق هذا الهدف استعرضت الدلائل الدولية من واقع الاسهامات البحثية السابقة التي اهتمت بدراسة هذا الموضوع في عدد من الدول والاقاليم الجغرافية وخلصت إلى ان المحددات الاقتصادية ممثلة في مستوى التطور الاقتصادي مقاسا بارتفاع نصيب الفرد من الناتج الاجمالي المحلي، وارتفاع نسبة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الاجمالي، تعتبر في عدد كبير من الدول من أهم محددات مشاركة المرأة في سوق العمل لما صاحب ذلك من تطورات ممكنة لزيادة مساهمة المرأة في سوق العمل.

إضافة لما سبق بينت الدراسات اهمية عدد آخر من المحددات الاجتماعية والديموغرافية والمؤسسية التي تلعب دورا مهما كذلك في تفسير نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، من بينها معدل الخصوبة ومعدل الالتحاق بالتعليم الجامعي، حيث يؤثر الاول بشكل عكسي على مشاركة المرأة في القوى العاملة في حين يؤثر الثاني طرديا في قدرتها على الانخراط في سوق العمل، فكلما ارتفع معدل الخصوبة، وزاد عدد الاطفال لكل امرأة في سن الانجاب اصبح من الصعب على المرأة تحقيق التوازن المطلوب ما بين التزاماتها الاسرية والعملية، مما يؤدي إلى انخفاض مشاركتها في سوق العمل.

في حين ان ارتفاع معدلات التحاق الاناث بالتعليم العالي (التعليم الجامعي وما بعد الجامعي) يحفزهن على المشاركة بنشاط في سوق العمل، علاوة على ذلك، تؤكد الأدلة التجريبية أهمية العوامل المؤسسية في تحقيق زيادة ملموسة في مشاركة المرأة في القوة العاملة من خلال سياسات دعم الأسرة والتدابير الهادفة إلى زيادة مستويات مرونة سوق العمل.

في ظل التحديات المستقبلية التي ستواجه اسواق العمل في الدول العربية مع تنامي التأثيرات المتوقعة للثورة الصناعية الرابعة، والتي من المتوقع ان تؤدي إلى تزايد فجوة النوع وإلى فقدان عدد أكبر من الاناث للوظائف تقول الدراسة يتعين على الدول العربية تبني مجموعة من السياسات التي تستهدف التمكين الاقتصادي للمرأة بشكل عام وزيادة مستويات مشاركتها في سوق العمل بشكل خاص وذلك بما يشمل:

ايلاء المزيد من الاهتمام بزيادة مستويات التحاق الاناث بالتعليم الجامعي عالي الجودة وبما يتلاءم مع المجالات التي من شأنها تنمية مهارات المرأة في الدول العربية في مجالات العلوم والرياضيات والهندسة وغيرها من المجالات المطلوبة لسوق العمل بما يتماشى والصناعات والوظائف المستحدثة في إطار الثورة الصناعية الرابعة.

دمج المرأة في سوق العمل من خلال تشجيع المرأة على الانضمام للقوى العاملة وتعزيز التدريب التقني المخصص للفتيات وتدريب العاملات، والقضاء على الامية الرقمية في اوساط الاناث.

تبني استراتيجيات قومية لتمكين المرأة وتوجيه مشاركتها نحو الوظائف الاكثر طلبا في سوق العمل في المستقبل وذلك بعد تأهيلها بشكل مناسب خلال مراحل التعليم المختلفة.

دمج البعد الخاص بريادية الأعمال عند المرأة في سياسات تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والاهتمام بزيادة مستويات التمويل.

مراجعة الاطر القانونية لدعم حقوق المرأة في التملك.