مغامرات الصعلوكى20 الاخيرة



مارينا سوريال
2019 / 3 / 21

عاد الشمالى الى مجلسه الاول يحكى وسط مخلصيه واتباعه مثل عادته السابقة التى اوقفتها حكايات العابد ،ولكن جماعة العابد التى تكونت فى السر لم تصمت ...كانت الحكايات تخرج ولا يدرى احدا من اين ؟...
لكن المساء لم يمنع اتباع العابد من الخروج ليلا والسير بين الحقول للبحث عنه ،من شاهدهم ليلا ذعر واغلق ابوابه حتى لا يراه بالخطا رجل من رجال المصون ويعتقد باتباعهم ..لكن اصواتهم كانت تصل كانوا يرددون باسم العابد ،نادوا بان العابد يعود لهم فقط لانهم هم منصدقه واراد رؤيته وعلم مسعى حكاياته فكان يخرج لهم ليلا بين الحقول التى ارتوت بدمائه.
استيقظ اهل الحصون يبحثون عن اصواتهم يوما فلم يجدوها ،اختفت اصواتهم وسط الحقول التى احتوت دماء تابعيه ..صمتت الافواه تخشى السؤال وخرجت من خلف موكب الشمالى تهتف بحياه الصبيين الوارثين كانوا يعلمون ان الحكم لا يقتسم فصمتوا !!..
اخذ احد رجال الشمالى يطوف وسط الحقول موطىء قدم العابد ويردد اشعار ..يذكر ببطولات الشمالى فى قصائده ويذكر قصص المرزوق الاول ...كان يرددها بالدموع الغزيرة ويغود فيكفكفها وينشد المزيد منها حتى حفظها الصبيه الصغار وصاروا يرددونها بين البيوت الحقول والعابهم ..كان الارجح من يحفظ قصائد بطولات الشمالى والمرزوق ....
شب الصبيين بين انشاد العابد الحزينة وبطولات الشمالى المتفاخرة وحفظا كلاهما عن ظهر قلب .
وكان ان جماعة تركت فلاحة الارض بعد ان بارت بدماء من تغنى باناشيد العابد فى العلن فرددها الناس سرا بعد ان تحولت لقصص يرددونها فى جلساتهم الخاصة ....واتجهت جماعة منهم صوب الجبال الفاصلة بينهم وارض الجبال وسكنتها واعتادت العيش على شظفها بعيدا عن اصوات الشمالى وان مالت لاناشيد العابد ..لكن بعض منهم كان محبا لاناشيد وبطولات المرزوق الكبير فوقف يردد اناشيد الشمالى الذى اختاره المرزوق خلفا له .فكان ان علا صوت اتباع العابد وسط ارض الحصون هبطوا لهم من الجبال واستوقفوهم بعصى صنعوها لتعينهم على حياه الجبال ثم عادوا لها فهابهم الناس والفلاحين وتجنب طريقهم الرحالة من اهل الجبال والحصون واستعاض الرعاه عن زرعتها الناردة بوسط ارض الحقول بعد ان احب الشمالى الرعاه من جديد فاستهجن سكان الجبال ذلك الفعل الذى لا يخرج من صلب المرزوق .....
فاطلق عليهم اهالى الحصون جماعة الهاربين "..فاستكانوا لسكونهم وهابوا خروجاتهم المتكررة لنصرة الشمالى تابع المرزوق فلم يخرج صوت نشيد يخالفه ..فيما نما التؤامين فى مدرسة مدينة الحصون التى انشاها الشمالى واعد لها مدرسيها ليتعلم الصغار عن اخبار الاقدمين فكانت بجوار بيت المرزوق .شب الصبى الاكبر بدقيقة جعلته البكر فى الحياه عن توأمه ..كلاهما لم يتطلع وجه اخلاص التى رحلت بعدها بعد حمى استمرت ليالى ورفضت معها الدواء ،لم يعرفا سوى الشمالى وبيت المرزوق بداخلهما شاهدوا اهالى الحصون يتيقظون صباحا ويخرج بعضهم للحقول بينما الافضل بينهم ينضم لصعاليك المصون ،ومن خلف عين الشمالى شاهدوا عقاب العابد والفلاحين ...
