أيها الفلسطينيات، صوتن



عميرة هاس
2019 / 9 / 10


هذا توسل لصديقاتي الفلسطينيات من مواليد البلاد، المواطنات الاسرائيليات رغم ارادتن، اللواتي ينوين عدم التصويت في الانتخابات القادمة ايضا. رجاء، صوتن، "ما هو مكتوب للمؤنث وجه ايضا للمذكر". يجب عليكن التصويت من اجل القائمة المشتركة.
هذا هو الحزب الوحيد الذي بمجرد وجوده، رغم تناقضاته الداخلية، وخصوماته ونقاط ضعفه، الذي يقف امام هذيان الطرد النهائي الذي يطبخ في المجتمع الإسرائيلي، اليهودي الخطير والمضطرب. إن اهمية القائمة المشتركة في مفترق الطرق السياسي- التاريخي الحالي أكبر بكثير من كل الصفات والاخفاقات والعيوب الانسانية لممثليه وممثلاتها.
التصويت في الانتخابات ليس خطوة تمثل الاعتراف بالدولة التي فرضت عليكن، بل العكس: في التصويت أنتن تفرضن عليها وعلى مؤسساتها الاعتراف بكن، كمواليد لهذه البلاد. أنتن تفرضن على مواطنيها اليهود الذين يتنكرون للتاريخ، الاعتراف ولو حتى بجيب بأن حقوقكن فيه تنبع ليس من وجودها ومن قانون العودة، بل من جذوركن العميقة في هذه البلاد.
اليمين، الذي يشكل الآن اغلبية الشعب الاسرائيلي – اليهودي، يأمل وجود كنيست خالية من ممثلين حقيقيين للمجتمع الفلسطيني. لماذا تفعلن ما يريده، لماذا تخدمنه؟ لماذا لا تقررن: هيا نغرس لليمين الخطير هذا اصبع ثلاثية على شكل نسبة تصويت أعلى من المعتاد.
التحريض ضد الفلسطينيين الذي يؤججه بنيامين نتنياهو ومن يخدمونه بصورة ماهرة، لا يستهدف فقط ضمان اغلبية في البرلمان من اجل حصانته القانونية. تحريضهم هو تحريض أصيل ويأتي من اعماق قلوبنا. الفلسطينيون على جانبي الخط الاخضر هم مجموعة سكانية زائدة بالنسبة لهم. تمثل الفلسطينيين في الكنيست يخرجهم عن اطوارهم. التحريض والاكاذيب ضدكن استهدفت ابعادكن عن عيون الجمهور وعن السياسة. هذا الغياب عن السياسة يسهل على طرق ابعاد اخرى، هذا لم يتم التخطيط لها بالفعل، قد تظهر بالعملية المألوفة للشعوب المتمثلة بتآكل القيم الاساسية العالمية.
ولكن لأن الواقع اقوى مما يعتمل في القلب ومما يحلم به اليمين الاسرائيلي. المواطنون والمواطنات، الفلسطينيون والفلسطينيات، خلافا لاخوانهم واخواتهم الذين يوجدون خلف الخط الاخضر، هم جزء من الفضاء العام في اسرائيل. رغم كل المحاولات هم ليسوا زائدين في الاقتصاد وفي المجتمع الاسرائيلي. بالعكس، هم حيويون جدا.
بدون التنكر للتمييز الهيكلي في الاجور وفي فرص العمل، انتن تعملن وترتزقن في اسرائيل، رغم أن اغلبيتكن تشعر بالاغتراب العميق من جميع مؤسساتها. عدم الحاجة للفلسطينيين في وعي الاغلبية الاسرائيلية، تم التعبير عنها في الاعداد الكبيرة لعمال البناء الذين يقتلون ويصابون في حوادث العمل – في معظمهم من الفلسطينيين. أنتن تدفعن الضرائب وهم يمولون ايضا استمرار اعمال القمع والاقصاء على جانبي الخط الاخضر.
أنتن درستن وتدرسن في مؤسسات تعليم هذه الدولة، ويوجد لكن حضور بارز ومؤثر في مهن ضرورية مثل الطب والخدمة الاجتماعية والمحاماة والفنون الجميلة وفنون المسرح والسينما. وليمت الحاسدون. أنتن تدفعن رسوم التأمين الصحي وتحصلن عند الحاجة على العلاج في خدمات صحية عامة اشكالية، التي ما زالت تعمل. أنتن تسافرن وتقدن في المواصلات العامة للشعب الاسرائيلي اليهودي، الذي ليس لكن لغة مشتركة معه رغم اللغة العبرية الطليقة التي تتقنها. ولأنهم سرقوا معظم اراضي القرى والمدن لكن، أنتن تعشن في كرميئيل وفي نوف هجليل وفي الناصرة العليا، وحتى في مستوطنات على حدود القدس مثل بسغات زئيف والتلة الفرنسية.
باختصار، الواقع مليء بالتناقضات والبشر يتعايشون معها. واليكم المزيد: أنتن تسافرن الى الخارج بواسطة جواز سفر اسرائيلي، ومكانة مواطنتكن تمنع اسرائيل من سلبها، هنا تستطيع في كل لحظة القيام بذلك مع الفلسطينيين في القدس، مثلما فعلت مع مئات آلاف سكان قطاع غزة والضفة الغربية الذين سافروا الى الخارج.
كما كانت تريد ان تفعل معكن، لكنها لا تستطيع ذلك. مكانة المواطنة لا تسمح لكن فقط بتجسيد الحق بحرية الحركة بين البحر والنهر (التي سلبت من سكان الضفة والقطاع)، هي ايضا تسمح بحرية الحركة الى ما وراء البحر. أنتن تعرفن كم هي المضايقات التي يمر بها فلسطينيون آخرون من اجل الحصول على تأشيرات لأوروبا والولايات المتحدة واوروبا ودول آسيا.
الكثيرون لا يمكنهم الحصول على تأشيرات. ومن اجل أن لا يتم فهمي بصورة غير صحيحة: يوجد لكن هذا الحق بشكل كامل وليس معروفا. من المنطقي والطبيعي أن لا تتنازلن عن هذا الحق مقابل الرمزية التي توجد في رفض حمل جواز سفر يوجد عليه شعار دولة اسرائيل.
الطرفان ملزمان بابتلاع التناقضات. الدولة التي لا تعتبر كل المواطنات متساويات وتتمنى اختفاءكن، تضطر الى قبول حضوركن غير المحسوب فيها. مع الكثير من الدلائل بأنها غير معنية بكن (العلاقة المهينة في المطار مثلا) ومع بينات أن هذا لا يفيدها. أنتن هنا، وأنتن تبتلعن: الدولة لا تمثلكن، أنتن تشعرن بالرضى الشعوري من عملية عدم التصويت، ولكنكن جزء من المجتمع. إن أي بادرة حسن نية رمزية لن تغير ذلك.
أنا لا أوهم نفسي. وجود قائمة عربية قوية في الكنيست لا يمكنه وحده أن يصد هذيان الطرد الذي ينميه اسرائيليون، مثلما اثبت قانون القومية. ولكن بدون حضور قوي للقائمة في الكنيست سيكون الامر أسهل بكثير على مهووسي مهووسي الطرد على انواعهم.