وكانت عيناها تراقبان5



مارينا سوريال
2019 / 5 / 24

من يعرف اكثر ربما لن يسر دائما..يحصل الاصغر على جائزة ما بسبب عمله ..يخرج على التلفاز فى ذات البرنامج الذى يشاهده الاب..يراقبه الابن الاوسط ..لايحبه ولا يكره لايشعر بشىء عندما ينظر اليه لكنه اليوم شعر ..شعر بالغيظ لم يرفع عينيه وينظر الى وجه من سنوات لكن الان يفعل لاجل الاصغر اكثر من تسبب فى مشكلات لكن الام لم تتوقف عن الضحك عندما يسخر ويطلق النكات تنسى كل شىء حتى العقاب .المشروع.ما فعله الاخ الاكبر بها عندما تركها وغادر الى مدينة بعيدة فى الطرف الاخر من الدنيا ..الان لاحظ هذا فقط الصبى ذو الثامنة يشبه ذلك الوجه النحيل لعمه الاصغر..لم يختر سوى ذلك العم ليصبح مثله..يستمر بالمشاهدة برنامج تلو الاخر ..اصبح لديه جهاز تابلت ليتابعه من خلاله خل جلسته فى الشرفة..
عاد صوت الاخ الاكبر من جديد يتصل يريد مصالحتها لكنها تغلق الهاتف دوما لاتعطيه فرصة للحديث تعرف انه هو على الجانب الاخر..لقد اتخذت قراراها لقد خرج عن اسرته اختار جامعته اختار مدينته والان يختار حبيبة جديدة يلتصق بها فى كل مكان ..يتقصى صورة الفتاة الشقراء يفكر لاتشبه ذوق اخيه القديم فى الفتيات ربما تغير بعد السفر ربما مل لانه لم يجد طلبه لكنه عيناه ..انه مسرور هو ليس مضطريفعل هناك ما يعتقد انه يريده فحسب..يتذكر صوت امه تلك الفتاة هى السليمة عائلة عريقة تتفاخر بها وسط عملك والدها يعرف الكثير من الاشخاص الهامين فى البلد يهمسون انه يصبح وزيرا ذات يومه يصبح حماك وزيرا تخيل حياتنا كيف تتبدل حينها ..يراقبهم الاب قبل ان ينهض من جلسته الى غرفته..لايضع بغرفته سوى الكتب ..منذ ان عاد وغادره عمله وهو يجلس وسطهم كشبح لااحد يعلم ان كان لديه اى رغبات سوى اقتناء تلك الطبعات القديمة من الكتب..يهوى جمع كل طبعة اقدم من ذات الكتاب حتى انه قد يمتلك خمسة نسخ لذات الكتاب طبعت على مدار سنوات طويلة وقام بترجمتها اشخاصا مختلفون ..لم يجرؤ على سؤالها منذ متى يحب ابى الكتب ؟لم يشاهد احدهم يمسك بها سوى اخيه الاكبر الذى فعلها على خجل خوفا من صرخات الام ..كانت دائما ما تخشى ان يهتم بأى شىء اى شىء عدا دراسته ارادته طبيبا لكنه هوى التاريخ نبذته لبعض الوقت ثم عادت بسمتها اقتصاد وعلوم سياسية انها وجهتك بالتاكيد لم يرفض لم يقبل صمت على الاقل عادت لهدوئها الاول تراقبه يجتهد فى دراسته..كان غريبا ليس له سوى صديق وحيد يختلسان الكتب سويا..لم يحدث ان استغل الاوسط الكتب سوى فى تلك المرة النادرة عندما حقق رقما عاليا فى مجموعة الثانوية رأى الام تبكى فرحا حينها صرخ افحصى ما يخيفيه داخل غرفته ..انها مجلات ...شىء اخر خافت منه الام كثيرا هو الفتيات من سياتين جالبات معهن الفرقة بين الجميع ستاتى كل واحدة منهن لتاخذ واحد وينتهى امر الام حينها ..
لم تغفر لم تنظر كان يكفى قول الكلمة امامها ..اختفت ابتسامتها تلك الليلة..زفر فى ارتياح رمقه الاكبر بغضب لكنه لم يعاتبه ابدا ..انغلق على نفسه اكثر بعد مرور شهرين من ذلك العقاب الصامت بينهم عاد كل شىء مثل السابق على مشارف العام الدراسى الجديد كان يصنع لها ما تريد ..عادت بسمتها عادت ثقتها فى تلك الفترة القليلة قبل ان ترحل الى الابد بعد مرور ستة اشهر فحسب عندما اكتشف الاوسط اخيه بين صفوف دراسة التاريخ كان على الام التحقق حينها ..لقد بدل اوراقه وذهب الى حيث يريد ..راقبهما يبتعدان كانت بعض الكلمات كافية لكليهما للابتعاد..