حمل كلاهما اسم جدهما فنودى على البكر ابو الخير فيما كان الصغيررزق ،لم تعرف ارض الحصون وجه صبيين تؤامين من قبل فكان كلاهما المرزوق ..تحولت الاطراف الاربع لحكام جدد كانوا من اهلها لم يناصبوا الشمالى العداء علانيه بل التزموا له بالسمع والطاعة حتى احبهم اهل الاطراف وتشاركوا مهابتهم مع الشمالى لكنها لم تتساوى معه قط لانهم لم ياتوا عن طريق المرزوق مثل الشمالى ذاته ،كان بحر حاكم ناحية الشرق والمطله على السواحل ابن للساحل وجد صبيا فى وسط سوق الحصون بعد ان هاجم الصعاليك تجاره والده واختطفوا الصبى ،كان يحاول جاهدا الا ينسى تلك الذكرى التى تحارب حتى تظل بين جنبات عقله التى طغت عليها ذكريات منزل الساقى الذى اشتراه وبيته والبحر الذى حرم منه والصبيه ابنه الساقى بساقيها اليافعين وعيونها التى ذكرته بلون مياه البحر فلم يستطع ان يحمل عيناه عنها،لم ينسى سياط الساقى التى انهالت عليه بامر الصعلوك الموكل اليه شئون الطرف الشرقى عندما اتهمه الساقى فى جاريته وغض السمع عن دفاعاته عن نفسه ،لكن ابنه الساقى صدقته ، فى سوق الطرف الشرقى علق على خشبة وسط السوق وتم جلده 4جلدات ،قرر انه لن يصرخ ولن يتحدث كان عليه ان يفى لوالده بالقسم الذى لم يفارق ذاكرته وهم يختطفونه من بين يدي صغيرة ومن وسط رجاله ..رجال اشداء لم مثلهم من قبل اخذوه بعيدا عن نظر صعيرة قبل ان يسحبوا ذلك الصغير بعيدا عن البحر وامواجه ،كان ما بين النوم والهذيان عندما اقترب منه والده وربت على كتفيه مسح على جروح ظهره فازالها ..فتنسم الصبى الراحة وخلدت جفونه الى النوم.....
عينها هى اول ما لمحه من بين عتمه بدرومه الذى القى بداخله فى ذلك البيت الذى أسر بداخله ،كان يراها بين الحين والاخر حتى استطاع ان يفتح عيناه كاملة ويراقبها تضمد جراحه سرا بعيدا عن اعين والدها وبجانب نظرات عبيده وجوارية المشفقة ،ولم تلمح نظراته هى وكان ذلك المساء فلم يستطع ان يمسك عنها فالقى بها الى جواره ولفهما الظلام وقبل ان يستيقظ اهل البيت عادت فى هدوء الى غرفتها بالاعلى ...
