قليل من النزاهة أيها القضاة المغاربة



عذري مازغ
2019 / 10 / 1

” في تصريحاته
في الآونة الاخيرة، تتداول قضية هاجر الريسوني على خلفية الإجهاض بشكل طرح مخاضا قانونيا حول حق الإجهاض في الفضاءات المفترضة بين مؤيد ومعارض له، لكن المسألة المثيرة في نظري، وقبل أن يدلو المرأ في قضية الإجهاض هو امر آخر غريب يتعلق أساسا بنزاهة القضاء المغربي، فالحقيقة هي موضوعيا تستلزم الوقوف على إشكاليات مطروحة في الملف وطبعا لست محاميا لأجادل في قضايا قانونية لها علاقة بالجنائيات، لكن هناك في القضية نفسها أمور مثيرة جدا حول التهمة والقرائن التي أثيرت حولها سواء التي تؤكد حدوث الإجهاض أو التي تنفي وجوده بحيث أن إثارة موضوع الإجهاض، الإشكال، او المخاض القانوني حوله، ابعدنا كثيرا عن خلفيات القضية بشكل أدى تداولها في الفضاءات المفترضة ضمنيا إلى حدوث واقعة الإجهاض، بمعنى أن الإجهاض حصل ولم يبقى لنا إلا أن نصطف حول تأييد حق الإجهاض أو ان نقف في صف المناهضين له، وطبعا التموقف في هذا الصف او ذاك يفي بالتمويه حول قضية حدوث الإجهاض، واعتقد، ولست جازما في الأمر، أن دفاع الريسوني هو الآخر قد سقط في اللعبة حين سيس الموضوع وبالتالي سقط في فخ ممثل النيابة العامة حين توجه للراي العام في بيان يؤكد حدوث عملية الإجهاض استنادا إلى شهادات طبية واعمال استخبارية لجهازه الأمني، السؤال المطروح هو: هل كل ما اتت به النيابة العامة وجهازها الامني من قرائن هي صحيحة؟ والسؤال الآخر هو هل كل ما قدمه دفاع المتهمة من قرائن غير صحيح؟ إن الواقع هو أن الإجهاض في المغرب ليس حقا قانونيا (هذا شيء والمطالبة بتغييره شيء آخر)..
في ظل وجود قانون يحرم الإجهاض كان المطلوب هو: هل حصل إجهاض بالفعل؟ وهنا المطلوب هو نزاهة القضاء في مقارنة القرائن سواء التي وضعها النائب العام أو التي وضعها الدفاع وهنا بشكل ما نسقط في موضوع تافه مع غياب مشتكي حقيقي غير النيابة العامة، نسقط في الآلية القانونية المختزلة : " كلامك ضد كلامي" وهنا كلام النيابة العامة ضد كلام المتهم ودفاعه في غياب شهود حقيقيين خارج أطراف المتهم (بكسر الهاء) والمتهمة، المتهم في شخص النيابة العامة واجهزته الأمنية كشخص معنوي والمتهمة بطبيعة الحال، إن الخطير في الأمر هو ان تصبح النيابة العامة تمارس اعمال محاكم التفتيش وتصبح ورقة لأي لا عب يريد الإنتقام من أي شخص يريد والحقيقة ثانيا هي أن يكون القاضي يلعب في القضاء المغربي دورا شكليا خاضع أساسا للنيابة العامة والحقيقة الأخرى والتي يجب أن نخوض فيها هي: ماهو دور النيابة العامة في القضاء المغربي: هل يشكل القاضي الحقيقي حتى تأتي الأحكام دائما لصالحه (في كثير من القضايا إن لم أقل جلها تاتي الأحكام وفق ما تراه النيابة العامة) لماذا النائب العام هو من يامر بالاعتقال وهو من يأمر بالعفو أو إطلاق الصراح وليس القاضي؟ لماذا لا نجد ولو مرة واحدة قاضي يحكم عكس النائب العام؟؟ هذا إشكال يجب أن يتطرق له التشريع المغربي وكمقارنة (واعتبرها عبثية) لماذا في الدول الغربية القاضي هو من له الكلمة الأخيرة في الحكم وليس النيابة العامة بحيث قد يأمر بالمحاكمة في صراح مؤقت او غير ذلك.
إليكم حيثيات القضية اعتمادا على بلاغ النيابة العامة في قضية الريسوني، النقطة الاولى: "اعتقال الصحافية هاجر الريسوني ليس له أي علاقة بمهنتها، وأنه حدث بمحض الصدفة نتيجة لارتيادها لعيادة طبية، كانت أساسا محل مراقبة بناء على معلومات كانت قد توصلت بها الشرطة القضائية حول الممارسة الاعتيادية لعمليات الإجهاض بالعيادة المعنية".
يعني أن تحري النيابة العامة كان حول مستشفى يمارس أعمال غير قانونية وحدث ما حدث بالصدفة، جميل أن السلطات تقوم بالتحري حول مستشفيات تمارس اعمال غير قانونية، لكن الغريب هو ان النيابة العامة هذه (وهي "ضبطت امرا" ) لم تقم بأي إجراء اتجاه هذا المستشفى الذي يعمل اعمال غير قانونية، بل فقط عاقبت بعض موظفي هذه المصحة (والمقارنة في قضاء الآخرين ، وأنا أبغض المقارنة اكثر بين أمرين لا يقارنان، أن مستشفى يسمح باعمال غير قانونية، يجب ايضا أن يعتقل مدير المستشفى على الأقل ويجب تغريم مؤسسة المستشفى.
