المرأة والتحرر



إسلام فايز
2019 / 4 / 19

هل الفكرة حول أفضلية الرجال عن النساء هي فكرة مرتبطة بخلق الإنسان، أم أنها لحظة تاريخية طارئة على خلق الإنسان؟
يجب الإجابة على هذا السؤال إن أردنا مجتمعا متقدما .
تبدو العلاقة طردية ووثيقة بين الاغتراب الثقافي ورسوخ القناعة القائلة بدونية المرأة وخضوعها للرجل، أي كلما زاد الاضطراب الثقافي ترسخت تلك القناعة سواء لدى المرأة أو الرجل. لذلك فإن تحرر المرأة مرتبط بتحرر الرجل، وكلاهما مرتبط بتحرر المجتمع من العبودية والاستغلال والاضطهاد وتقدمه الفعلي بجميع جوانبه ومقومات تطوره
فالمرأة العربية رغم تحررها نسبيا ، لكنها لم تستطع التخلص من أنها إمرأة وحياتها مرتبطة بحياة الرجل وسعادتها مرتبطة أيضا برضى الرجل , فهي ما زالت في عقلها الباطن اقل من الرجل بل تابعه له ولم تستطع التخلص من هذا الشعور وهو " دونية المرأة ",
كما أن المرأة العربية تعمل خارج المنزل وداخله وقد تكون انجح من الرجل في العمل خارج المنزل وقد لا يعمل الرجل , فهي تكنس وتطبخ وتكوي الملابس ولا تسمح للرجل في العمل داخل المنزل ومنهن من تتفاخر بذلك – وهذا راجع لطبيعة حياتها الخاصة - , لكن هذا لا يجب أن يجعلها تعتقد أن عمل الرجل في البيت يقلل من شأنه .
لذلك برأيي أن المراة تعاني من التمييز والتهميش والاضطهاد. ومن لا تضطهدها قوانين بلادها، تضطهدها قوانين مجتمعها وعاداته ومفاهيمه، وتزداد معاناتها صعوبة عندما تكون متعلمة وذكية وطموحة ومبدعة.. لكن مجتمعها مجتمع مغلق، له خصوصيته " الدينية " ويتمسك بالعادات والتقاليد والمفاهيم الموروثة عن القبيلة أو العائلة أو الطائفة .

فالمرأة العربية وهي تكافح كفاحا.مريرا لإثبات كفاءتها، ووضع قدمها في الساحة العامة، ممهدة الطريق لتكون شريكاً أساسياً في بناء أسرتها ومجتمعها ووطنها، ولتجاوز النظرة الدونية لها المرتكزة على أنها لم تُخلق سوى للخدمة والجنس والإنجاب، وتتحدى الفكرة التي تقول بأنها ليست إنساناً كاملاً، بل نصف إنسان شرعاً وقانوناً " ناقصة عقل ودين "، وتُعامل على هذا الأساس منذ نعومة أظفارها. وتواجه قائمة هائلة من الممنوعات. فهي منذ طفولتها عليها أن تخدم في المنزل إخوتها وأشقاءها الذكور .

ولأن مجتمعاتنا ذكورية نرى كل المحاولات هدفها عدم إفلات المرأة من دائرة خدمة الرجل، وأن تكون دائماً تابعة له. وممنوعة أيضاً من السفر، وقرارها بقبول واختيار شريك حياتها مرتبط بولي أمرها. فإن لم يكن الأب فالأخ، وإن كان أقل منها قدراً وكفاءة وعمراً.. حتى الأم يصبح ولي أمرها ابنها الأقل منها في كل شيء، ومطالبة أيضاً بعدم إظهار وجهها، بقصد طمس معالمها وملامحها، كي تكون مجرد رقم بين أرقام النساء، بحجة أن كل ما فيها "عورة " ويجب ستر العورة. كما أنها ممنوعة من طلب الطلاق مهما جار عليها زوجها، ومهما تزوج عليها مثنى وثلاث ورباع..!!

فسبب العادات والتقاليد والموروث يتم اضطهاد المرأة، وباسم الشرف والأخلاق يتم اضطهادها واهانتها وتحويلها إلى أداة تفريخ وخدمة. تلك هي أحوال مجتمعاتنا، التي لن تتحرر من غفلتها وخيبتها إلا بتحرر نسائها. ولن تتحرر نساؤها إلا بتحرر رجالها من أغلال المفاهيم والقوانين الرجعية المتخلفة. فكم من النساء هن على استعداد لخوض معركة التحرر هذه، وكم من الرجال على استعداد لدعم المرأة في معركتها تلك؟ أيتها المرأة أختاً كنتِ أم بنتاً أم أماً أم زوجة أم محبوبة، لا تقبلي أن تكوني أقل من الرجل شأناً، ولا تتوقعي أن يمنحك الرجل حريتك ويُهديك استقلالك. لتؤكدي ذاتك، فالأمر مرتبط بك أولاً، ومرتبط بتكامل الجهود بين الرجل والمرأة .
قد تخسرين المعركة الآن، لكنك ستؤسسين - على الأقل - لمعركة ناجحة تخوضها بناتك غدا .