أعراف الجاهلية الأولى (النهوة والفصلية )



إخلاص باقر النجار
2019 / 7 / 12

🎤أعراف الجاهلية الأولى (النهوة والفصلية )
أ.د.إخلاص باقر هاشم النجار

كل من يسمع بقوله تعالى : {{ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ (9)}} ، يفهم معناها والقصة التي نزلت من أجلها ، ويتأثر لمدى الظلم الذي كان يلحق بالإناث من مصادرة الحقوق والدفن في التراب ، ويحمد الله تعالى على نعمة الإسلام الذي حرر الإنسان من عبادة الأصنام وأعراف الجاهلية الأولى ، وحرر المرأة من السبي والبيع في سوق النخاسة وأعطاها كل حقوقها وحفظ كرامتها ، وكرمّها بسورة بأسمها وهي سورة النساء التي فيها علم المواريث ، والمرأة تتقولب بقالب البيئة التي نشأت فيها وفي مجتمعها ، فأن عرف الرجل حقوق الله أنصفها ، أما إن كان جاهلا وتربى على أيدي جهلة وبيئة متخلفة ظلمها وضيع حقوقها ، وهو المتسّيد الأوحد في المجتمع القبلي سواء كانت ( أمه أو أخته أو زوجته أو بنته) ، وللآن تتعامل بعض القبائل مع المرأة على أنها جزء من الدية التي تدفع مقابل جريمة الأخ أو الأب بأسم ( عرف الفصلية الجائر) ، وللآن أيضاَ جاري مفعول عرف ( النهوة الجائر) الذي ينص على : ( إن أبن العم ينزل بنت العم ولو كانت فوق الهودج ) وضرب رأيها عرض الحائط وان أمتنعت يقتلها ، لأنها جزء من ممتلكاته الثابتة ولا يقبل أن تذهب لغيره ، وعندما تسن القوانين تسن بالانسجام مع مصلحه الرجل وأهوائه ، وحتى الفتاوى الدينية للبعض تؤكد على خضوع المرأة صاغرة لهذه السيادة وإلا ستكون النار مأواها يوم القيامة بذريعة الفتوى التي تقاس وتخيط على مقياس الرجل ومصالحه وأهوائه ، وحتى في بعض مؤسسات الدولة وإداراتها نادرا ما نرى المرأة تقود المؤسسة ، فبعض الموظفين لا يرتضون ان تقودهم إمرأة وكأنهم يعملون في مؤسسة خاصة وليست مؤسسة عامة يحكمها القانون والدستور .
وعندما يموت أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية ، يسارع الرجل بإعلان الحداد على بيته وتطبيقه على النساء فقط ، وكارثة الكوارث بأنه بعد المأتم يذهب إلى السوق بدشداشته البيضاء الأنيقة ليشتري الملابس السوداء إلى كل من في بيته من النساء حتى لو كانت طفلة رضيعة ، يستحي أن تخرج المرأة بملابسها التي اعتادت عليها ، وهو يجيء ويذهب ويتنزه ويضحك الأمر جدا طبيعي ، أما المرأة فعليها أن تطبق العرف وتلبس السواد وهي صاغرة وتعلن الحداد وتندب الأجداد لمدة سنة كاملة كئيبة حزينة مبتعدة عن الألوان والزينة والأعياد والحفلات واستمرار البكاء ، وان مات آخر من الأقرباء مدد الحداد إلى سنتين أو أكثر وهكذا ، لا تنتهي مدة حزنها إلا بموافقة الرجل الذي يتمتع بشتى الألوان والمباهج ، فيا معشر الرجال ، بأي حق انتم تلبسون الألوان وبناتكم يلبسن السواد ، لماذا تفرضون عليهن ما لا تطيقونه أنتم ، أليس هذا رياء وعرف جائر متوارث من عصور الجاهلية الأولى ، طبقه على نفسك أولاً سنة كاملة واستشعر الكآبة التي يجلبها هذا اللون الكئيب ، رياء وعرف لا يمت إلى الإسلام بصلة لا من بعيد ولا من قريب ، والموت علينا حق كلنا سنموت ويجب أن نرضى بقدر الله وقضائه صابرين لأننا كلنا لله وكلنا إليه راجعون وليس مستنكرين جزعين ، نعم أن الموت مصيبة وفراق الأحبة أمر صعب ، إن كنت مخلصاً لأمواتك فأذكرهم بالدعاء والقرآن والصدقة وليس بالرياء ، ولكن طبق أعرافك البالية على نفسك أولاً واعتزل الحياة وزينتها واعتكف واندب حظك العاثر ، قبل ان تفرض على نساء بيتك اعراف الجاهلية الاولى.