المرأه والتقدم اذا أردنا



سالم المرزوقي
2019 / 12 / 3

مع احترامي وتقديري لمناضلات الحركه النسويه واليساريه اللواتي يطمحن لتغيير ثوري في العلاقات الاجتماعيه والروابط الانسانيه بين الذكور والاناث فإني لا أستسيغ هذا الطوفان من المزايدات بحقوق المرأه ومجلة الأحوال الشخصيه والمساوات والدفاع عن مكاسب المرأه وغيرها من الحشو والترف الفكري والسياسي فأصبح كل يتقدم لموقع سياسي يضمن مشروعه أحد هذه المواويل عن المرأه وأعتقد أن سبب هذا تاريخي ونفسي أكثر منه فكر واصلاح وعقدة ذنب ذكوريه إزاء ما حصل من نضالات وتضحيات المصلحين الأوائل متل الطاهر الحداد وبعض الشباب الزيتوني الذين تعرضوا لأشد أنواع القمع من المجتمع الذكوري وليس من النظام الاستعماري الحاكم ٱنذاك ,الرجال وحدهم بمؤسساتهم الدينيه وصحافتهم ومنظماتهم وثقافتهم تكفلوا بدور السلطه القمعيه لأي تغيير وتجديد و تصدوا للاصلاح ونكلوا بالمصلحين أكثر من السلطه الحاكمه وظلت المرأة صاحبة الشأن متفرجه لتخلفها أما السلطه وخاصة الاستعماريه فقد استحسنت هذا القمع رغم أنها تدعي نسبها لمبادئ الثوره الفرنسيه التحرريه.
الحقيقه أن رجال اليوم المتصدرين للمشهد السياسي بما فيهم المعارضات التي تدعي التقدميه ,يشعرون بعقدة ذنب إزاء المصلحين أكثر من تبنيهم لقضايا المرأه فنجدهم يختبؤون وراء شعارات الحفاظ مكاسبها ودعمها دون المساس بجوهر تحرر المرأه(بن علي والباجي أمثله لمراكمة قوانين فوقيه لدعم حقوق المرأه...لا نتحدث هنا عن بورقيبه الذي استوعب واستثمر بذكاء تضحيات وفكر المصلحين الأوائل لتشبعه بثقافة الثوره البرجوازيه الفرنسيهالتنويريه).

مجلة الأحوال الشخصيه :

صحيح أن هذه المجله كانت قفزه نوعيه إبان صدورها لأن المرأه ٱنذاك كانت كالبهيه مستعبده تستعمل للجنس والعمل والانجاب أما في عصرنا الحديث فقد تحولت المرأة بتطور علاقات الانتاج و الثقافات الانسانيه والعلوم والمعارف (ليس بتحول ثوري داخلي اقصد) الى عنصر مفروض بالقوة على المجتمع الذي لا زال ذكوريا بالتقاليد والدين والتاريخ الاجتماعي الذي لا زال راكدا مهما ادعينا من تحرر ولهذا فإن مراكمة القوانين وحشوها لهذه المجله بادعاء الحفاظ على المكاسب ودعمها لس إلا ضخ ميكانيكيي فج لمحو عقدة الذنب كما أسلفنا وقد تحولت هذه المجله لظاهرة متخلفه تخفي التناقضات الرئيسيه المدمره للعلاقه بين المرأه والرجل ففقدت الحياة العامه الحميميه والحب والانسانيه والتي هي جوهر الانسان امرأة كانت أو رجل وتحولت العلاقات لشراكة باهته لا لون ولا طعم لها غير المصالح الجنسيه والاقتصاديه.

مؤسسة الزواج :

مؤسسة الزواج ورغم الادعاء بأنها الحل الأمثل للعلاقه بين المرأه والرجل فقد تحولت تدريجيا من العلاقات القديمه الاستعباديه الى علاقه مؤساتيه متخلفه تحكمها قوانين تحتيه(دينيا و تقليديا) وفوقيه (مجلة الاحوال الشخصيه وملخقاتها) فأصبحت عبئا ثقيلا على المجتمع ,تجلت عيوبه في ظاهرة الطلاق والاغتصاب والعهر والكبت الجنسي والاعتداء على القصر والأمراض النفسيه والاحباط وتحول الزواج عن مقصده كمزاوجه بين أنثى ورجل للسعاده والعشره والبناء الى سجن للحرية والحب تحكمه المصالح الجنسيه والاقتصاديه والخضوع للمحيط الديني والطبقي.

الخلاصه:
النص السابق استفزازي للتقدميين والتقدميات للتفكير بجدية وتحرير عقولهم من أسر عقدة الذنب إزاء المصلحين الأوائل( اذا أرادوا أ يكونوا أو يكن تقدميين وتقدميات ) واجترار مجلة الاحوال الشخصيه المتخلفه وذلك بتبني الاصلاح الاجتماعي الثوري الحقيقي والواقعي المبني على فطرة وضرورة العلاقه الحميميه بين المرأة و الرجل التي يجب أن يملأها الحب والسعادة والاستفادة مما توصلت له الانسانيه من علوم ومعارف وفلسفات بعيدا عن المؤثرات الطبقيه والاقتصاديه التي تعمل على تدجين الحب والسلم والانسانيه وتوظيف الانسان لجعله ٱلة سهلة التطويع حتى في فراشه.
ليس سهلا هذا ولكنه ممكن اذا تحررت العقول لتبدع الحلول ويتجرأ الساسه التقدميون والتقدميات لتبنيه وتنفيذه عوض اجترار الماضي وترميمه كما يفعل الحكام .