نساء الفريزا .



الفرفار العياشي
2019 / 7 / 5

حضرت عملية تسجيل الراغبات في العمل في حقول الفرولة او الفريزا باسبانيا , فاستوقفني الكم الهائل و العدد الكبير من النساء و الفتيات و المطلقات و حتى العجائز , تدافع و صراخ و حرب نسوة من اجل الوقوف امام اللجنة حيت الامل في عبور الحدود نحو اسبانيا من اجل مصدر رزق بارد ؟؟
لكل واحدة حكاية , تبدا بازمة و تنتهي بمجرد امل في التخلي عن كل شئ , الابناء و الرجل و الدار و العائلة و الاسرة و حتى الجلباب و القيم ؟؟؟
امراة عجوز تجلس اما م اللجنة يخبرها المسؤول ان طلبها لا يمكن ان يقبل لان سنها تجاوز الخامسة و الاربعين ؟؟ العجوز لم تصدق ما سمعت بقيت تتوسل لان قبول طلبها و الدهاب الى اسبانيا من اجل العمل هو الامل الوحيد للانفاق على ابناءها المرضى , ترفع صوتها و هي تؤكد انها قادرة على العمل ولربما احسن ممن هن اصغر منها سنا ؟؟
حكايات كثيرة , بلا شك هي حكايات تختلف تفاصيلها و شخوصها لكنها تقود الى نتيجة واحدة الهروب و باي وسلة ممكنة .
ربما الحدث يبدو في ظاهره هو انجازايجابي يرسخ المجهود المبذول من وكالة الانابيك و هوعلى كل حال جهد مشكور من اجل العمل على تخفيف العبء على من يعشن وضع الفقر و الهشاشة ، كما ان تهافت النسوة و تدافعهن لدرجة العنف من اجل الحصول على امل للهروب من واقع صعب وعصي على القبول به و التعايش معه يمكن ان يكون مقبولا بدافع الحاجة لكنه غير مبرر اخلاقيا و قيميا .
لكن الحدث هو مؤشر دال و كثيف يساءل السياسات العمومية و لربما هو شهادة حية و ناطقة على فشلها و تعاليها على هموم المواطن البسيط و الذي اصبح يبحث عن الحياة خارج الوطن و بالهروب منه .
ربما الحدث يقود لى طرح السؤال الاساسي و المهم , لماذا هذا التهافت من اجل الهروب ربما نكون اما حالة عجز لفهم الاسباب العميقة للحدث و ان كانت فرضية الفقر من اكثرالفرضيات قبولا ؟
لا احد يشكك في فرضية الفقر كسبب رئيسي للهروب و البحث عن حلول بعيدا عن الاهل و الاسرة و الوطن , لكن هذا الفرضية تبقى صحيحة جزئيا لاسيما اذا ما عرفنا ان بعض النسوة ممن لا يملكن حتى دقيق اليوم , ومع ذلك يرفضن فكرة العمل في مزارع اوربا حيت البرد و ضياع الحشمة و انهيار الاسرة ؟؟
النزوح الكبير يعكس حالة فشل مزدوج فشل الدولة والمجتمع معا في بناء اسرة متماسكة قادرة على الصمود و البقاء متوحدة حتى في اقسى اللحظات ؟
قد نفهم وضعية المطلقة و الارملة بالبحث عن مصدر عمل في حقول باردة , و لربما في ظروف غير معروفة بسبب ان وضعهن الاجتماعي .
الملاحظة التي تحتاج الى الكثير من التفكير و المساءلة و التي يمكن اعتبارها كعنوان للتحولات مؤلمة في النسق القيمي المغربي هو كثرة المتزوجات الراغبات بالدهاب الى اسبانيا و يحملن في ايديهن تراخيص بمثابة موافقة من الزوج بالدهاب الى هناك حيت بعض المال ؟؟
حين يتخلى الرجل الشرقي عن كبريائه و يحضر مع زوجته مع الترخيص لها بالدهاب في رحلة الى مجهول ربما ظاهرها حقول الفريزا و لربما قد تتحول بعضهن الى فيرزيا نفسها تؤكل كطبق بشري كما حددتها لوحة الفنان السوريالي مارغريت , بحسب الكثير من الشهادات لصادمة عن معاناة العاملات ؟؟
حين يوافق الزوج على ترك زوجته تذهب بعيدا عنه معناه انهيار اخلاقي وقيمي , و ان الاسرة المغربية و القروية قد فقدت مقومات تماسكها و ان وحده المال يجمع الاسر و يفرقها وهو ما يمكن ملاحظته في كثرة عدد المطلقات بما يفسر عمق الازمة و تجدرها .
ضعف القيم المجتمعية و انهيار كبرياء الرجل الشرقي و ضعف الوازع الديني وهو ما يؤشر على افول الواجب الديني و الاجتماعي كقيم محافظة تضمن تماسك الاسرة , حيت الرجل هو المسوؤل عن البيت و الاخلاق , اما هيمنة و سيطرة المال كسيد جديد فهو عنوان تحول جديد يجعل الاسرة تحت سيطرة المال , حيت الحصول عليه يفترض التخلي عن كل شئ بما ذلك قيم الدين و المجتمع .
ربما ضعف السياسات العمومية و تجاهلها للمسالة الاجتماعية منح فرصة لكي تسود قيم الهشاشة والتراخي بما نتج عنه انهيار شبه كامل للاسرة باعتبارها اداة لبناء الاخلاق و الكرامة و الحفاظ عليهما , لان الحفاظ على الاخلاق يقتضي اساسا حماية المراة و والحفاظ عليها و ليس تسريحها من اجل البحث عن المال خارج الوطن وخارج العقيدة و خارج القيم الاسلامية و المجتمعية .
الاكيد ان النزوح الجماعي للمراة هو مؤشر هلى عمق العطب و دلالة على سياسات عمومية غير منتجة في مجال التشغيل و القضايا الاجتماعية , لربما الحدث يمنح فرصة للتفكير و العمل من اجل ضمان كرامة المواطن , ما يمنعنا من تشجيع اقتصاد فلاحي لغرس الفريزا بارضنا , و بدل ان تتهافت النساء على مغادرة الوطن نجعل من الفيرزا زراعة وطنية تغرس بايدي مغربية و تجنى بايدي مغربية بدل مسلسل الهروب كحدث مؤلم