كانت قوانين الشمالى معروفة على الصبية البكر ان تذهب لبيت المرزوق اولا لتمكث فيه قبل ان تعود للموضع الذى اختير لها من قبل زوجة المصون مسئولة بيت حريم المرزوق ....لم تنسى ما اشيع عن دماء اضجرت وسط الغرف المغلقة ،كانت تنظر الى بحر فى لهفه ..حياتها علقت بتصرف منه..ولم تختر الموت ولم تختر الذهاب على حسب القوانين لكنها كانت تعد منذ 3 اشهر ماضية لتلك الايام التى ستقضيها فى ذلك البيت المخصص ،نظر لها بحر وطمئنها كانت الاثيره عند والدها ،لم تلمح اعين البحر اللامعة وهو يخبر سيده ،المفاجاة الجمته لكنها لم تمنعه بعد حين من وضعهما داخل بدرومه المغلق لليالى دون طعام او شراب ...كانت ترتجف وهو يراقب من بعيد ...كان على السيد ان يمنح الحرية لمخدومة ..وكان عليه اخراجها من بدرومها اذا سلم ابنته سيضيع جاهه وسط الطرف ..القوانين ستعيده لخدمة بيت المرزوق لتكفير عن خطئه ودمائها ستكون تضحية ...رفع البحر ليكون من حاشية صعلوك الطرف ..كان صعلوك الطرف نزيل موائد التاجر ...كان يكفى ان يعلن وسط الطرف هكذا جاءنا الامر من هناك حيث الشمالى حتى تعم البهجة محل الدهشة وتشدوا الجوارى باناشيد الفرح وتتحضر الصبية للبحر .......احتجبت زوجة البحر بخلاف عاده اسلافها داخل اسوار بيت الحاكم زوجها على الطرف الشرقى ..من نافذتها شاهدت الاسوار وهى ترتفع لتحصن الجانب الشرقى كانت تعلم بنواياه تجاه الغلامان ولكن لا قبل له بالشمالى ..كانت تنفر منه فى المساء بعد ان تراقب عيناه التى احتلها ظلام عقب ذكرها لاسم الشمالى ..الشمالى الذى جلس على كرسى ارض الحصون منذ سنوات طويلة مضت ولم يستطع احدا ان يزيحة عن موقعة يوما .
كانت من عاده الغلامان التجول بين الحقول دون ان ينته لهم فلاحيها لم يعرف احدا ان البكرى ابو الخير اطول قليلا من الرزق شقيقة،كانا ينفران من الوان اهل السواحل والجبال التى اختلطت بدماء الحصنيون ،كان ابو الخير يكثر من التطلع الى الوجوه وكانه يبحث عن ملمح لاصله الذى اختلط مع دماء الشرق والغرب ..كان يقول لمعلم بيت المرزوق علمنى لغته ،فيصمت المعلم اذا ضاعت ورقة المرزوق فى عهد الحروب الماضية وعندما سأله الفتى ،جذع المعلم وربت على كتفى تلميذه ان الاشاعات تحيط بالشمالى وان كان كذلك والوصية لديه لاعلمهم ...كان الفتى يعلم ان المعلم خائف.....الجميع خائف ...
مال الرزق لمن يقترب من الارض فكلاهما قصير ..كان يفرح عندما يشبهوه بالمرزوق الكبيرفى ملامحه ،كان يحب ملمح فتيات اهل الجبال سرا ولم يفصح فيخرج ليلا يبحث عنهم بينما احب ابو الخير فلاحات الحصن فكان يسير وسط الحقول ويبصرهن ....
دب الفزع بين جنبات بيت المزوق ومدرستة وبيت الصبايا فى ذلك المساء وسمع صوت تهليل جماعة الهاربين وتحلق اهالى الحصون ينظرون جماعة الشمالى تحاصر بيته من جميع الجهات ،لم يكن معلوما لاحد السبب لكن خرجت الشائعات على الالسن ،فقد ارسل فى وسطهم من سمع لكلمات الشمالى الاخيرة امام موكب المرزوق التى خرجت منذ ايام فى ليلته المعتاده وانه خرج على المرزوق وذكر قصته والفلاح كما يذكرها الغرباء وكان حق عليه الحساب ...تجمهر الاهالى يراقبون البيت المحاصر ..لم يستطع احدا ان يقف امامهم ويدافع عن بيت الشمالى حتى خرج لهم وسار من امامهم حتى وصل لقبر المرزوق وهناك اعلن توبتة عن ما بدر منه امامهم وطلب ان يسامحوه ....فقبلت الجماعة وعادت الى الجبال مسكن لها .كان الاهالى يؤثرون العودة الى بيوتهم مبكرا بعد ان حلت على رؤسهم اشباح الحروب القديمة ووصل لمسامعهم اخبار الجماعة التى انشقت على جماعة الهاربين فى الجبال واستعانت بارض الجبال حتى تقف معهم من بطش جماعة الهاربين وكانت اخبار اقتتال الجماعة فى الجبال والخوف من نزولها الى ارض الحصون ام امتنع الحصنيون عن اقامة مظاهر الفرح واختبئوا داخل البيوت فلم تعد بيوت المرزوق امنة منهم الان ...