9
عاد من جديد مثلما كان فى السابق ..تعجبت انا من رايت بكاءه الخفى ..من سمحت من اقترابه من الصغير للعب معه يتضاحكان..لم اعرف انه يمكن ان يضحك هكذا كأنه صغير!
كيف نسى ما حدث بالامس؟دموع .
بالامس استطاع ان يجمع بعض المال قال انه حق لصديقه المتوفى من الجميع .بينما فى مساء ذلك اليوم اتم تلك الصفقة اودع مبلغ ضخم فى حسابه الخاص ناداه الصغير فلم يلتفت كان مستغرقا امام حاسوبه من جديد يطالع الاسهم.كانت ليلة واحدة سعيدة حتى اننى ضحكت مع الفتاة الفتاة ذاتها التى تقاسمنى الامومة مع صغيرى الوحيد غرفت لها للحظات ثم عاد كل شىء من جديد..استيقظنا كان الهواء ثقيلا بينما هى رائحة انفاسنا الكريهة فى الليل هى من جعلت الصغير يصرخ فى منتصف اللليل يعانى من ضيق التنفس..تكرر الامر معه من قبل وبعد ذلك لم تفلح الفتاة فى تهدئته كعادتها شعرت بالارتياح لفشلها والخوف على الصغير كلا الشعورين كانا معا بداخلى وانا اركض فى الردهة ابحث عن الطبيب وهى تركض من خلفى.
كان هناك كالبائع فى انتظار نتيجة الارباح..غضبت لان الصغير كان ربح مؤجل ينتظر ان يطمئن انه لن يخسر ابدا..لم نعرف سببا لما حدث للصغير تاكدت ان ما يحدث له بسببنا..
كان يعرف متى اكون حزينة فيربت على كتفى ..متى اكون سعيدة فيدخل الى حضنى ..اراقب غيره الفتاة فازداد ارتياحا لان الصغير بدا يعرف امه من جديد..يركض لى يخبرنى عن اصدقاءه الجدد كان يحب ان يكون مشهورا بين الجميع علمت ذلك فيه لكن ايضا علمت انه ليس مثل الجميع ..يسهل خدشه وجرحه لايندمل مهما كان صغيرا..
10
اتصلت الام لم اصدق عينى اعتقدت اننى اهذى بسبب الشراب ليلة امس لكن لا تاكدت من صوتها جزعها دخلنى اخبرتنى ان ذلك الصغير الذى لم اشاهده سوى عبر صفحة اخى قد رحل مساءا حاولت ان اعرف السبب لكل شىء سبب لكن الموت ياتى فى النهاية رغم كل شىء..شعرت بالوحشة جف جسدى انه شعور الموت الذى يطاردنى ولا اعرف له وصفا دقيقا فلااذكر تاريخ اول لحظة شعرت به ولا ادرى سبب ..انه كالاحداث الكبرى التى تدمر حيوات بلاحساب دون سبب مثل اناس نائمين بسعادة لايدركون ان هناك قصف ما قادم ناحيتهم تلك الليلة يحصدهم فى سبيل راحة اناس اخرين..دون سبب سألت بكت اكثر..الخوف ايقظ حواسى.سنوات طويلة لم نتحدث ذلك الصوت ليس لها كنت واثقا ما اذكره مختلفا حاد قاسى لايعرف ان يغفر لاحد قط لكن تلك الليلة كان الصوت هو للخوف ..تحركت التصقت بى تسأل اخبرتها ان الصغير قد رحل كنا منذ ليلتين نتصفح صور عائلتى ارادت ان تعلم الجميع رغم معرفتها اننى لم افكر فى رؤيتهم منذ سنوات كلانا شعر بالراحة للبعد.
منذ صغرى احببت تاريخ الاشياء متى بدأت ؟كيف؟لماذا ؟من ابطالها الحقيقيون ،كنت ابحث عنهم دوما كانوا سببا فى مغادرتى عالم الاقتصاد طردى عكسى اسهم سياسات كلمات ترفع اسهم كلمات تسبب خسائر لبورصات احببت دوما ان اعرف لما يموت احدهم من الجوع بينما يصاب اخر جراء التخمة..لما المال يقتل مثلما يفعل عدمه كيف تتساوى الكافتين؟!
