ثقافة الاعتذار المفقودة في مجتمعاتنا العربية و الاسلامية



جلال الاسدي
2019 / 7 / 14

ثقافة الاعتذار المفقودة في مجتمعاتنا العربية و الاسلامية ......
ان التركيبة البنيوية لمجتمعاتنا العربية و حتى الاسلامية منها ، اذا و سعنا الدائرة ، مبنية و يبدو متاثرة كثيرا بالثقافة البدوية ، الذكورية التي تفهم الاعتذار كصيغة تعبيرية عن الضعف و الخنوع وهو امر مرفوض في الاعراف الصحراوية ، الذكورية التي تقدس ثقافة القوة و التباهي و التفاخر بآمجادها و رموزها . و هذه الصورة لاتزال منتشره في اريافنا و مناطقنا الشعبية و حتى على مستوى المجتمع المديني ولو بنسب متفاوته . و يبدو ان هذه الثقافة متجذرة في عروق مجتمعاتنا العربية و الاسلامية ولو بنسب ايضا متفاوتة . ما دور الاسرة و المجتمع و حتى الدولة هنا ؟ اعتقد بأن الجميع يقف وقفة المتفرج ، اللامبالي و كأن الامر لا يعنيه او كل طرف يلقي اللوم على الاخر و هذه ثقافة نتقنها جيدا ، للاسف . فالتلاعب باللوم ومهارة تصويبه على الاهداف التي نختارها لعبتنا و نحن اساتذة فيها .
لنغادر مناطقنا و نلقي شئ من الضوء على المجتمعات المتقدمة في العالم على حتمية العودة الى منطقتنا حيث الختام مسك . قرأت مرة عن واقعة كتبتها الكاتبة الامريكية ( بيرل باك 1892 - 1973 ) الحائزة على جائزة نوبل والتي قضت مشوار طويل من حياتها في الصين تقول كنت اتجول في احد الاسواق و صادف ان تصادم اثنين من المزارعين وهم على دراجاتهم المحملة بالخضار فتناثرت اشيائهم على الارض ، توقعت عندها ان يحصل شجار او على الاقل صياح و لكن لدهشتي و استغرابي بدء كل واحد منهم يعتذر للاخر و ينحني و يلقي اللوم على نفسه ، ثم لملموا اشيائهم و غادروا بسلام كل الى وجهته ، ثم تردف قائلة : شعرت بالاسى و الاسف لشعوبنا !! … عندما تشاهد فلم امريكي او اوربي يسترعي انتباهك كثرة استعمال كلمة (sorry ) ، كفاصلة ضرورية في الحوار ، حيث تنقل لنا مشاهد من اعتذار الزوج لزوجته اذا تأخر عن تنفيذ امر او العكس من الام لابنتها او ابنها …الخ
اذن خلاصة القول يجب على مجتمعاتنا ان تبني هذه الثقافة و التي ستمهد الطريق لثقافة اعم و اشمل الا وهي ثقافة التسامح و التعايش و قبول الاخر و التي ستلغي ثقافة العنف و الاقصاء و التناحر التي و رثناها من الاسلاف العظام ، و البداية تكون من البيت اولا و المدرسة و اخيرا المجتمع . و لا ننسى دور الاعلام الهادف و خاصة السينما ، وهي سلاح ذو حدين ، فبدلا من تكريس ثقافة العنف و العهر الداعمة لشباك التذاكر على حساب القيم الانسانية الراقية ، نغذي نزعات الخير في النفس البشرية و نعطيها جرعات زيادة لنبني مجتمعات صحية تطرح لنا نتاجا بشريا نجاري به الامم التي سبقتنا بمشاوير طويلة .