اثر ابو الخير فلاحة وضمها الى بيت المرزوق بينما ضم الرزق فتاه من اهل الجبل امتعض منها اهل بيت المرزوق لانهم كان من اصل السواحل اعداء الجبال .....وقف الاخ امام اخيه فلم يكن مسموح للوريث الشرعى مخالطة دم غريب وان يرفعها جواره ببيت المرزوق بينما اصر الرزق وذكر بنساء المرزوق الكبير والتى كانت من كل بقاع الارض ...
بينما كان الاهالى يرتقبون ما يحدث من خلف الابواب سمعوا صوت جهورى يدور بين الساحات ويدعوهم بالخروج هم الصعاليك القدماء وابناء المرزوق لا يحق لهم الهروب وترك وريثهم الشرعى بمفرده يدافع عنهم دون حليف ...كان صوته جهورى وجاذب فخرج الاهالى يسيرون من خلفه يستمعون لكلماته مبهوتين فى تلك المره وقف امام بيت الشمالى يحاصره ومن خلفه الاهالى يطالبه بترك البيت فالخطا الذى ارتكبه بحق المرزوق لا يغتفر وعليه ان يرحل او ان يقدم تضحيته ،سمعت جماعة الهاربين بصوت البحر الجهورى فهبطت لتقف من خلفه بعد ان احتمت جماعة منهم بالجبال ولا قبل لهم بهم بينما الشمالى كان يتحالف مع اعدائهم من الجبال حتى يمزقهم بعد ان ساندوه ..وقف زعيمهم من خلف البحر يصرخ ويتبعه بقية الواقفين ......
حاصرواالبيت لليالى وفى النهاية صرخوا بتضحية الشمالى ..هاج اهالى الحصون واتبعوا الجماعة التى اقتحت بيت الشمالى وقدمته تضحية ....
اقيمت احتفالات البهجة فى ارض الحصون فى تلك الايام عادت الحقول بزرعها وامن الحصنيون من الجوع فعلموا ان تركهم لمن سلط لسانه على المرزوق منع عنهم الخير ...
هرب ابو الخير والرزق من بيت الشمالى ولم يستطع الرجال العثور عليهم ..تمكن البحر من الجلوس ببيت المرزوق والتفت من حوله جماعة الهاربين فامر بان يكونوا حراسة على اطراف الارض الاربع وان اوامرهم هى منه هو شخصيا ..امر المصون رجاله الصعاليك باتباع جماعة الهاربين كان يعلم ان دوره حان ..كان المصون من تلك الارض بينما بحر عبدا كما كان معروف ..لم يكن الصعاليك ليحكموا من عبد اتى من البحار لكن المصون امرهم بالصمت وحماية الغلمان .
كان ابو الخير يطوف الحقول ليلا ويمر ببيوت الفلاحين حتى انتشر خبره ،لم يترك مدين او جائع رغم انه طريد ..كانت سره ابو الخير على لسان نساء الحصون فانترت بين الكبير والصغير ...كان ابو الخير بلا ماوى يمر بين الاهالى الذين وقفوا بانتظاره بلهفه، ويجلس بينهم فى جنح الظلام لم يكن له بيت او رفيق ..كان يسير بينهم بمفرده ،لم تفلح محاولات بحر فى حصاره فقد حماه الاهالى وتحملوا لاجله العقاب ...كانت اخبار رؤيا ابو الخير للمرزوق على لسان الكبير والصغير بين ربوع الحصون واطرافها فهابه اهالى الحصون ،فكانوا يشاهدوه ناحية الضفة ثم يقبلون فى الحقول فيرونه يسير وسط الاخضر الذى احبه فيصرخون باسمه ابو الخير والكرامه ...
