المرأة ضلع أعوج !!



احسان طالب
2006 / 5 / 8

في حادثة غريبة من نوعها قام ثلاثة شبان بمساعدة والدهم بجر أختهم من شعرها إلى وسط الشارع وتناوبوا على طعنها عدة مرات في أحد أحياء مدينة حلب ( عاصمة الثقافة الإسلامية لهذا العام ) وذلك بالقرب من مركز للشرطة الذي امتنع عناصره عن التدخل لمنع الجريمة بأمر من ضابط أكير رتبة
ولما نقلت المطعونة إلى متشفى خاص رفض إسعافها واستقبلها آخر عام حيث لقت حتفها جراء ثلاثة عشر طعنة في أنحاء مختلفة من جسدها.
الأب سلم نفسه لمخفر الشرطة فخورا بما فعل و متأكدا أنه لن يلقى جزاء فعلته وفقا للقوانين المتعاطفة مع جرائم الشرف و التي تمنح القاتل ظروف مخففة يتمكن في نهايتها القاتل من النجاة من العقاب .
لم يكن الشارع خاليا ولم تتم الجريمة تحت جنح الليل بل في وضح النهار ولم يتجرأ أحد للحول دون وقوع الجريمة وربما كان الجميع أو الغالبية يؤيدون ما قام به الأب مع أولاده الثلاثة .
إنها جريمة جماعية اشترك فيها أربعة رجال تابع تفاصيلها الكثيرون لم تحرك الشرطة ساكنا لوقفها وساهم مستشفى خاص في تأخير إسعاف الضحية حتى لقت حتفها . إنها حالة نموذجية لتواطؤ المجتمع المسلح بثقافة يظن أنها الدين الحنيف ويعتقد بأن الإجرام تقربا إلى الله و إلا لما سكت المجتمع وجبن عن السعي لمنع الجريمة و لما افتخر الأب وأبناؤه بما فعلوه أمام أعين الجميع .
إن المكانة الوضيعة للمرأ ة في مجتمعاتنا الذكورية المتسلحة بثقافة وتقاليد وضعت المرأة تحت الوصاية والرقابة و التصرف الكامل للذكر وجعلت من الشرف الجنسي قيمة تتعدى أهمية حياة الإنسان و تسمو على كل معاني الرحمة و العدالة ، سمحت وهيئت الظروف الملائمة لارتكاب جرائم الشرف علنا وأمام أعين السلطة و الناس .
و العجيب أن مسألة قتل النساء حفاظا على الشرف في حالة ارتفاع وازدياد مستمر في أكثرية الدول العربية والإسلامية ، حيث مازالت القوانين و العادات والثقافة السائدة لا ترى في قتل النساء دفاعا عن الشرف جريمة بل على العكس تعده عملا شجاعا وتضحية كبيرة تستأهل التعاطف و المباركة .
تبدأ المشكلة من تضخيم إثم الجنس المحرم وتثبيت الاعتقاد بأن الغيرة على النساء أمر إلهي وتشبه بسير الأنبياء و الأولياء و كلما زاد الاعتقاد بأن مفهوم الشرف أغلى من الروح هانت الحياة دونه وتضاءلت أمامه قيم التسامح والحرية و التراحم . وت ترسخ المشكلة بخضوع النساء و قناعتهن بصوابي ما يمارس عليهن من قيود وشروط وقوانين تجعلهن دون الرجال مكانة ومقامة .
تأكد وفقا للموروث السائد المدعوم بنصوص محفوظة تناقلها الأجيال وتعيها إلى يومنا هذا وتقبلها كما هي ، وجنوح ثقافة العامة نحو تعميق المعاني السلبية للنصوص وتحميلها ما لا تحتمل خضوع المرأة ودنو مكانها ، ومن تلك النصوص ما دل على أن المرأة خلقت من ضلع " استوصوا النساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع ، وأعوج ما في الضلع أعلاه ، فإذا جئت تقومه كسرته ، كسرها طلاقها "
حشدت كثير من التفاسير القرآنية الأدلة على أن المرأة خلقت من ضلع لدي تفسيرهم ( وخلق منها زوجها )
ولست هنا بصدد تأكيد أو رفض نسبة تلك المعاني لصحيح الدين إنما أكتفي بتأكيد شيوعها وانتشارها ورسوخ معانيها في المكون الثقافي الجمعي للمجتمعات العربية و الإسلامية مما يقتضي العمل على مراجعة جادة وواعية لما حواه المنقول النصي السلبي وما تركه من آثار مدمرة على المرأة والمجتمع .