لم تفهم بحثت عنه انه من يعرف عما اتحدث لكنه كان قد رحل ..بقى جسد ياكل يشرب ينام مثلنا لكنه مات انا من اعرف ذلك الشخص الذى ولد منذ اربعون عاما فى مدينة ريفية صغيرة قبل ان يرحل الى العاصمة ويصبح من اهلها كان قد توفى ..حزنت لاجله بكيت لاجل كلانا ..جففت دموعى صرت يتيما ..كان عليه الرحيل لقد اخترت اردت هذا اكثر من اى شىء..صمتت لرحيلى كنت غريبا عنها منذ زمن فيما بعد فى تلك الغرفة التى اتخذتها مشتركا مع مغتربين اخرين بدات ارى مشاعرى يمكننى ان اصرخ غاضبا ان اعبر عن حزنى دون ان اخشى ليس هناك من يصنع لى خطأ ..كان لى صديق وحيد ثم اخ ليس من نفس الدم لكنه كان اقوى منه..كنت اشعر كأننى بطلا لقصة شعبية يتخلى عنه المقربون يطعن من قبل اخيه ثم يخرج مهزوما ليعود يوما منتصرا على كل شىء..الان اختفى الغضب بقى الحزن لم يعد هناك معنى للهزيمة او النصر كنا مختلفين الكل يبحث عن سعادة ما فى عقله لكن لااحد يتغير..البطولة التضحية الواجب كلمات ابطال التاريخ اتضح لى انها كذبة ليس لانها غير حقيقة بل لان الابطال كاذبون ..غير حقيقيون.اعدت تشغيل ذلك الفيديو الاخير للصغير فى عيد ميلاد سابق رايت اخى الاوسط زوجته امى ابى هناك كل منهم يجلس فى عالمه بينما يركض الصغير ضاحكا وسط الجميع تدور الكاميرا من حوله ..شعرت بالرغبة فى البكاء كنت غريبا مثلما كنت فى الليلة الاولى التى قدمت فيها من مدينتى لمدينة فى الطرف الاخر من الدنيا دارسا ..فكرت فى العودة لكن تذكرت سخرية امى ضحكات اخى الاوسط نظرة اخى الاصغر المستهجنةوكاننى كائن غريب ..تحملت وتحملت حتى اعتدت علمت اننا يمكننا الاعتياد على اى شىء مهما كان غير مقبول او منطقى يمكننا ايضا ان ندخله حياتنا بسرور كون من قبولنا داخل العالم نتقبله ثم نرضى عنه ثم ندافع عنه بجنون ندافع فيه عن انفسنا لاننا سمحنا لها ان تعتاد تعتاش على كل هذا..
لانسامح تلك هى الحقيقة حتى الموت لايجعلنا نغفر فقط لانتجرأ على البوح بعضهم يمتلك الجراءة اللازمة بعضهم يتمثل فى صورة الحليم لكن الحقيقة لااحد يغفر ..لم اغفر لاخى فعلاته تهكماته خروجى من البيت لانه افشى سرى ببساطه ليكتسب له موضعا ..شعرت بالاسى على ام الصغير جال فى خاطرى صورتى وانا نائما فى حالة الموت هل يمكنها هى ان تغفر فكرت فى ذلك الاحتمال منذ مراهقتى تخيلته فى اشكال عده رفض منى خروج بكبرياء صراخ حقد مسامحة البطل الكريم لكن مع الوقت علمت ان احلام اليقظة مجرد احلام انها رغباتنا الدفينة يتصنع العقل لها اشكال قد يعطى لنا ذكريات كاذبة ايضا حتى يتغذى ايضا ويعيش واحيانا يقرر الموت ببساطة
..فى صغرى تخيلت البشر دون عقل ثم عقل موضوع فى الاعلى على رؤسهم الصلبة يحركهم فى كافه الاتجاهات لكن لايد لهم فى شىء..بعضهم يقتل يسرق يغتصب يزنى يمارس الكذب لان هكذا تسير الامور لذا عش وتقبل ..علمنى التاريخ هذا لااحد صادق او كاذب لا برىء وظالم بل بشر لديهم كل شىء عندما توصلت لهذا الامر بعد مرور عام عرفت اننى لااقدر على المسامحة والتقدم فقط اتخطى الامر بدنيا اخرى ..لم اخبرهم اننى ساتزوج بعد فترة قصيرة من فتاتى انها مثلى تدرس تبحث تجيد الحديث عن الانثربولجى اكثر من اى شىء اعتقدت انها لن تقترن قط لان لااحد يرغب فى فتاة ذكية مهما كانت جميلة الراس عدو عدو السلطة..كنت اكره السلطة اخبرتها اننا يمكننا ان نرحل ببساطة دون ضغائن او عقاب او تضحيات ..كان موعدى للرحيل للجنوب لرؤيه البيت التى ولدت وعاشت به مزرعة عائلتها عائلة ريفية ..تمتمت عندما شاهدت صورهم انهم متشابهون متشابهون لعائلة ابى التى رايت من قبل كانت الارض هى العامل بينهم الارض تعطى للبشر وجه لها يمكن ان تعلمهم مهما كانت عرقيتهم او طائفتهم..انها تكره التمييز اعتذرت لها اننى لاافعل فقط اشير الى امر الارض الارض التى نتشارك سلطتها جميعا..
فكرت ان عليه الذهاب لثوان لثوان اخرى عرفت اننى وحيد لاانتمى اليهم انتمى الى عالمى الذى خلقته لنفسى..لم يعد غضب الام يشكل فارقا لى لم اشتق لرؤيتهم مثلما توقعت فى الماضى ..كان كل شىء باردا من حولى