وقف المصون ورجاله بجوار باب البحر ينتظرون السماح لهم بالعبور،لم يبقى معه من الصعاليك الاشداء الكثير فلقد ذهب عدد منهم خلف ابو الخير ينتظرون معه ان يحقق وصية المرزوق،لقد وقف ابو الخير وسط بيوتهم يخبرهم عن الوصية وانه المنوط بتحقيقها لانه منه الحقيقى ،لقد عثر على الوصية الضائعة منذ سنوات طويلة فخرج الحصنيون يتحلقون من حوله ،لم ينسى الاهالى بان المصون غريب ،لم ينسوا ما فعله مع الفلاحين والصعاليك معا ،البيوت التى دخلها والصبايا اللواتى كن جوارى بجوار بيت المرزوق،لم تكن تلك الوصية التى سمعوا بها من قبل ،حتى اسم المرزوق حرم ذكره وفرض عقوبة على من ينطقه من الاهالى ،القى الدماء وسط الحقول وحمل الجدب على الارض عندما عاند الوصية التى الزمهم بها جدهم الاكبر وموحدهم ...
شاهدوه يدندن وسط الحقول كان يرفع عيناه للاعلى ويستمر بالاناشيد ،كان يرفع يداه للاعلى ويبتسم ،التف من حوله الاهالى غير مبالين بالصعاليك القدماء الذين جلسوا فى حضن البحر.رافقه شيخ عجوز كان يحضر له الخبز والماء كل مساء ،ترك ارضه لابناءه وصار بالقرب من ابو الخير حيث سكنا بكوخا مطل على الضفة ،وكانت وفية "ابنة الشيخ العجوز مرسال الطعام نظرا لحجم جسدها الصغير وانها اصغر الفتيات فلم يهتم بطيفها الذى يمر فى نهاية فصل المحصول حاملا سبت من انضج ثمار المحصول تتحمل وهى تحمل ثقل يفوق حجمها ،وتعبر به الحقول وسط الظلام حتى تعبر الضفة حيث الكوخ فتقف لثوان لتتاكد من لا احد يراقبها ثم تقترب لتطرق باب الكوخ برفق كما هو متفق ...فتدلف وفية وتضع سلتها فى مكانها المعهود وترسل بسمتها لوالدها العجوز ولا تنسى قبل ان تستدير بالخروج ان ترمق ابو الخير الساهد فى الطرف الاخر من الكوخ ،ولكن فى المره الاخيرة لاحظت انه تبادل معها النظرات فاحمرت وجنتاها ورحلت سريعا تعبر الحقول والضفة حتى تصل لبيتها الساكن وسط سوق الحصون ومن خلف نافذتها تلمح بيت المرزوق يجلس فيه البحر والمصون.
قاموا برجمه داخل بيت المرزوق ..هكذا ردد الاهالى ما جال بصوت مرتفع الصعاليك رجال مصون فى الشوارع ووسط البيوت لينتقل وسط الالسنه،استيقظت وفية فزعه على الخبر منعتها نظره امها من محاولة اتيان اى فعل الان انتظرت حتى حل المساء وانطلقت تركض غير مباليه ان كان احدا يراقبها كانت مزعوره وخائفة ...ترتجف كلما تذكرت نظراته الاخيرة لها ..تحاول كتمان تلك الذكرى واجبار عقلها على تذكر والدها العجوز..لكنها لم تستطع ان تنصرف عن خوفها ،اقتربت من باب الكوخ ..ليس مغلقا كعادته ،اقتحمت الكوخ وهى تلهث استدارت على عقبيها دائرة تجول بنظرها فى كل مكان علها تفلح فى رؤية شىء يخبرها عن حقيقة ما حدث ،لكنها وجدت الكوخ خالى على حالته الاولى بلا اثر ..عادت ادراجها تجرجر اذيال حزنها وهى تسير ببطء وتنقل خوفها لنظرات المجتعمين فى بيتها من اهالى الحصون لمعرفة الخبر....كانت وسيلتهم السرية لنقل اوامر ابو الخير لهم ولكنه رحل الان ولم يعد للاخفاء اهمية .
علت اصوات الاحتفالات التى اقامها البحر وخرج رجال المصون يستعرضون رماحهم فى الاسواق والحقول ،تمتمت العجائز "فليرحم ايام المرزوق"كان الشحاذون على الطرقات ،دب الذعر من الجوع القادم بعد ان احرقت محاصيل من وقف مع ابو الخير وبات الاهالى ليلتهم يصرخون ....واختفت وفية ...فاندلعت الفوضى بين جنبات ارض الحصون...وعلت صيحات الهياج كيف يختفى ابو الخير كيف يجرؤ احدا على قتله وهو سلسال المرزوق حاميها كيف ستبقى الارض بعد ان ينساها حاميها فتعود خربة منسية ...هل سيعودون للشتات مثلما كانوا قبل ان يجمعهم المرزوق تحت ظله ....وصلت اخبار الفوضى حتى احاطت ببيت المرزوق تطلب راس البحر ..لم يفلح معهم الصعاليك القدامى واحتمى الاهالى بالعصى والنبابيت امام حراب وسيوف الصعاليك ،لم يتراجعوا امام صهوه جيادهم التى انطلقت تدهسهم وسط الساحات وتحاول ردعهم على بيت البحر،كان على القاتل دفع الثمن ....لم تحتمل الحصون ايام الفوضى فاستيقظ اهلها على جثة المصون ملقاه امامهم فى الساحة الكبرى كان صوت العاليك ينادى هذا هو جزاء قاتل سليل المرزوق....تفرق الاهالى بعضهم اذعن امام قتل المصون واكتفى باخذ ثأر الفلاحين وما اصابهم من ظلمه اما الاخريين فلم يتراجعوا عن طلب البحر ذاته ،فتحصنوا حول الضفة تاركين وسط الارض بعيدين عن الانظار....
سمع الاهالى صرخات من داخل بيت المرزوق كان البحر يركض وسط الساحات ،كان يهمس باسم البشير ..فاندهش الاهالى من معرفته بالبشير ..سقط على وجهه وسطهم ..كان ينادى بان البشير اتاه بتكليف من المرزوق ..كان الجميع يعلم ان البحر ولد بعيدا ولا يعرف موطنه ..تذكروا البشير..صرخت عجوز من وسطهم المرزوق لم يرضى عن وحدتنا بعد ان اخذ اللعين ابو الخير معه وهاهو البشير الجديد نعم الارض جفت والضفةبخلت واطفالنا يموتون من الجوع ..التف الاهالى حول كلمات العجوز وسدوا اذنهم عن صراخات فتاة تلد فى احد القبور بالساحة وبجوارها بعض من اتبع ابو الخير فى ضفته ..حملوا الصبية وولدها بعيدا ...كان البشير الجديد يجلس تحت الشجرة التى قيل لهم انها بزمانها شهدت جلسات المرزوق الكبير بجوارها ..وقف الفقراء صاغريين ينتظرون الهبة فى الليالى السبع التى عادت من جديد وها بالامس شاهدوه ..تلك بشاره لهم بنمو المحصول ..حتى الرعاه عادوا يطوفون ياكلون زرع الفلاحين...ويخرج من ابنائهم الصعاليك الجدد ...........