النقطة الثانية: "الوثيقة التي تم تداولها عبر وسائل التواصل على أساس أنها خبرة طبية هي فقط مجرد فحص للمعنية بالأمر أنجزها الطبيب المداوم بمصلحة المستعجلات بمستشفى الولادة بتاريخ 31/08/2019 ضمنها بعض المعاينات في انتظار إجراء بعض التحليلات وأخذ عينات الدم. وأنه بعد القيام بتلك التحاليل، أنجز خبرة توصلت بها المحكمة لاحقا بتاريخ 04/09/2019"
يضيف أيضا تعقيبا على هذه النقطة:
"المعنية بالأمر صرحت للطبيب بأنها أوقفت حملاً غير مرغوب فيه إراديا بإحدى العيادات الخاصة في الأسبوع السابع صبيحة يوم 31 غشت (آب/ أغسطس)"، لافتا إلى أن "الريسوني سبق لها أن خضعت لإجهاض بمحض إرادتها في وقت سابق، مقرة بوجود هرمون وعلامات حمل أثناء فحص عنق الرحم"
هذا يعني أن الريسوني ضبطت في عيادة اخرى غير تلك التي وردت في النقطة الاولى أي المستشفى محل تحري، وان إيقافها كان بناءا على تصريح ادلت به لطبيب مداوم بمصلحة المستعجلات كذا..، هذا امر خطير في الحقيقة (أطباء يدلون بوقائع بغير تصريح قضائي وليس بتصريح نيابة عامة التي يفترض انها حسب التعريف السوسيولوجي هو محامي الحق العام ، هنا لم يعد تحري حول مستشفى، بل اعتماد حول تصريح طبيب مداوم.
وطبعا بيان وكيل النيابة لا يتضمن اسماء المستشفيات لتأكيد التعميم لأنه اصلا لم يكن يريد حتى التحري على المستشفى الخاص موضوع التحري البوليسي الذي في أقسامه تجرى عمليات غير قانونية ، كان يتلاعب باللغة من حيث تتيح القول ونقيضه وباعتباره وكيل نيابة (مدافع) يملك قوة النقيض.
ملاحظات: بيان وكيل الأحذية (نسبة لوكيل نيابة سابق أمر مواطن ان يقبل حذاءه) لا يتضمن أسماء مستشفيات لتزكية تصريح طبيب مداوم الولادات ضد مصحة أخرى: تلاعب باللغة والالفاظ
تناقض بين التصريح بعملية إجهاض في مستشفى موضوع تحري تم في بابه اعتقال هاجر وبين ان يكون الاعتقال مبني على تقرير طبيب مداوم للولادات
بعد الإجهاض يفترض أن تكون المعنية في مستشفى لأنها خرجت من عملية، حسب اوامر النائب نقلت للسجن مباشرة، ماذا لو حصلت وفاة بسبب نزيف؟؟ (افتراض عبثي بقوة الواقع، لم تنزف في السجن!!؟؟)
في وسائل الإعلام:
النيابة تؤكد ملاحقة الصحافية...
النيابة العامة بالرباط : "اعتقال الريسوني لا علاقة له..."
وغيرها من العناوين، كلها تؤكد غياب وجود سلطة للقاضي
أليكم الآن الكلام الآخر: تصريحات هاجر ودفاعها:
" هاجر معمرها اعترفات لأي أحد بالإجهاض وغاترفع دعوى قضائية بسبب “التعذيب” والخبرة دارت ليها دون موافقتها وبطريقة مهينة ولا إنسانية"
هاجر لم تعترف يوما لأحد بالإجهاض، وسترفع دعوة قضائية..
"” في تصريحاتها عند الشرطة أنكرت الصحفية هاجر الريسوني كل التهم التي وجهتها لها النيابة العامة، بينما تتضمن البطاقة الطبية التي حررها الطبيب بعد الفحص (وهي وثيقة تفتقر للقيمة القانونية) تصريحات منسوبة لهاجر والحقيقة أنها لم تصدر عنها، وأن الشرطة كانت ترغب في الحصول على الاعترافات وتشير إلى أن الفحص الطبي لم يكن بموافقة المعنية بالأمر"

الخبرة عملت لها ضد إرادتها (وعمليا ليس هناك اي امر قضائي بإجراء خبرة لها ) هناك أمر للنيابة العامة (مواقع اخرى تتكلم عن امر ضابط امني وليس حتى النيابة العامة)، تحصيل حاصل: كلام نيابة وكلام هاجر وهو امر في قضاء عادل يعتبر ملف شائك.. غياب نزاهة القضاء
للأسف ولكي لا أطيل ، لم يحضر عندي الآن التقارير الطبية التي اعتمد عليها الدفاع وهي تقارير تستند إلى اطباء في مركز السويسي تفيد بغير ما يفيده أطباء النيابة العامة، إضافة إلى طريقة الإعتقال بالتصوير والجهوزية التي تنفي قصة الصدفة عند وكيل الأحذية النيابية والامر بتفريع فرج هاجر امام الراي العام
كم محزن ان لا يكون لدينا قضاء حقيقي في المغرب، وكم محزن ان يكون قضاة المغرب بدون إرادة ...
كم محزن ان يكون "الملك أساس العدل" بينما وكيل الأحذية هو من يقضي!

تصريحات الدفاع: